الرئيسية أخبار عالمية قراءة في تقرير الخارجية الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب

قراءة في تقرير الخارجية الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب

images 1.jpeg
كتبه كتب في 10 أبريل، 2021 - 7:04 مساءً


بقلم: ابراهيم بن لكريم


أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالعالم لسنة 2020 انسجاما مع نهج تقليدي راسخ في السياسة الخارجية الأمريكية يعود لسنوات خلت وبالتحديد خلال سنوات الأربعينات من القرن الماضي بمبادرة وتوجيه من الكونغرس حتى يتمكن هذا الأخير من الاعتماد والاستعانة بجميع المعلومات المضمنة بالتقارير والعمل على استحضارها أثناء تهيئ وتحضير قراراته الإستراتيجية المرتبطة بأمنه القومي و بمعاملاته الجيوستراتيجية وسلوكياته على المستوى الدولي والإقليمي, ويكتسي تقرير هده السنة اهمية بالغة خاصة وانه يأتي في سياق عالمي يتميز بانتشار واستفحال وباء كورونا و قدرته الفائقة على تخطي الحدود الجغرافية للدول امام الوثيرة البطيئة لتقدم العلوم الطبية و التجارب والأبحاث العلمية لإيجاد علاج فعال و ناجع لهذه الجائحة, التي بدأت انعكاساتها و مضاعفاتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية الوخيمة تلوح في الأفق مهددة الإنسان والمجال والبيئة .
إضافة إلى هدا فقد امتدت تأثيرات هدا ال وباء إلى مجال الحريات الفردية والجماعية التي شهدت تضييقا ملحوظا بفعل الإجراءات الاحترازية المتخذة من طر ف جل دول المعمور لمحاصرة ومحاربة انتشار واستفحال هده الجائحة والقضاء عليها,
واعتبارا لموقع المغرب الجيوستراتيجي و دوره ومكانته في المساهمة في ايجاد حلول للعديد من المعادلات الدولية إضافة إلى ما حققه من تقدم على المستويين السياسي و الاقتصادي أهله ليصبح نموذجا يحتذى به قاريا و إقليميا, فقد حظي برصد دقيق لوضعية حقوق الإنسان على كافة المستويات وفي مختل ف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

ان الهدف الأساسي من إصدار هذه التقارير السنوي ة لا يكمن في إصدار أحكام حول الدول و لكن يكمن بالدرجة الأول ى في تحديد التصورات الاستراتيجية العامة للسياسة الخارجية الأمريكية سواء تعلق الأمر بالتعاون الدولي أ و الاستثمار أو عقد شراكات واتفاقيات و معاهدات في مختلف المجالات أو تحديد واتخاذ موقف بشان قضية دولية م ا.

تقرير الخارجية الأمريكية ضربة موجعة لأعداء الوحدة الترابي ة

تضمن تقرير الخارجية الأمريكي ة حول وضعية حقوق الإنسا ن بالمغرب ولأول مرة في تاريخه إشارة دبلوماسية ايجابية وذلك بإدراجه الصحراء المغربية ضمن السيادة الوطنية للمغرب على أراضيه .و يعد هذا الإدراج اعترافا دوليا صريح ا من أقوى دولة في العالم وعضو دائم بمجلس الأمن الدولي بمغربية الصحراء وبشرعية إدارته وتدبيره الترابي للمنطقة كجزء لا يتجزأ من التراب المغربي الشيء الذي يتماشى و يتلاءم مع تطبيق
النموذج الاقتصادي والاجتماعي الجديد للجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي واعد خدمة للتنمية الشاملة كما ظل ين ادي بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وتجدر الإشارة إلى أ ن حرص صاحب الجلالة واهتمامه بتطوير نظام الجهوية بالمغرب برزت إرهاصاته الأول ى في العديد من خطب ملك البلاد وذلك حتى قبل اعتماد
دستور 2011 الذي كرس في فصله الأول التنظيم الترابي للمملكة في ثنائية اللامركزية والجهوية المتقدمة.
ومن نافلة القول التذكير بان تقرير الخارجية الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان في المغرب هو استمرار وتجسيد للسياسة الأمريكية الخارجية بغض النظر عن الحزب الحاكم سواء الجمهوري او الديمقراطي.

وفي هذا الصدد فان إعلان قرار الرئيس الأمريكي السابق دونا لد ترامب الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء وتفعيل هذا القرار عبر الممارسات الدبلوماسية للبيت الأبيض يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أحقية وشرعية المغرب على صحرائه ويفند مزاعم وافتراءات الخصوم سواء الخارجيين أو الداخليين ويدعوهم إلى إعادة النظر في
تصوراتهم وتصحيح مواقفهم وتدار ك أخطائهم و التخلي عن الرهانات المقصودة وغير المقصودة ، المعلنة والمضمرة و ذلك عبر إعادة قراءة واقعية للسياسة الدولية و امتداداتها المعقدة و المتشعبة.
إن تقرير الخارجية الأمريكي ة الأخير يعد تحولا حاسما وعملا دبلوماسيا ملموسا في موقف واشنطن من نزاع الصحراء المفتعل يقتضي إتباعه و السير على نهجه من لدن
باقي دول العالم المتحيزة للأطروحة الانفصالية أ و المترددة في اتخاذ موقف حاسم ونهائي يضع حدا لهذا النزاع الذي عمر طويلا.
ومما لا شك فيه أ ن تقارير وزارة الخارجية الأمريكية تتمتع بمصداقية كبيرة بحيث تكون موضوع إطلاع وتحليل من طرف الفاعلين السياسيين الدوليين ونشر من لدن وسائل الإعلام العالمية المختلفة وله وقع كبير في الساحة الدبلوماسية العالمية من حيث إعادة رسم وتشكيل التحالفات وعقد الشراكات واتخا ذ القرارات خدمة لنشر الأمن والسلام عبر العال ملقد شكل إصدار هذا التقرير ضربة موجعة لأعداء الوحدة الترابية سواء الداخليين أو الخارجيين ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه هؤلاء حذف وتعطيل قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المتعلق بالاعتراف بالسيادة المغربية على صحراءه أو على الأقل المراهنة على المطالبة بوق ف تنفيذه ،ها هو قرار الخارجية الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب لهده السنة يدرج الصحراء المغربية ضمن السيادة الوطنية وهذا انجاز جيوسياسي كبير يرجع إلى حنكة وتبصر ملك البلاد ورجالات الدولة المشتغلين ليل نهار على هذا الموضوع .

في الحاجة إلى نسيج جمعوي و حقوقي وطني

في إ طار عملية الرصد السنوي الذي تقوم به وزارة الخارجية الأمريكية حول وضعي ة حقوق الإنسان بالعالم سجل التقرير أن المملكة المغربية حققت تقدما ملموسا في مجال احترام حقوق الإنسان تنفيذا لما جاء في ديباجة دستور 2011 و هكذا
حظيت المؤسسا ت السجنية وساكنتها بحيز مهم من خلال هذا التقرير على اعتبارها المرآة التي تعكس حقيقة مدى احترام حقوق الإنسا ن. واعتبر التقرير إن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدما ج حققت طفرة نوعية على مستوى تطوير وتحديث
البنايات والمنشئا ت السجنية و تكوين العنصر البشري على مبادئ وثقافة حقوق الإنسان سعيا منها الى الملائمة الدولية المعمول بها في هذا المجال. كما سجل التقرير بعض الهفوات والاختلالات التنظيمية في تدبير المؤسسات السجنية لعل أهمها ظاهرة
الاكتظاظ بيد أن هذه المعضلة لا يقع عبئها بشكل كامل على عاتق المندوبية العامة لادارة السجون واعادة الادماج بل هي مسؤولية مشتركة بين جل المؤسسات المعنية وباقي المتدخلين في هدا المجال. لان مقاربة حقوق الانسان خاصة حقوق الاشخاص المعتقلين والمحرومين من الحرية تمر اساسا عبر توفير ظروف اعتقال تراعي الطبيعة الانسانية المتأصلة عبر محاربة ظاهرة الاكتظاظ ليس فقط ببناء مؤسسات سجنية جديدة بمعايير حديثة تراعي الجانب الأمني والقانوني والحقوقي رغم أهميتها بل ان حل هذه المعضلة يكمن في اعتماد بدائل للعقوبات السالبة للحرية وتفعيل دور قاضي تطبيق العقوبات وتبسيط وعقلنة مسطرة الافراج المقيد اضافة الى فتح المجال لجمعيات المجتمع المدني و اشراك المقاولات المواطنة من اجل كسر طوق العزلة وانسنة العقوبة و مواكبة السجناء عبر برامج هادفة من شأنها المساهمة في إعادة الإدماج الاقتصادي والاجتماعي وفي هدا الصدد ، فإن الحاجة اصبحت اليوم ماسة الى انبثاق مجتمع مدني فاعل ومتفاعل وجمعيات حقوقية وطنية تضع مصلحة البلاد فوق كل الاعتبارات .ومن اجل تحقيق هدا الهدف فإن الفعل الجمعوي في المجال الحقوقي يحتاج اليوم اكثر من اي وقت مضى إلى تحيين المقاربات وتجديد الاليات لتحصين بلادنا وتقوية جبهتنا الداخلية عبر الالتفاف حول ثوابتنا التاريخية وتدبير وطني لكل العوائق الظرفية والهيكلية. .

مشاركة