الرئيسية آراء وأقلام القضاء الإداري والخبرة الجبائية

القضاء الإداري والخبرة الجبائية

IMG 20210607 WA0161.jpg
كتبه كتب في 7 يونيو، 2021 - 3:34 مساءً

بقلم :جهان زروالي باحثة في سلك الدكتوراه بجامعة محمد الأول وجدة

تعد الخبرة من الوسائل التي قررها المشرع لمساعدة القاضي بمناسبة إثبات وقائع معينة،حيث تعتبر من أهم إجراءات التحقيق و أكثرها تطبيقا في العمل القضائي، وهذا ما جعلها تحظى بأهمية كبرى في المنازعات الجبائية نظرا لطابعها التقني و المعقد الذي يميز المادة الجبائية مما يصعب التمكن من جميع عناصرها. و الحديث عن الخبرة يدفعنا للحديث عن الدور الذي يلعبه التكوين الجبائي للقاضي الإداري و ما يثيره من إشكالات بين طرفي العلاقة الجبائية الملزم من جهة و الإدارة الضريبية من جهة أخرى. 

  1. هيمنة الخبرة على أحكام القاضي الإداري 

لقد وضع المشرع العديد من الآليات لمساعدة القضاة لتكوين قناعاتهم و تأدية مهامهم خصوصا في مجال المنازعات الجبائية، التي تتسم بنوع من التعقيد و التشعب نظرا للتغيير المتواتر الذي يعرفه القانون الضريبي وهذا ما يجعل من إجراء الخبرة من الإجراءات التحقيق الأكثر استعمالا في المادة الضريبية.

ونظرا لعدم تكافئ مراكز أطراف العلاقة الجبائية التي تستدعي من القاضي الإداري أن يكون ملما بجميع تفاصيل الحياة الإدارية و القانون المطبق عليها، وكذلك تعقيدات القانون الجبائي تتطلب الخبرة الكافية للمسائل التقنية و الفنية التي يتسم بها.و انطلاقا من مقتضيات القانون المتعلق بالخبراء القضائيين 45.00 »الخبير القضائي من مساعدي القضاء و يمارس مهامه وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون وفي النصوص الصادرة تطبيقا له « . الأصل أن للخبير دور المساعد مما يضفي على تقريره الطابع الاستشاري، إلا أن رأي الخبير في الغالب يكون حاسما في النزاع الضريبي وهو ما يجعل دوره ينتقل من دور مساعد في تكوين قناعة واستكمال بعض المعلومات الغير متوفرة لدى القاضي إلى دور الحسم في النزاع. مما جعل الخبرة في المادة الجبائية تأخذ الطابع التقريري.

وهذا الدور التقريري الذي أصبح يتعاظم به الخبراء جعل من الأحكام القضائية أحكاما مركبة مادامت نتيجة حكمها مبنية على تقدير مشترك لجهة قضائية موكول إليها أصلا الفصل في الدعوى، ولجهة ذات خبرة في المسائل التقنية و الفنية موكول إليها إبداء الرأي فقط.  

  1. انعكاسات الخبرة على ضمانات الملزم

تتمتع المحاكم الإدارية بسلطة واسعة إزاء تقرير الخبرة اذ أن هذا الأخير لا يقيد المحكمة في شيء

وإنما يدرج تحت لواء السلطة التقديرية للمحكمة كيفما كانت الوضعية العلمية للخبراء.

و معلوم أن القاضي الجبائي دائما يستند إلى الخبرة كأداة فعالة و أساسية في اتخاذ معظم قراراته، دون التحقيق في مدى صحتها، وهنا ضرب لمختلف الضمانات الممنوحة للملزم، لان القاضي الضريبي ليس له الإلمام الكافي بمختلف التقنيات و الإجراءات الجبائية.كما أن المصادقة على تقرير الخبير من طرف القاضي دون تقديم التعليل الكافي للنقاط القانونية المرتكز عليها أثناء إجراء الخبرة يجعل منه تقريرا قابلا للإبطال.

ورغم السلطات الممنوحة للقاضي الإداري إلا أن المشرع المغربي و في إطار توسيع الضمانات المسطرية للملزم خول لهذا الأخير وجهتين يهتدي إليها أثناء صدور تقرير الخبرة وأصبح حكما تقريريا:

1- حصر الخبرة في المجال التقني و المحاساباتي

2- إمكانية تجريح الخبير متى تم تعيينه في مجال غير مجال اختصاصه 

وهذا ما يضفي المصداقية على تقرير الخبير عموما وكذا الأحكام القضائية، ويعزز الضمانات الممنوحة للملزم الذي لازال يعتبر الطرف الضعيف في العلاقة الجبائية.

وفي الاخير يمكن القول أن اللجوء الى الخبرة متوقف على وجود نقاط تقنية محاسبتية تستدعي تدخل أهل الاختصاص و المعرفة.لدا فمن وجهة نظرنا وجب التفكير في حل لهذه المشكلة التي تعتبر من الإشكالات التي تنقص من بروز مكانة القضاء الإداري و بالخصوص القضايا الضريبية. ومن هنا وجب تكليف قضاة ذوي تكوين ضريبي صرف للبث في ملفات جبائية والابتعاد عن النمط التقليدي للتكوين القضاة. فالقاضي الإداري لا ينبغي أن يكون قاضيا محضا و انما يجمع بين مهارات قانونية ولكن ذو كفاءة خاصة . 

مشاركة