صوت العدالة : محمد زريوح
شهدت مدينة الناظور، يوم السبت 15 نونبر، حدثًا ثقافيًا وإنسانيًا استثنائيًا، حيث تم تكريم الشاعرة والأميرة الدكتورة سعاد الصباح في مهرجان سينما الذاكرة المشتركة في دورته الـ14. وقد تم تنظيم هذه الدورة تحت شعار “الوفاء للوفاء”، تكريمًا لشخصيات تركت بصمة واضحة في مجال الثقافة الإنسانية، وجعلت من الكلمة جسرًا للسلام.
يأتي تكريم الشاعرة سعاد الصباح تقديرًا لمسارها الإبداعي والفكري الذي امتد لعقود طويلة، حيث تُعتبر إحدى أبرز الأصوات الشعرية في العالم العربي. من خلال أشعارها، دافعت سعاد الصباح عن قضايا الحرية وكرامة الإنسان، وجعلت من الشعر أداة للتغيير والدعوة إلى السلام. طوال مسيرتها، أضافت للمكتبة الأدبية العربية مجموعة من الأعمال التي تعكس قوتها الفكرية وتفردها في معالجة قضايا المرأة والمجتمع. كما لعبت دورًا محوريًا في دعم الإبداع العربي، وأسهمت في تأسيس العديد من المبادرات الثقافية والجمعيات الأدبية التي تسعى لإبراز الأجيال الجديدة من الشعراء والكتّاب.

وفي كلمة رئيس مهرجان سينما الذاكرة المشتركة، السيد عبد السلام بوطيب، أكّد أن تكريم سعاد الصباح هو اعتراف ليس فقط بشاعرة مبدعة، بل أيضًا برمز من رموز الوفاء الفكري الذي جعل من الكلمة وسيلة لصنع السلام. وأضاف بوطيب قائلاً: “سعاد الصباح لم تكتب فقط بشجاعة، بل دافعت عن الإنسان والحرية في عالم مليء بالتحديات، وكان لها دور أساسي في تغيير نظرة العالم للكلمة كأداة للتواصل وبناء الجسور بين الشعوب”. وبذلك، لم يكن تكريم سعاد الصباح مجرد احتفاء بشاعرة، بل هو تكريم لرمز فكري يعكس الوفاء للقيم الإنسانية.
وقد شهد الحفل حضور شخصيات ثقافية وفكرية مرموقة من مختلف أنحاء العالم، الذين أجمعوا على أن سعاد الصباح تمثل نموذجًا فريدًا في الفكر العربي، حيث تجمع بين الشاعرية العميقة والفكر الملتزم بقضايا الإنسان. العديد من الأدباء من أوروبا وأفريقيا أشاروا إلى أن تجربتها تتجاوز حدود الشعر وتصل إلى فضاءات أرحب للدفاع عن القيم الإنسانية المشتركة. كما أشاد الكتاب العرب بتأثيرها الكبير في دعم قضايا المرأة والمساهمة في تعزيز القيم الإنسانية على الصعيدين المحلي والعالمي.

لقد منح مهرجان الناظور هذا الحدث بُعدًا عاطفيًا خاصًا، حيث لم يكن التكريم مجرد لحظة من الاحتفال، بل كان احتفاء حقيقيًا بتقدير امرأة تركت بصمة واضحة في الثقافة العربية وأسهمت في بناء جسور ثقافية بين الشعوب عبر الأدب والدبلوماسية الثقافية. تكريم سعاد الصباح جاء في وقت حاسم، حيث كانت الحاجة إلى قيم السلم والعدالة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

هذا التكريم لم يكن سوى تتويجًا لمسار طويل دام لأكثر من نصف قرن من العطاء والإبداع. فقد كانت أعمال سعاد الصباح الشعرية مترجمة إلى العديد من اللغات، وحصلت على جوائز عربية وعالمية، مما جعل حضورها الثقافي علامة فارقة في المشهد الأدبي العربي والعالمي. حضورها لا يزال يشكل مصدر إلهام للأجيال القادمة من الكتاب والشعراء الذين يتطلعون إلى تكرار تجربتها الناجحة.
كما تم تكريم الأستاذ عبد القادر بحياتي، المحامي المعروف والنقيب السابق لهيئة المحامين بالناظور، تقديرًا لمسار قانوني حافل بالعطاء. فقد قدم الأستاذ بحياتي الكثير للمهنة وللمجتمع، حيث كان دائمًا مثالًا للمهنيّة العالية والنزاهة. كان مدافعًا مخلصًا عن حقوق المظلومين، وجاء تكريمه ليتوج عقودًا من النضال الهادئ داخل أروقة المحاكم، باعتباره واحدًا من أبرز الأسماء في مجال الدفاع عن الحق والقانون.

كانت هذه الاحتفالية في الناظور بمثابة مناسبة مميزة لتكريم شخصيات تستحق التقدير، سواء في مجال الشعر أو في مجال العدالة، حيث أسهمت كل منهما في خدمة المجتمع وتقديم العطاء المستمر للثقافة الإنسانية. جاءت هذه اللحظة لتؤكد على أهمية الوفاء للقيم الإنسانية والمبادئ النبيلة التي تسعى إلى بناء عالم أفضل، ليظل هؤلاء المكرمون مصادر إلهام للقادمين من بعدهم.

