الرئيسية غير مصنف ترامب.. الرئيس الذي قلب معادلة الدبلوماسية وكرّس مغربيةالصحراء

ترامب.. الرئيس الذي قلب معادلة الدبلوماسية وكرّس مغربيةالصحراء

IMG 2622
كتبه كتب في 29 أكتوبر، 2025 - 3:04 صباحًا

بقلم. عزيز بنحريميدة

نادرًا ما يخرج زعيمٌ عن الخطوط المرسومة للدبلوماسية التقليدية.خاصة في عالم السياسة الدولية غير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اختار أن يسير عكس التيار، وأن يُحدث قطيعةً مع المفهوم الكلاسيكي للعلاقات الدولية، حيث المجاملة أحيانًا تُغلّف المواقف، والمناورة تُغطي الحقائق.
ترامب، بخطابه المباشر وصراحته الجارحة، أعاد تعريف الدبلوماسية كمنهجٍ يقوم على المواجهة والندية والدفاع الصريح عن المصالح الأمريكية دون أي مجاملات أو حسابات جانبية. فهو لا يؤمن بنصف المواقف، ولا يخشى الاصطدام، بل جعل من الوضوح سلاحًا ومن الجرأة أسلوبًا.

واقعيّته لا تعرف الأقنعة خاصة في مواقفه مع الخصوم والحلفاء على السواء حيث ، جسّد ترامب مدرسة جديدة في التعامل السياسي عنوانها الواقعية القاسية. فهو يرى أن التحالفات لا تُبنى على العاطفة أو المجاملة، بل على تبادل المصالح الواضح.
لم يكن يخجل من انتقاد أقرب الحلفاء الأوروبيين، كما لم يتردد في مواجهة خصومه الكبار كالصين وروسيا وإيران بأسلوب مباشر وغير مألوف في لغة السياسة. تلك الصراحة جعلت منه رئيسًا مثيرًا للجدل، لكنه في الوقت نفسه استطاع أن يفرض على الساحة الدولية لغة جديدة في الدبلوماسية، قائمة على الشجاعة لا على التحفظ.

ومن بين أبرز القرارات التي ستظل تُخلَّد في سجلّ السياسة الدولية لترامب، اعترافه الرسمي بمغربية الصحراء في دجنبر 2020، في خطوة تاريخية غير مسبوقة في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
فبإعلانه الواضح، كرّس ترامب موقف الولايات المتحدة إلى جانب المغرب، واعتبر أن مقترح الحكم الذاتي الذي قدّمه المغرب منذ سنة 2007 هو الحل الواقعي والوحيد لتسوية هذا النزاع.
ولم يكتفِ ترامب بالإعلان السياسي فحسب، بل وضع مسودة لدى مجلس الأمن الدولي لتكون أرضية لإنهاء النزاع على أساس الطرح المغربي، مما فتح آفاقًا جديدة أمام المسار الأممي وأحدث تحوّلًا في مواقف عدد من الدول المؤثرة التي تبنّت لاحقًا المقاربة نفسها.

بهذا القرار، لم يكن ترامب يسعى فقط لتسجيل نقطة سياسية، بل أعاد رسم توازنات جديدة في المنطقة المغاربية والإفريقية. فقد أدرك أن استقرار شمال إفريقيا لن يتحقق إلا بإنهاء هذا النزاع المفتعل، وأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تمثل الحلّ العملي الذي يجمع بين السيادة والوحدة الترابية واحترام خصوصية المنطقة.
فالاعتراف الأمريكي لم يكن مجرد إعلان، بل نقلة استراتيجية جعلت العديد من الدول الأوروبية واللاتينية والعربية تراجع مواقفها القديمة، وتفتح قنصلياتها في العيون والداخلة، في اعترافٍ دبلوماسيّ متزايد بمغربية الصحراء.

قد يختلف المراقبون في تقييم تجربة ترامب، لكن لا أحد يمكنه أن ينكر أنه الرئيس الذي قلب موازين الدبلوماسية، وخرج من دائرة الخطاب الدبلوماسي المعلّب إلى ساحة المواجهة المفتوحة.
في خضمّ كل التغييرات، بقي موقفه من الصحراء المغربية أكثر القرارات وضوحًا وجرأةً في السياسة الخارجية الأمريكية، لأنه لم يكن قرارًا عابرًا، بل إعلانًا صريحًا بانتصار الواقعية السياسية على المناورات الإيديولوجية.

مشاركة