الرئيسية آراء وأقلام انتخابات على حرارة الصيف

انتخابات على حرارة الصيف

received 3019811175013376.jpeg
كتبه كتب في 25 أغسطس، 2021 - 1:19 مساءً

ان ممارسة الحقوق السياسية الأساسية مضمونة في المغرب وتحترم بصفة عامة دون إكراهات كبيرة، في نفس الوقت، فإن أغلب الأحزاب السياسية تعاني من عجز عميق في رسم صورة لدى الجمهور وتعتبر بصفة عامة ضعيفة، تتميز بنقص رصيد الثقة فيها، بين هذا وذاك يطرح التساؤل ما هو دور العملية الانتخابية في بناء الديمقراطية والمؤسسات؟

أصبحــت النظــم السياســية المعاصرة تقــوم علــى مبــدأ فصــل الســلطات الثلاث التشريعية والتنفيذيـة والقضائيـة. ينتخـب الشـعب البرلمان، وتنظـم هــذه الانتخابات بموجــب قانــون يحكــم تنفيــذ العمليــة الانتخابية.

يتكون البرلمان من غرفتين، واحدة منتخبة بطريقة مباشرة وهي مجلس النواب، والأخرى بطريقة غير مباشرة وهي مجلس المستشارين. البرلمان يتوفر على عدة اختصاصات مهمة، بدءا بحق المصادقة على الميزانية أو رفضها أو تعديلها، وكذلك ممارسة حق الرقابة على الحكومة. لكن قوة العمل البرلماني تطرح تساؤلات بسبب ضعف الأحزاب وانعدام التنظيم بين صفوفها، وعجز في المصداقية لدى الجمهور إضافة الى الانقسام والانشقاق داخل الأحزاب.

يقر العديد أن مصداقية الانتخابات تحسنت بشكل هام، لكن تأثير المال أو الرشوة الانتخابية يعتبر ظاهرة مستشرية تؤثر على آليات التزكية في بعض الحالات والتسريع بتركيز الأعيان في الأحزاب، الشيء الذي نبه اليه الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية لأكتوبر 2006، والتي طلب فيها من الحكومة متابعة الجهود وتوفير كل الضمانات الضرورية إجراء انتخابات حرة وشفافة وسليمة، وتوفير المنافسة الشريفة عن طريق الحياد الإيجابي خلال كافة مراحل المسلسل الانتخابي وزجر كافة المخالفات التي يمكن أن تشوبه. طبعا هنـاك معايير عامـة واضحـة معتمـدة دوليـا كمرجعية لضمـان سـلامة ونزاهـة وشـفافية العمليـة الانتخابية مــن بدايتهــا إلــى نهايتهــا، كما ان قانون الأحزاب السياسية قد وضع إطارا تنظيميا يسمح بتطوير نسق أكثر شفافية لتمويل الأحزاب السياسية، لكن مراقبة تمويل الحملات والنفقات الانتخابية تبقى ضعيفة لتسمح بضمان شفافية الحسابات.

نظام الانتخاب يبقى الوسيلة الوحيدة للاختيار، وأساس عملية التحول الديمقراطي وبالتالي فان ادارة الانتخابات هي أساس بناء الديمقراطية وتعزيزها، من جهتها سبق أن صادقت الحكومة على مشاريع قوانين تنظيمية مؤطرة للانتخابات العامة المرتقب تنظيمها هذا الصيف، وهي تهدف إلى تطوير قواعد النظام الانتخابي، وتقوية الضمانات الانتخابية، وضبط قواعد استفادة الأحزاب السياسية من الدعم المالي، وتخليق العمليات الانتخابية، وتعزيز الشفافية المالية للحملات الانتخابية للمرشحين، حسب بيان للديوان الملكي نشرته وكالة الأنباء المغربية الرسمية.

ونصت القوانين الجديدة أيضا على تطوير الآلية التشريعية المتعلقة بتمثيل النساء في مجلس النواب، من خلال تعويض الدائرة الانتخابية الوطنية بدوائر انتخابية جهوية، اعتبارا للمكانة الدستورية للجهة في التنظيم الترابي للمملكة.

لم تكن الديمقراطية أبدا حكم الشعب، إلا أن قوتها تكمن في القدرة على إثارة المشاكل الأكثر أهمية وصعوبة كما قال كارل بوبر في “درس القرن العشرين”، أو كما جاء في “دور المواطن السياسي في الديمقراطيات الغربية” لرسل جيه دالتون تبقى أبرز خاصية للديمقراطية أنها منهج للتدبير السلمي للصراع، وطريقة لتأطير الخلاف والاختلاف، باعتماد الانتخابات كآلية للوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، التي يفوض عبرها الشعب جزءا من سيادته لممثليه، دون إغفال أهم متطلبات إرساء نظام ديمقراطي وهو وجود جمهور واع ومحنك، لتفادي تشويه العملية الديمقراطية.

وقد أبرز سميث في “كيف نفهم سياسات العالم الثالث” أن علماء السياسة أكدوا بضرورة توافر ثلاثة دروب للوصول للديمقراطية: أولها الشروط الاقتصادية المسبقة للديمقراطية، ثانيها وجود شروط بنيوية تركز على نتائج التغييرات في الطبقة والسلطة على السلطوية، وثالثها الانتقال الذي يركز على التوافق السياسي بين النخب التي تتفاوض على الانتقال للديمقراطي.

الانتخابات ليست إلا وسيلة من وسائل العملية الديمقراطية، وما يؤطرها من قوانين، أي أن ليس المهم البعد الانتخابي، أي من يفوز، ولكن المهم هو البعد السياسي، أي هل تكون هذه الانتخابات رافعة للديمقراطية، أم تمثل خطوة تراجعية فيه.

وهو ما يدفعنا لطرح الأسئلة الآتية: هل هناك تغيير حقيقي أم أننا أمام مجرد نقلة سياسية؟ وهل بدأت تتغير السلوكيات السياسية والانتخابية؟ هل هناك تغيير في النخبة السياسية أم أنها تعيد انتاج نفسها؟ وكيف ينعكس ذلك على سلوك المجتمع؟ هل تعد العملية الانتخابية شأنا يهم المجتمع بمختلف مكوناته وشرائحه؟ أم أنها عملية سياسية محصورة بين النخب السياسية؟

الحفيرة يوسف باحث متخصص في التواصل السياسي

مشاركة