الرئيسية آراء وأقلام تصورات حول المستقبل من خلال مقولة ” سيأتي يوم”

تصورات حول المستقبل من خلال مقولة ” سيأتي يوم”

FB IMG 1627208382302.jpg
كتبه كتب في 25 يوليو، 2021 - 11:21 صباحًا

بقلم: ذ.نور الدين بوصباع

عندما تكلم كوندورسيه على المستقبل بصيغة “سياتي يوم” كان يتكلم انطلاقا من أرضية ثقافية مشبعة بروح الثورة الفرنسية وبالقيم الإنسانية الكبرى التي تراهن على تكريس الأمم الحرة المنعتقة من الطغيان والاستبداد مهما كان سياسيا أو اقتصاديا أودينيا، كان يبتغي مجتمعا حرا و سعيدا و مقبلا على الحياة يعيش في بحبوحة العيش دون اقصاء أو تهميش أو تفقير ممنهج يسلب الانسان كرامته الإنسانية يقول كوندورسيه: ” سياتي زمن لن تشرق فيه الشمس إلا على الأمم الحرة وحدها_ إذ لن يكون هناك غيرها_ الأمم التي لا تعترف بسيد آخر غير عقلها، ولايجد الطغاة ولا العبيد ولا الكهنة واتباعهم الأغبياء المنافقون أي مكان لهم، اللهم إلا على صفحات التاريخ وخشبة المسرح”.
هذا عن صيغة” سياتي يوم” كما فصل القول فيها كوندورسيه ذات الأفق الإنساني المشبع بقيم التحرر و امتلاك الكينونة الإنسانية، واما عن صيغة” سياتي يوم” في سياقنا العربي والإسلامي النابعة من أرضية لاتفكر في المستقبل إلا كمصير مأساوي للوجود الإنساني بسبب عدم اتباعه السبل واتباع خطوات الشيطان. في هذا السياق الذي تنعدم فيه فكرة الحرية والخلاص من الاستبداد و تغيب فيه أي استراتيجية للخروج من مازق التخلف والتبعية والاستيلاب، في هذا السياق تأتي صيغة” سياتي يوم” لا كتوقع لحدوث انفراج وتحرر من الاستبداد والتسلط بل كعقاب إلهي لتفريطنا وقصورنا وتمردنا على واقعنا الأشد بؤسا و فقرا و تهميشا. صيغة” سياتي يوم” في سياقنا العربي والإسلامي لاتبشرنا بتحسن وضعنا الاقتصادي والاجتماعي، ولا تبشرنا أننا سنكون أحرارا من سطوة الخوف والترهيب والوعد والوعيد، هي فقط تريدينا أن نخرس ونصمت لأننا ارتكبنا من الخطايا والشرور الشيء الكثير.
في سياقنا العربي والإسلامي تأتي صيغة سيأتي يوم أو زمان للحديث عن أخبار آخر الزمن وليس المستقبل وهذا إن دل على شيء إنما يدل على اننا أمة لا تفكر في المستقبل وأن المستقبل لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد.
كل الأمم تفكر في مستقبل مجتمعاتها من خلال سياساتها الرشيدة ومن خلال مسؤوليها النزهاء إلا أمتنا العربية والإسلامية تفكر فقط في الكلام عن المصير والموت.

مشاركة