بقلم:عشار أسامة
في كل حملة لتحرير الملك العمومي أو مراقبة الأسواق، يقف الصحفي خلف عدسته، باحثاً عن مشهد يوثق واقعاً ويضعه أمام أعين الرأي العام. وبينما يشتغل من منطلق الواجب المهني، كثيراً ما يجد نفسه في مواجهة مع سلطات محلية أو مواطنين يرفضون وجوده، بدعوى “المنع من التصوير” أو “انتهاك الخصوصية”.
الواقع أن التصوير في الفضاء العام حق مشروع للصحفي المهني، ما دام يزاول عمله في إطار القانون ويحترم أخلاقيات المهنة. فتوثيق حملات تحرير الأرصفة، أو مراقبة الجودة والأسعار، ليس فقط عملاً إعلامياً، بل يدخل في صلب المراقبة المجتمعية التي تعزز الشفافية والمحاسبة. غير أن هذا الحق سرعان ما يصطدم بثقافة المنع، سواء من أطراف رسمية لا تستسيغ الكاميرا، أو من أشخاص عاديين يرفضون أن يكونوا ضمن مشاهد الحدث.
المعضلة هنا ليست فقط قانونية، بل أيضاً ثقافية. فالكثيرون لا يفرقون بين التصوير بهدف التشهير، والتصوير المهني الذي يراعي مبدأ المصلحة العامة. ومع ذلك، تظل هناك حدود يجب على الصحفي احترامها، أبرزها عدم تصوير أشخاص في أوضاع حاطة بالكرامة أو نشر صورهم دون موافقة، خصوصاً إذا لم تكن لهم علاقة مباشرة بالحدث.
غالباً ما يجد الصحفي نفسه في وضع حساس: إن امتنع عن التصوير، خان مهنته، وإن أصر، وُجهت له اتهامات بالتجاوز أو افتعال المشاكل. وما يزيد الوضع تعقيداً هو غياب نصوص واضحة تُحصّن المصور المهني وتحمي في الوقت ذاته حقوق الأفراد.
بين مسؤولية التوثيق وحدود القانون، يشتغل الصحفي وسط حقل ألغام حقيقي، حيث الخطأ قد يؤدي إلى المتابعة، بينما الصمت قد يطمس الحقيقة. ومع تزايد التوترات في الميدان، يبقى الحل في فتح نقاش وطني يوضح ما للصحفي وما عليه، ويضع حداً لهذا التوتر المزمن بين العدسة والسلطة، وبين حرية الإعلام واحترام الحقوق الفردية.