صوت العدالة – عبد السلام اسريفي
تعرف الشوارع الرئيسية للخميسات والأزقة اكتساحا خطيرا للباعة الجائلين،لدرجة أصبح معه من المستحيل المشي فوق الرصيف بسبب السلع المنتشرة والمعروضة بشكل عشوائي.
هذه الظاهرة،أرهقت فعلا السلطات المحلية بالخميسات،كما هو الشأن بباقي مدن المغرب،ما جعلها في كثير من الأحيان،تتراجع للوراء وتنتظر مبادرات من جهات أخرى،والمبرر دائما عدم وجود عناصر كافية لتنفيذ مقررات المجلس في موضوع تنظيم الباعة الجائلين.
ويرجع المجتمع المدني والمهتمين بالشأن المحلي سبب فشل هذه المبادرة الى غياب ارادة حقيقية لدى المسؤولين في المدينة،وتدخل عناصر مقاومة في الموضوع،سياسية بالدرجة الأولى،ما يجعل تنفيذها أمرا صعبا إن لم يكن مستحيلا،هذا بالاضافة الى نقص في عناصر القوات المساعدة والشرطة الادارية ورجال الأمن،أمام غياب بديل يحظى بقبول هذه الفئة ،ويضمن بالتالي حركية اقتصادية مقبولة في مدينة طالها النسيان والتهميش.
ويطالب الباعة الجائلون بالخميسات بسوق نموذجي تتوفر فيه كل المرافق الصحية وفي موقع يضمن رواج تجاري مقبول،وتحسين ظروف اشتغال التجار، وضمان استقرار الباعة المتجولين، واجتثات البنيات العشوائية، وتحرير الملك العمومي، والارتقاء بجاذبية المشهد الحضري.
كما يطالبون بمشروع بديل يساعد على النهوض بالاقتصاد التضامني، وإدماج التجارة غير المهيكلة ضمن النسيج الاقتصادي، وتحسين الجودة والسلامة الصحية للمنتوجات المعروضة للبيع، وتطوير البنية الاقتصادية والتجارية.
أمام هذا الوضع المأساوي،هل يستطيع باشا الخميسات الجديد فك لغز الباعة الجائلين ؟ هل يملك بديل مقبول يساعد على تحرير الملك العمومي من اكتساح التجارة الغير المهيكلة؟هي أسئلة كثيرة تنتظر القادم الجديد،رغم أنها لا تملك كلها أجوبة شافية،حيث وحسب مصادرنا بالمدينة،فالمسألة لا تنحصر في تحرير الملك العمومي،وجمع الباعة في أمكنة معينة،بل هناك عناصر أخرى يجب استحضارها خلال البحث في الموضوع،ما يوحي بوجود لوبي يقاوم تنظيم هذه الفئة وينتعش من الفوضى التي تعرفها شوارع وأزقة المدينة،وفريق من الوسطاء والمتاجرين بمشاريع إعادة التنظيم وهيكلة القطاع غير المهيكل والتجار المهنيين بشكل خاص، وهو ما يشبه بشكل كبير ما تعانيه عملية إعادة إيواء سكان دور الصفيح،حيث أن فشل عمليات إعادة تنظيم الباعة والتجار المتجولين يعكس في العمق إشكالية في المقاربات المنتهجة، والتي تتسم أساسا باعتمادها على تصحيح الأوضاع القائمة دون استباق الحاجيات المجتمعية والاقتصادية في هذا المجال، وهو يطرح معضلة إعداد التراب وضرورة استحضار كل جوانب الحياة اليومية للمواطنين، خصوصا تلك المتعلقة بتنظيم الأنشطة الاقتصادية.
