الرئيسية غير مصنف جيل قضائي جديد يسطع في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء: ثقة تتجدد في القضاة الشباب

جيل قضائي جديد يسطع في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء: ثقة تتجدد في القضاة الشباب

IMG 8054
كتبه كتب في 15 أكتوبر، 2025 - 2:51 مساءً

بقلم عزيز بنحريميدة

من النادر أن يشعر المتتبع للشأن القضائي بالفخر والاطمئنان بمجرد ولوجه أروقة محكمة، لكن ما حصل اليوم في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء كان مختلفاً بحق. فمن أول نظرة إلى قاعات الجلسات، يلفت الانتباه حضور وجوه قضائية شابة تتولى رئاسة الجلسات بثقة واقتدار، تجمع بين الحنكة والنزاهة والتكوين القانوني الرصين، في مشهد يجسد التحول الإيجابي الذي يعرفه الجسم القضائي المغربي في السنوات الأخيرة.

القضاة الشباب الذين يتولون اليوم مهام جساماً داخل محكمة الاستئناف بالدار البيضاء لا يمثلون فقط نموذجاً لجيل جديد من رجال القضاء، بل يجسدون أيضاً رؤية إصلاحية تبناها المجلس الأعلى للسلطة القضائية منذ تولي جلالة الملك محمد السادس نصره الله الإشراف الفعلي على ورش إصلاح منظومة العدالة.

هؤلاء القضاة، الذين راكموا تجربة عملية داخل المحاكم الابتدائية، قبل أن يُقلدوا مسؤولياتهم الجديدة، أبانوا عن كفاءة عالية في تسيير الجلسات، وضبط إيقاعها، وتدبير الملفات المعروضة عليهم بحزم ومرونة في آن واحد، مما يعكس نضجاً مهنياً يبعث على التفاؤل بمستقبل العدالة المغربية.

لا شك أن اختيار هذه النخبة الشابة من طرف السيد رئيس محكمة الاستئناف بالدار البيضاء لتولي رئاسة الجلسات والسيد الوكيل العام لم يكن اعتباطياً، بل جاء تتويجاً لمسار مهني مبني على الجدية، والاستقامة، والإلمام العميق بالقانون وباجتهادات محكمة النقض، وهو ما يجعل من هذه المبادرة نموذجاً يُحتذى في باقي المحاكم المغربية.

إن منح الثقة للقضاة الشباب ليس مجرّد تشجيع رمزي، بل هو تجسيد فعلي لسياسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي ما فتئ يؤكد في مختلف دورياته وبلاغاته على ضرورة الانفتاح على الطاقات الشابة، وتأهيلها، ومنحها الفرصة لتحمل المسؤولية، في إطار تدرج مهني يزاوج بين التكوين الأكاديمي المستمر والخبرة الميدانية.

منذ تأسيسه سنة 2017، جعل المجلس الأعلى للسلطة القضائية من دعم القضاة الشباب وتمكينهم من المناصب القضائية الرفيعة أحد أهم ركائزه، انسجاماً مع التوجه الملكي القاضي بإرساء قضاء قريب من المواطن، نزيه، وفعال.

وقد تم إحداث برامج تكوينية متقدمة، داخل وخارج المملكة، لتأهيل الجيل الجديد من القضاة في مجالات العدالة الرقمية، والوسائل البديلة لحل النزاعات، والعدالة الجنائية الحديثة، وهو ما انعكس على أداء العديد من المحاكم التي تشهد اليوم حيوية قضائية غير مسبوقة.

ما يبعث على الارتياح أن هذا الجيل من القضاة الشباب لا يكتفي بأداء الواجب المهني في صمت، بل يحمل في داخله وعياً وطنياً عميقاً بمسؤولية الدفاع عن هيبة القضاء وصورته أمام المجتمع، في وقت تزداد فيه التحديات المرتبطة بثقة المواطن في العدالة.

إن إشراقة هؤلاء القضاة في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تمثل رسالة أمل وتحفيز لبقية زملائهم في مختلف ربوع المملكة، ودعوة للمضي قدماً في مسار الإصلاح الذي يستند إلى قيم الكفاءة، والنزاهة، والشفافية، والعمل الجماعي.

إن ما نشهده اليوم من بروز لقضاة شباب في مراكز المسؤولية يبعث على الفخر، ويؤكد أن العدالة المغربية تسير بثبات نحو التجديد والتحديث في ظل توجيهات المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة.

جيل اليوم هو عنوان المستقبل، ومتى اجتمع في القاضي العلم بالنزاهة، والحزم بالاعتدال، والهيبة بالتواضع، فإننا أمام قضاء يُعيد للمغاربة ثقتهم في مؤسساتهم، ويكرّس فعلاً شعار “قضاء في خدمة المواطن”.

مشاركة