الرئيسية غير مصنف المصطفى لغزال.. قاضٍ فقيه بصم تاريخ العدالة المغربية بتميزه العلمي واستقامته المهنية

المصطفى لغزال.. قاضٍ فقيه بصم تاريخ العدالة المغربية بتميزه العلمي واستقامته المهنية

IMG 0310
كتبه كتب في 3 يونيو، 2025 - 5:07 مساءً

بقلم عزيز بنحريميدة

في صمت الكبار، وبهيبة من وهبوا حياتهم لخدمة العدالة، يعد الأستاذ المصطفى لغزال، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط، واحداً من أبرز رجالات القضاء المغربي، ممن جمعوا بين التمكن الفقهي والحنكة القانونية والنزاهة الأخلاقية، فكان بذلك تجسيدًا حقيقيًا لجيل القضاة الفقهاء الذين آمنوا بأن القضاء ليس وظيفة، بل رسالة ومسؤولية أمام الله والوطن والتاريخ.

ينتمي الأستاذ لغزال إلى نخبة قضائية رفيعة، تميزت بتكوين علمي معمق في فقه القانون، وبقدرة على تأصيل الأحكام وفق مرجعيات تشريعية محكمة، دون أن يغيب عنها البعد الإنساني الذي جعل من قضاة أمثاله حماة للحق، لا حراسًا للنصوص الجامدة. لقد عرف عنه التدقيق المتأني في المقتضيات القانونية، والاجتهاد المستمر في البحث عن التوازن بين نص القانون وروح العدالة.

طيلة مساره المهني، الذي تدرج فيه بخطى ثابتة ومسؤولية رصينة، ظل الأستاذ لغزال وفيًا لقيم النزاهة والجدية والتفاني في العمل، واضعًا نصب عينيه مصلحة المتقاضين، وحسن سير العدالة، ومكانة القضاء في المجتمع. لم يكن من أولئك الذين تجذبهم الأضواء أو تغريهم المناصب، بل كان قاضيًا بالمبدأ والموقف، بمرجع فقهي متين، وخبرة راكمها في مختلف المواقع التي تقلدها داخل دواليب السلطة القضائية.

وقد استطاع الأستاذ المصطفى لغزال، خلال قيادته لمحكمة الاستئناف بالعاصمة، أن يرسخ ثقافة الانضباط القضائي، ويعزز آليات النجاعة، ويوطد الثقة في المرفق القضائي، سواء من داخل المؤسسة أو لدى المتقاضين. فحضوره ليس فقط مؤسسيًا، بل رمزيًا أيضًا، لما يجسده من توازن بين السلطة والمسؤولية، وبين الحزم والعدل.

إن البصمة التي تركها هذا القاضي الجليل، لا تنحصر فقط في الأحكام التي صدرت تحت إشرافه، بل تتجلى أيضًا في الأثر الذي خلفه في نفوس زملائه وتلامذته وكل من عمل إلى جانبه. بصمة علمية، وأخلاقية، ومؤسساتية، ستظل موشومة في سجل القضاء المغربي كواحدة من أبرز المحطات التي ميزت مسيرة العدالة في المملكة.

في زمن تتعالى فيه الحاجة إلى قدوات قضائية حقيقية، يبقى الأستاذ المصطفى لغزال عنوانًا للثبات، ومثالًا للقاضي الفقيه الذي فهم القانون في عمقه، ومارسه بضمير حي، ونقله إلى الأجيال القادمة كأمانة لا تقبل التنازل ولا التفريط.

تحية تقدير وإجلال لهذا الرجل الذي سيظل اسمه راسخًا في ذاكرة القضاء، وفي وجدان كل من آمن بأن العدالة تبدأ من ضمير قاضٍ نزيه

مشاركة