اختتم وفد مغربي رفيع المستوى يمثل جهة الداخلة وادي الذهب زيارته الرسمية إلى جمهورية ليبيريا، في محطة وُصفت بـ”الناجحة” من حيث النتائج والاتفاقيات التي تم توقيعها مع عدد من المؤسسات والوزارات الليبيرية، في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والدبلوماسي بين المغرب ودول غرب إفريقيا.
وضم الوفد شخصيات وازنة يتقدّمهم السيد الخطاط ينجا، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، والسيد محمد ميشان حبت، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالجهة، إلى جانب السيد حمة أهل بابا، رئيس مجلس مجموعة الجماعات الترابية بالداخلة، والسيد مامي رمضان، رئيس جماعة ميجك، وعدد من الفاعلين الاقتصاديين وأعضاء الغرفة الإفريقية للتجارة والخدمات.
لقاءات رسمية رفيعة وتوقيع اتفاقيات مؤسساتية
خلال هذه الزيارة، عقد الوفد المغربي لقاءات رسمية مكثفة مع مسؤولين حكوميين ليبيريين، من بينهم وزارة الشؤون الخارجية، ووزارة التجارة والصناعة، ووزارة التعليم والتكوين المهني، ووزارة الصيد البحري، إضافة إلى عدد من الهيئات الاقتصادية والمهنية.
وقد تم خلال هذه الاجتماعات توقيع اتفاقيات تعاون وشراكة مؤسساتية تروم تبادل الخبرات وتطوير المبادلات الاقتصادية والتجارية، وتعزيز الاستثمارات في مجالات الرقمنة، والتعليم المهني، وريادة الأعمال، والاقتصاد الأزرق، إلى جانب دعم برامج التكوين المستمر لفائدة الشباب الليبيري.
الغرفة الإفريقية للتجارة والخدمات.. جسر للتعاون الاقتصادي القاري
وشكّلت هذه الزيارة أيضًا فرصة لتأكيد الدور المحوري للغرفة الإفريقية للتجارة والخدمات (CACS) في مواكبة هذه الدينامية الإفريقية الجديدة.
فقد قاد السيد عبد المنعم فوزي، رئيس الغرفة، بمعية نائبه السيد عبد العزيز العلوي والأمين العام السيد يوسف كون، مجموعة من اللقاءات مع نظرائهم الليبيريين، تمخض عنها توقيع مذكرات تفاهم تهدف إلى دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة وتبادل الكفاءات الإفريقية في المجال الاقتصادي.
وأكّد السيد فوزي أن هذه الجولة تعكس التزام الغرفة الإفريقية بترجمة التعاون جنوب–جنوب إلى مشاريع ملموسة تعود بالنفع على شعوب القارة، فيما نوّه نائبه السيد العلوي بـ”روح الانفتاح والمسؤولية” التي طبعت النقاشات واللقاءات، مؤكدًا أن المغرب اليوم يشكّل مرجعًا قارّيًا في العمل الاقتصادي المتكامل.
دعم دبلوماسي فعّال من المقيم بالأعمال المغربي
وقد جرت هذه الزيارة في أجواء متميزة من التنسيق الدبلوماسي، بفضل مواكبة القائم بالأعمال المغربي في مونروفيا، السيد الحسين رحوني، الذي سهر شخصيًا على إنجاح هذه المحطة من خلال تنسيق اللقاءات وتيسير التواصل بين الوفد المغربي والسلطات الليبيرية.
وأشاد أعضاء الوفد المغربي بـ الاحترافية العالية والحضور الميداني المتميز للسيد رحوني، مؤكدين أن الدبلوماسية المغربية في إفريقيا أثبتت مرة أخرى فاعليتها وقربها من الفاعلين والمؤسسات.
مشاريع واعدة في الرقمنة والتكوين
وفي الجانب الاقتصادي والتقني، تم إطلاق مشاريع جديدة في مجال الرقمنة والتكوين المهني، بشراكة بين الوفد المغربي ومؤسسة Web4Jobs.
وأوضح السيد أيمن بونري، المدير التنفيذي للمؤسسة، أن الاتفاقية الموقعة مع الشركاء الليبيريين تهدف إلى إحداث أول مركز مغربي–ليبيري لتكوين الشباب في مجال البرمجة والتكنولوجيا الحديثة، بعد النجاح الذي عرفه المشروع ذاته في سيراليون.
وأكد أن هذا المشروع يُجسّد التزام المغرب بمواكبة التحول الرقمي في إفريقيا، من خلال نقل الخبرة المغربية في التعليم التكنولوجي وريادة الأعمال الرقمية.
⸻
الطلبة الليبيريون خريجو الجامعات المغربية.. روابط إنسانية متينة
كما التقى الوفد المغربي خلال زيارته بالعاصمة مونروفيا بعدد من ممثلي جمعية الطلبة الليبيريين الذين درسوا في المغرب.
وفي هذا الإطار، عبّر رئيس الجمعية السيد دوبر ميغيل عن اعتزازه الكبير بالعلاقات التاريخية التي تجمع الشعبين، قائلاً:
“لقد تعلّمنا في المغرب قيم الانفتاح والتعايش، والمغرب لم يكن مجرد بلد مضيف، بل وطن ثانٍ لكل الطلبة الليبيريين.”
وأكد أن خريجي الجامعات المغربية أصبحوا اليوم يشغلون مناصب مهمة في مختلف القطاعات الحكومية بليبيريا، وهو ما يجعل من التعاون الأكاديمي والثقافي بين البلدين ركيزة حقيقية لتعزيز العلاقات الثنائية.
تصريحات الوفد المغربي
في ختام الزيارة، صرّح رئيس جهة الداخلة وادي الذهب السيد الخطاط ينجا بأن هذه الجولة تُترجم عمليًا الرؤية الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، التي جعلت من التعاون جنوب–جنوب خيارًا استراتيجيًا لبناء إفريقيا متضامنة ومزدهرة.
من جانبه، أبرز السيد محمد ميشان حبت، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الداخلة، أن الاتفاقيات الموقعة في ليبيريا تمثل دفعة قوية للتعاون الاقتصادي القاري، مؤكّدًا أن جهة الداخلة أصبحت اليوم واجهة اقتصادية للمغرب نحو إفريقيا بفضل استراتيجيتها المنفتحة وشراكاتها المتجددة.
ختام يرسّخ مكانة المغرب كفاعل قارّي
واختُتمت الزيارة في أجواء من التقدير المتبادل، حيث أجمع الجانبان على أهمية مواصلة هذا المسار المشترك وتفعيل الاتفاقيات الموقعة في الميدان، لما فيه مصلحة الطرفين.
من الداخلة إلى مونروفيا، ومن الأقاليم الجنوبية إلى قلب غرب إفريقيا، يواصل المغرب ترسيخ حضوره الاقتصادي والدبلوماسي كجسرٍ للتعاون الإفريقي المشترك، يقوم على العمل، والاحترام، والنتائج الملموسة.












