بقلم عزيز بنحريميدة
حين تُسند المسؤولية لمن يستحقها، وتُعطى مفاتيح القرار لمن يحمل الكفاءة والوطنية والحنكة، فإن النتائج تكون استثنائية، والتجربة تتحول إلى مرجع. هذا ما جسّده الرجل الهادئ، قليل الظهور كثير الإنجاز، عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، الذي سطّر فصلاً جديداً في تاريخ المنظومة الأمنية بالمغرب، وجعل منها نموذجاً يُحتذى دولياً في الفعالية، الحداثة، والاحترافية.
منذ تعيينه على رأس المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني سنة 2005، ثم على رأس المديرية العامة للأمن الوطني سنة 2015، وضع الحموشي نصب عينيه هدفاً واضحاً: بناء جهاز أمني عصري، قادر على مواكبة التحولات، ومواجهة التحديات المعقدة، خصوصاً في ظل عالم متغير، تزايدت فيه التهديدات العابرة للحدود، وتوسعت فيه دوائر الجريمة المنظمة والإرهاب والتطرف.
وقد تمكن، بفضل رؤيته المتبصّرة، من إحداث تحول عميق في البنية المؤسساتية والتدبيرية للأمن الوطني، عبر تحديث التجهيزات والبنيات التحتية، وتطوير مناهج التكوين، واعتماد تكنولوجيا متقدمة في محاربة الجريمة، بالإضافة إلى ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان في العمل الأمني، مما جعل المؤسسة الأمنية تحظى بثقة المواطنين واحترام الشركاء الدوليين.
ولعل أبرز ما طبع عهد الحموشي هو ذلك النجاح الباهر في تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية قبل تنفيذ مخططاتها، في تنسيق محكم مع الأجهزة الشريكة، مما جعل المغرب مرجعاً في مجال مكافحة التطرف والإرهاب. كما برزت بصمته في تطوير آليات التحري والتدخل الأمني، سواء من خلال فرق النخبة، أو عبر التحديث الرقمي لمراكز المراقبة وتدبير الأزمات.
إلى جانب الجانب الأمني الصرف، حرص الحموشي على إرساء مقاربة شرطة القرب، التي تعزز الثقة بين المواطن والمؤسسة الأمنية، وتكافح السلوكات غير المهنية، من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة، والنزول الصارم عند أي تجاوز. وهي سياسة أعادت الهيبة والانضباط للمرفق الأمني، دون التفريط في احترام كرامة المواطن وحقوقه.
كما أولى الرجل عناية كبرى للعنصر البشري، من خلال تحسين الوضعية الاجتماعية والوظيفية لموظفي الأمن، وتوفير وسائل العمل، والرفع من القدرات التدريبية، مما انعكس إيجاباً على الأداء الميداني وجودة الخدمات المقدمة.
نجاحات الحموشي لم تمر دون إشادة دولية، حيث توالت الاعترافات من عدد من الدول الكبرى، التي اعتبرت أن المغرب، بفضل قيادته الأمنية، أصبح شريكاً أساسياً وفاعلاً محورياً في الحفاظ على الأمن والاستقرار، إقليمياً ودولياً.
في عهد الحموشي، أصبح للأمن المغربي صوت يُسمع، وصورة تُحترم، وتجربة تُدرّس. تجربة تؤكد أن الرجل المناسب، في المكان المناسب، قادر على صناعة الفارق، وأن التميز لا يأتي مصادفة، بل هو ثمرة رؤية، وكفاءة، وضمير حي. فهنيئاً للمغرب بأحد أبرز رجاله، وهنيئاً للمؤسسة الأمنية بقائد استطاع أن يربط الماضي بالحاضر، ويقودها بثبات نحو مستقبل أكثر أمناً وحداثة.