خولاني عبدالقادر
يضطر بعض العاطلين عن العمل إلى اتخاذ لنفسهم وظيفة مقنعة “بائع متجول” حيث أنها لا تحتاج إلى أموال كثيرة لمزاولتها ، فلا يحتاج صاحبها استئجار محل أو دفع ضرائب أو مصاريف أخرى …، في حين أغلب البائعين المتجولين غير راضين عن هذه المهنة ولكن الظروف المادية تضطرهم لمزاولتها ، ويقومون بعرض بضائعهم في الطرقات غير مبالين بالأذى الذي يمكن أن يصيب المستهلك في صحته و التاجر في بضاعته ، أضف إلى ذلك ظاهرة احتلال الملك العمومي الجماعي من جانب العديد من أرباب المقاهي و المتاجر و الحرفيين ، تؤرق السلطات المحلية والمواطنين على السواء بالنظر لانعكاساتها السلبية على جميع الأصعدة ….
فعمالة المضيق الفنيدق يشهد كغيرها من أقاليم المملكة انتشار واسع للباعة المتجولين في العديد من الأماكن العمومية ، بكل من مدينة مرتيل ، المضيق و الفنيدق، رغم الحملات الأمنية التي تشترك فيها عناصر من الشرطة الإدارية و القوات المساعدة و أفراد من الأمن الإقليمي للسيطرة على الظاهرة ، الحالة التي تشوه جمالية المدن ، ويصعب معها فرض الضوابط السلامة الصحية على البضائع و أمن وسلامة المواطنات و المواطنين ، خاصة و نحن نعيش حالة غير مستقرة بفعل الجائحة ، كما أن بضائع الباعة المتجولين تتنوع و تختلف حسب المناطق و الأماكن ، ويتدفقون أمام المساجد و خاصة في أوقات الصلاة ،إلا أن تزايد عددهم واحتلالهم لقارعة الطريق لبيع سلعهم من الخضر والفواكه و ألبسة محلية و مستوردة أو التي كانت مخزنة لشهور عديدة بفعل الكساد التجاري و المهربة من مدينة سبتة المحتلة ، يخلق نوعا من الفوضى والضجيج إضافة إلى تراكم الأزبال وانتشار الروائح الكريهة والكلام الساقط والمشاجرات في بعض الأحيان.
زد على ذلك تعرض تجار السوق لحالة الإفلاس جراء انتشار العشوائي للباعة المتجولين بأماكن جد حساسة ومنافستهم واحتلالهم للممرات المؤدية للأسواق و للمحلات التجارية قصد عرض سلعهم، مانعين دون قصد المواطنين من ولوج الأسواق لاقتناء ما يخصهم بفعل المحاصرة المضروبة على أبواب الأسواق المركزية و غيرها من الأسواق المنتشرة في كل حي شعبي بطريقة متحدية للسلطات المحلية ، الشيء الذي يلحق الضرر بالتجارة المنظمة، مما أذى بالعديد منهم إلى إغلاق محلاتهم داخل الأسواق التجارية و خارجها ،التي أنفقت عليها الدولة الملايين من الدراهم .
فاستفحال الوضع دفع بعض التجار و الحرفيين إلى الخروج مكرهين أو بالأحرى مجبرين إلى الساحات المقابلة للأسواق قصد بيع سلعهم لسد حاجياتهم مما سبب في تفاقم الوضع ، هذا يحدث رغم المجهودات الجبارة التي تقوم بها مكاتب و مصالح الجماعات الترابية و خاصة مصلحة النظافة ، بدعم ومساندة من السيد الباشا وقواد المقاطعات و أعوان السلطة رفقة عناصر القوات المساعدة للحفاظ على جمالية المدينة و سلامة صحة المواطنين بمنع الباعة من وضع بضائعهم في قارعة الطريق ، الفعل الذي يسبب عرقلة واضحة لعملية السير و الجولان وجهد إضافي لرجال الأمن ، وذلك في عدة حملات لإخلاء الأرصفة و الطرق المحيطة بالسوق، و محاولة منهم منع الباعة من التجول في وسط المدينة مع التهديد بمصادرة أي بضاعة لا يلتزم صاحبها بالقرار….
لتبقى لعبة الشد والجذب بين السلطات المحلية والباعة المتجولين ، وسط استنكار الباعة لحملات سابقة لم تصمد أمام إصرار الباعة على عرض موادهم في الشوارع ضاربين عرض الحائط القوانين المؤثثة للتجارة الحرة ، داعين السلطات إلى توفير بديل مناسب لهم ، علما أنه في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية قصد تسلم الباعة المتجولين عربات جديدة لاحتضانهم وأغلبها لم تستعمل ….مما يتطلب من رؤساء المجالس الجماعات الترابية تفعيل دور الشرطة الإدارية من خلال القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات ، خاصة المادة 100 منه التي تنص على أن “يمارس رئيس مجلس الجماعة صلاحيات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور، وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية بواسطة تدابير شرطة فردية تتمثل في الإذن أو الأمر أو المنع….” ، ولتنفيذ قرارات رؤساء المجالس الجماعية على السلطة المحلية (باشا وقواد المقاطعات وأعوان السلطة..) أن تتحمل مسؤوليتها في تنفيذ هذه القرارات وتفعيلها على أرض الواقع حتى لا تبقى حبرا على ورق…