الرئيسية أخبار عالمية رئيس الجزائر عبد المجيد تبون يدير ظهره للحراك وقيم الثورة ودماء الشهداء.

رئيس الجزائر عبد المجيد تبون يدير ظهره للحراك وقيم الثورة ودماء الشهداء.

IMG 20210606 WA0016.jpg
كتبه كتب في 6 يونيو، 2021 - 1:43 صباحًا

لطفي بوعمامة / صوت العدالة

يواصل رئيس الجزائر عبد المجيد تبون إستثماره لأخطاء الديبلوماسية المغربية الأخيرة في مواجهة ضغط الحراك الشعبي بالجزائر الشقيقة واللذي لزال متواصلا منذ أكثر من سنتين، وقد إستطاع عبد المجيد تبون الوصول للرئاسة بدعم من المؤسسة العسكرية والتي لم يكن أمامها خيار غير الإستنجاد بإنتخابات شكلية محاولتا بذلك الالتفاف على مطالب الشعب الجزائري العظيم والتي كان أبرز مطالبه دولة ديمقراطية بمؤسسات قوية منتخبة من طرف الشعب تكون فيها السلطة والسيادة للشعب يمارسها بدون وصاية عسكرية عبر مؤسسات يحددها دستور ديمقراطي شعبي …
مطالب لخصها شعار :مدنية ماشي عسكرية …جمهورية ماشي ملكية …
المؤسسة العسكرية في الجزائر تستمد شرعيتها من ثورة نوفمبر وهذا عامل إيجابي يضمن للمؤسسة هيبتها في الدولة ولدى الشعب الجزائري بإعتبار الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير وهذه خصوصية وميزة تعطي للمؤسسة العسكرية شرعية لا ينازعها فيها أحد. لكن العالم يتغير ودور الجيوش في العالم يتم تحديده وفقا للدساتير ولا يقحم الجيش نفسه في السياسة ولا يمارس الجيش أي سلطة على المؤسسات الديمقراطية كالبرلمانات والحكومات والأحزاب وغيرها بالمجتمع المدني ، فالمهمة الأولى للجيوش هي حماية الحدود والدولة الديمقراطية لا سلطة فيها للعسكري على السياسي بل العكس.وهنا أحيلكم على التاريخ وبالضبط في بداية القرن العشرين عندما عينت فرنسا التي كانت تحتل الجزائر الجينيرال ليوطي بالعين الصفرى من أجل التصدي لأحد أعنف وأشجع وأنبل عدو واجهته فرنسا (بشهادة كبار ضباطها العسكريين وشهادة الجينيرال ليوطي نفسه) في تاريخها الكولونيالي صاحب أطول مقاومة والعدو اللذي لم تستطع القضاء عليه بشتى الطرق والوسائل، جدي سيدي الشيخ بوعمامة إبن مدينة #فيكيك المغربية التي كانت قاعدته الخلفية لمواصلة المقاومة …

الجينيرال ليوطي وهو ضابط سامي فرنسي عينته فرنسا بالجنوب الوهراني قادما من مدغشقر بعد نجاحاته رفقة الجينيرال غاليلي هناك في حملاتهم العسكرية الإمبريالية…

فبعد دراسته للمنطقة التي عين فيها وطريقة عمل المؤسسة العسكرية فيها وجد أن المؤسسات المدنية هي من تقرر من الجزائر العاصمة ووهران والعسكر ليس له أي صلاحيات للتدخل ولا يستطيع تحريك جندي واحد دون أوامر من السياسيين المدنيين حيث قال ذالك بصريح العبارة في رسائله الموجهة لدو فوكي :

…في الوقت الحالي أنا في وضعية غبية ، لا شيء غريب،ليست لدي أدنى سلطة ولا حتى صلاحيات محددة ،فتجدني مكتوفة الأيدي لا أستطيع تحريك جندي واحد ولا حتى جمل واحد…

ويقول ليوطي في رسالة أخرى للجينيرال غاليلي :

…قائد(جينيرال) مقاطعة وهران هنا لا شيء ،ثلاتة أو أربعة من السياسيين المدنيين كانو يتحكمون فيه وكان دوره تنفيذ أوامر هؤلاء دون نقاش ،وهذه عادة قديمة كان العمل جاري بها ومقبولة من قبل من سبقوني…ليست لدي الصلاحيات لقيادة أي شيء ، لا الجنود ولاالخدمات .ومن أجل تحريك رجل واحد أو رصاصة(كارتوش) واحدة نحتاج لموافقة من وهرن أو الجزائر(أي موافقة الإدارة المدنية)وهذا اللذي كان يراد لي إلا أني رفضت ذلك بقوة…

وقد أرسل بعدها ليوطي رسالة للحاكم في باريس يطرح فيها شروطه من أجل تسلمه لمهمته وكان أبرز شروطه أن يتم منحه كامل الصلاحيات والحرية في التصرف في الفيلق اللذي سيقوده والميزانية وإلا فلن يقبل بهذه المهمة وسيستقيل، حيث أخبر وزارة الحربية الفرنسية أنه في حالة رفض شروطه فإنه سيستقيل وإذا ما رفضت إستقالته فسيطلب إحالته على التقاعد وفق ما تخوله له رتبته كجينيرال….مصدر: Lyautey vers le Maroc

من هنا يتضح لنا أن فرنسا التي كانت تحتل الجزائر منذ سنة 1830، كانت تحتلها بتخطيط سياسي مدني وتنفيذ عسكري حربي وهو ما نجحت فيه بإضعاف المقاومات وإخماد الثورات التي كانت تواجهها أثناء توسعها في الجزائر.كما أن فرنسا كانت تعتمد في غالب الأحيان وفي الأساس على السياسي من أجل ضرب قواعد المقاومة ووحدة صفوفها بدل إعتمادها كليا على العسكري …فالعسكري لم يكن ليستطيع إحتلال الجزائر ،وكم هي المعارك التي خسر فيها الضباط السامون من جينيرالات وكولونيلات سواء أمام #الشيخبوعمامة أو باقي زعماء المقاومة ك #الأميرعبد_القادر وغيرهم…

وحتى لا أطيل عليكم فالثورة الجزائرية هي واحدة من أعظم الثورات ضد الإحتلال توحدت فيها شعوب المغرب الكبير نصرتا لإستقلال الجزائر وقدم المغرب فيها شهداء وكان القاعدة الخلفية للثورة وملاذا لزعمائها بدعم رسمي من السلطان محمد الخامس اللذي يحمل إسمه أحد أكبر الشوارع بالعاصمة الجزائر عرفانا له ولتضحيات الشعب المغربي المجيد لنصرة أشقاءهم في الجزائر …
فقيم الثورة كان أساسها بناء مغرب كبير قوي بدوله وديمقراطي مستقل لا تقسمه الحدود الفرنسية صنيعة الإحتلال وتسيره مؤسسات مدنية ديمقراطية تضمن لشعوب المنطقة إستقلاليتها وحريتها وكرامتها ورفاهية أجيالها القادمة …

بالأمس،عبد المجيد تبون وهو يستقبل إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليزاريو الإنفصالي كان مصحوبا بهيئة عسكرية رفيعة المستوى وهي صورة لوحدها تعبر عن من يمتلك السلطة الفعلية في دولة الجزائر ،حيث يظهر الرئيس المنتخب كما لو أنه تم إقتياده من طرف الضباط إلى المستشفى ليقول ما قاله وحتى يضمن العسكر المرافق له أن تبون (مايزيدش شي حاجة من راصو)كما لو أن الجزائر الشقيقة في حالة حرب وعدم إستقرار وأن رئيس الجمهورية المنتخب غير كافي ليقوم بتلك الزيارة للمستشفى …
فلو كان الرئيس حقا يحمل فكرا ثوريا كما إدعى في زيارته للمستشفى،لما قبل بأن يرافقه العسكر ولكان أول الرافضين لمرافقته لينتشي بما إعتبره نصرا ديبلوماسيا على المغرب لوحده ويستغله داخليا بدل تقاسم تلك اللحظة مع ضباط سامون عسكريون ما فتئ الشارع الجزائري منذ سنتين يطالب بإعادتهم إلى ثكناتهم العسكرية لمراقبة الحدود.
لو حقا كانت المؤسسة العسكرية التي تعمل ليل نهار عبر الإعلام ومختلف الوسائل من أجل التسويق لها على أنها هي الضامن لوحدة البلاد والإستقرار هي مؤسسة لا تتحكم في السياسة لما ظهرت في الصورة ولما إستغلت كل مناسبة للظهور ومنافسة السياسيين حتى في أنشطتهم ومهامهم…

لو كان عبد المجيد تبون حقا ثوريا لما قبل بلقاء مع صحيفة Le point الفرنسية وصاحبها الملياردير فرونسوا بينوولت الملطخة يداه بدماء الشهداء الجزائريين واللذي شارك في عمليات إغتيالات في صفوف المجاهدين أثناء الثورة ليتم توشيحه بوسام قائد جوقة الشرف الفرنسي من طرف فرنسا مقابل جرائمه وقتله للثوار الجزائريين … لمذا لم تتضمن تصريحات تبون لصحيفة قاتل الثوار الجزائريين إشارة واحدة لجرائمه ومطالبته على الأقل بالإعتذار ؟؟؟

للأسف فالنظام في الجزائر هو نظام عسكري يصول فيه العسكر ويجول ويبدو أن إيديولوجية الجينيرال ليوطي الفرنسي لزالت تعشعش في عقيدة الجيش الوطني الحر فهذه العقيدة الليوطية الغاليلية (نسبة للجينيرال غاليلي الأب الروحي لليوطي ) هي بعيدة كل البعد عن قيم الثورة ومطالب الحراك الشعبي الجزائري وأتمنى صادقا أن يستفيق الجيش من غفلته وأن لا تأخده العزة بالإثم وأن يترك المجال السياسي للسياسيين المدنيين حتى تخرج الجزائر من النفق المظلم،فاللحمة الوطنية لايبنيها العسكري والهوية الوطنية لا تشكلها المؤسسة العسكرية لكن العسكري ضروري وحيوي من أجل حماية الحدود فما المواجهات العسكرية إلا أداة ووسيلة لكي يواصل السياسي عمله .

مشاركة