بقلم: عبد الكبير الحراب
في الوقت الذي يستعد فيه المغرب لاحتضان تظاهرات رياضية كبرى، يطفو إلى السطح سؤال محوري: من يقف وراء إقصاء الشركة المغربية كارا، التي راكمت أكثر من 25 سنة من الخبرة في مجال تأمين الملاعب، لفائدة شركة فرنسية بمبالغ خيالية؟
شركة كارا ليست مجرد اسم في السوق، بل مؤسسة متجذرة في الميدان، رافقت البطولة الوطنية منذ عقود، وحضرت في تظاهرات دولية وازنة. على رأسها يقف الحاج عبد الكريم كارا، بطل عالمي سابق في الملاكمة والكيك بوكسينغ، واسم بارز في مجال الأمن الخاص، حيث أشرف على تأمين شخصيات سياسية ورياضية داخل المغرب وخارجه. هذه الخبرة جعلته ينال تنويهًا رسميًا من رئيس الفيفا ورئيس الكاف، وهو اعتراف دولي نادر بمجهودات شركة مغربية.
مصادر مطلعة كشفت أن قيمة العقد مع الشركة الفرنسية قد تصل إلى أكثر من 5 ملايين يورو سنويًا، أي ما يعادل 55 مليون درهم، وهو رقم يفوق بأضعاف مضاعفة ما كانت تتقاضاه شركة كارا مقابل خدماتها الشاملة. وبحسب نفس المصادر، فإن جزءًا من هذه الأموال يُصرف على “تكاليف إضافية” مرتبطة بوساطة سياسية وشخصيات نافذة، ما يجعل من هذه الصفقة نزيفًا ماليًا يصعب تبريره أمام دافعي الضرائب.
إضافة إلى الشركة الفرنسية، تم إشراك شركات مغربية حديثة التأسيس، مرتبطة مباشرة برجال سياسة وأصحاب نفوذ. لكن غياب التجربة كان واضحًا في مباراة المغرب والنيجر، حيث سجلت فوضى تنظيمية غير مسبوقة: أبواب مغلقة، اكتظاظ جماهيري، وسوء تدبير للولوج والخروج. الكل أجمع أن المستوى التنظيمي لا يليق ببلد يستعد لتنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030.
لماذا يتم تهميش شركة وطنية معترف بخبرتها لصالح شركة أجنبية تلتهم الملايين من العملة الصعبة؟
من المستفيد من إقصاء الكفاءات المغربية وإغراق السوق بعقود مبنية على الولاءات السياسية؟
ألا يشكل هذا القرار تهديدًا لصورة المغرب على الصعيد الدولي إذا تكررت الفوضى في تظاهرات كبرى؟
المغاربة اليوم لا يحتاجون إلى شركات أجنبية تستنزف أموالهم، بل إلى كفاءات وطنية راكمت التجربة والشرعية الميدانية. وإقصاء كارا لا يبدو مجرد قرار إداري عابر، بل صفقة سياسية مالية بامتياز، قد تتحول إلى قنبلة موقوتة في حال لم تتم محاسبة المتورطين فيها.

