في منطقة طالما وُصفت بـ”الهامش الصامت”، تُقام هذا الصيف تجربة تربوية استثنائية بدار الشباب مولاي الحسن بالهراويين، حيث تستعد المديرية الإقليمية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل بمديونة لتنظيم مخيم القرب ابتداءً من 15 يوليوز 2025، موجّه لفائدة أطفال وفتيان المنطقة في إطار البرنامج الوطني للتخييم.
لكن هذه التجربة تتجاوز بعدها الموسمي، لتشكل حدثًا تربويًا واجتماعيًا يسلط الضوء على إحدى أكثر المناطق عطشًا للثقافة والتنشيط، ويعيد الطفولة إلى الواجهة بوصفها ركيزة لأي مشروع تنموي حقيقي.
من التخييم إلى إعادة تشكيل الفضاء العمومي الطفولي
في ظل ندرة البنيات التربوية، يأتي هذا المخيم كمجال حيوي لإعادة تشكيل علاقة الطفولة بالفضاء العمومي، من خلال أنشطة لا تقتصر على الترفيه، بل تسعى إلى غرس قيم المواطنة، واحترام الآخر، والوعي بالذات والبيئة، ضمن مقاربة دامجة تستهدف الفئات الهشة والمهمشة.
ورشات فنية، رياضية، بيئية، وأخرى في الصحة النفسية والمواطنة، كلها تلتقي في هدف واحد: تمكين الطفل من أدوات التعبير والتفاعل، وتوفير مناخ تربوي يراكم الثقة ويصقل الشخصية.
رؤية محلية ذات بُعد وطني
نجاح هذه التجربة لا ينفصل عن الرؤية الإدارية والتربوية التي يقودها السيد محمد كراع، المدير الإقليمي للوزارة، الذي راهن على أن تكون المؤسسات الشبابية فضاءات فعلية للاندماج، لا مجرد بنايات مغلقة. وبدعم من السيد عبد الحق الفكاك، مدير دار الشباب، تحولت المؤسسة إلى خلية تربوية نشطة، تحتضن المبادرات وتؤطرها بكفاءة ومسؤولية.
هذا العمل لا يمثل مجهودًا ظرفيًا، بل يندرج في سياق إعادة الاعتبار للعدالة المجالية في التخييم، وفتح أبواب التنمية الثقافية أمام الأطفال في مناطق تعاني من التهميش الحضري والاجتماعي.
المخيم كحق لا كامتياز
ما يجري بدار الشباب مولاي الحسن اليوم هو تجسيد فعلي لفكرة أن المخيم ليس امتيازًا طبقيًا، بل حق تربوي واجتماعي، يعزز قيم العيش المشترك، ويؤسس لانخراط مستقبلي فاعل في المجتمع.
ففي الهراويين، لا يتعلق الأمر فقط بمخيم، بل بإشعال شمعة وسط ظلام طويل من الإقصاء. وهذه الشمعة قد تكون بداية لرؤية وطنية جديدة تضع الطفل في قلب السياسات العمومية.

