الرئيسية أخبار القضاء ندوة قضائية بالقنيطرة تُناقش تحديات الاعتقال الاحتياطي وتدعو إلى مقاربة إنسانية وتشريعية بديلة

ندوة قضائية بالقنيطرة تُناقش تحديات الاعتقال الاحتياطي وتدعو إلى مقاربة إنسانية وتشريعية بديلة

IMG 20250803 WA0058
كتبه كتب في 3 أغسطس، 2025 - 7:55 مساءً

في إطار الدينامية الوطنية الرامية إلى ترشيد الاعتقال الاحتياطي وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، نظمت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة ندوة علمية رفيعة المستوى، خُصّصت لموضوع “الاعتقال الاحتياطي بين جهود الترشيد وإكراهات التنزيل”، حضرها عدد من القضاة والمحامين والفاعلين في العدالة الجنائية.

وشكلت مداخلة الأستاذ عبد الصمد البردعي، النائب الأول لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية، لحظة بارزة في أشغال هذه الندوة، حيث قدم قراءة قانونية معمقة سلطت الضوء على تعقيدات الاعتقال الاحتياطي من زاوية النيابة العامة، داعياً إلى ضرورة أنسنة هذا التدبير وتحقيق التوازن بين حماية النظام العام وضمان الحقوق الفردية.

اعتقال استثنائي وليس قاعدة

أكد الأستاذ البردعي أن الاعتقال الاحتياطي ليس مجرد إجراء عابر، بل هو آلية قانونية دقيقة، تتطلب قراءة استراتيجية تراعي التحولات الجارية في السياسات الجنائية. وأوضح أن هذا التدبير موجه لأشخاص لم تُصدر بحقهم أحكام نهائية، ما يُحتّم تحديث المفاهيم القانونية، انسجاماً مع التجارب الدولية، خاصة الأوروبية منها.

وشدد المتدخل على ضرورة إعادة النظر في فلسفة التجريم والعقاب، معتبرًا أن التشريعات الزجرية المكثفة تعيق ترشيد الاعتقال، داعياً إلى اعتماد العقوبات البديلة المنصوص عليها في القانون رقم 22.43، كالعمل من أجل المنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، والعلاج الإجباري والغرامات اليومية، في أفق تقليص اللجوء إلى السجن.

تحديات التنزيل والواقع العملي

رغم التقدم التشريعي، أشار البردعي إلى محدودية البدائل العملية المتوفرة، مطالباً بالإسراع في تفعيل النصوص ذات الصلة لتخفيف الاكتظاظ السجني، والارتقاء بفعالية العدالة الجنائية. كما شدد على أهمية تدبير الزمن القضائي باحترام الآجال المنصوص عليها في المعايير الدولية والوطنية، عبر الاسترشاد بالآجال المعيارية المعتمدة حديثًا.

ومن النقاط الجوهرية التي تطرق إليها، التأكيد على ضرورة توحيد الجهود بين النيابة العامة وباقي الفاعلين في المنظومة الجنائية، مشيراً إلى أهمية دور المرصد الوطني للجريمة في تحليل مسبباتها واقتراح حلول استباقية للحد منها.

نحو مقاربة تواصلية وتحسيسية

في جانب آخر، دعا الأستاذ البردعي إلى ضرورة نشر الثقافة القانونية لدى المواطنين، خاصة ما يتعلق بالاعتقال الاحتياطي، مشيراً إلى أن هذا الإجراء يجب أن يبقى استثناءً يُلجأ إليه فقط في الحالات التي تستدعي ذلك، مثل خطورة الأفعال أو الأشخاص.

كما قدم مجموعة من الآليات العملية لأجل أنسنة تدبير الاعتقال الاحتياطي، من بينها اللجوء إلى الصلح، وتفعيل سلطة الملاءمة في الحفظ أو وقف المتابعة، واعتماد الوسائل العلمية الحديثة كالأدلة التقنية والجينية، بما يعزز جودة المحاكمات ويقلل من الإجراءات غير الضرورية.

خلاصات وتوصيات

وختم الأستاذ البردعي مداخلته بالتأكيد على التزام النيابة العامة بمواكبة الوضعية الصحية والإجرائية للمحتفظ بهم رهن الحراسة النظرية، عبر عقد اجتماعات دورية لمراقبة هذه الوضعيات، داعياً إلى تعاون كافة المتدخلين من أجل عقلنة تدبير الاعتقال الاحتياطي، وتخفيض كلفته الاجتماعية والاقتصادية، بما يضمن كرامة المواطن ويخدم العدالة الجنائية الحديثة.

مشاركة