الرئيسية أحداث المجتمع (8مارس) النساء العاملات في الحقول …واقع مر…تيفلت نموذجا

(8مارس) النساء العاملات في الحقول …واقع مر…تيفلت نموذجا

1538424858 806174 1538488866 noticia fotograma.jpg
كتبه كتب في 8 مارس، 2021 - 11:26 صباحًا

صوت العدالة- عبد السلام اسريفي

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ،الذي يصادف 8 مارس من كل سنة،وعوض تقديم الورود الورقية والتهاني،ارتأت جريدة صوت العدالة ،النبش في وضعية النساء العاملات بالحقول، وأخذت من مدينة تيفلت وضواحيها نموذجا،بحكم تواجد عدد كبير من النساء العاملات،تجدهن على جنبات الطريق بوسط المدينة في الساعات الأولى من كل يوم،ينتظرن حضهن للاشتغال مقابل 70 درهم أو أقل في إحدى حقول البطاطس أو البصل أو باقي الخضر.

كنا نعتقد ونحن تواكب مجهودات الدولة في محاربة فيروس كورونا ،ومساعدة الفئات الهشة ،أن تنتبه لهذه الشريحة العريضة من المجتمع،التي تعاني في صمت،وتقاوم ظروف الحياة القاسية،هن يعانين هشاشة اقتصادية واجتماعية وفي حاجة للدعم والإحاطة لتأمينهن وتموينهن وتمكينهن من ظروف الشغل اللائق والآمن والتصدي للعنف المسلط ضدهن. كل هذا لم يجد الى اليوم اي صدى ولا تفاعل جدي من طرف الحكومة ولم نسمع عن اي اجراء خاص بهذه الفئة التي لم تتوانى للحظة عن العمل ومضاعفة الجهود في هذا الظرف الاستثنائي ولم تخشى الوباء بل واجهته بعزيمة وإصرار وحس وطني عميق.

فهذه “فاطمة.ن” تقطن بمدينة تيفلت،وتقتسم غرفة مع أربع من زميلاتها في العمل،سألناها عن ظروفها وظروف اشتغالها بالحقول فردت بعد صمت مريب:” ماذا عساني أن أقول،نعيش ظروف قاسية جدا،نكتري غرفة نحن الأربعة،ونشتغل في الحقول ضواحي المدينة،مقابل 70 درهم وأحيانا أقل،في ظروف جد قاسية،لا تأمين ولا تعويض ولا مستقبل،نشتغل لنحيا، تشتغل لنساعد أسرنا في مدننا،أنا من القلعة وصديقاتي من أماكن أخرى،مطلقة ولي ابنة،تعيش مع والدتي،مضطرة لزيارتها مرة في الشهر،وهذا يتطلب مصاريف إضافية ،صعب أن أوفرها من العمل في الحقول،وأحيانا لا تحصى بفرصة العمل في المزارع ،لنرجع للغرفة ننتظر اليوم الموالي،باختصار وضعنا مأساوي،ولا أحد ينتبه الينا خاصة في ظروف كورونا ،عانينا كثيرا ولا وانا”،قاطعتها زميلتها ” تشتغل يوميا ولا نستطيع توفير حتى لقمة العيش وواجبات الكراء والماء والكهرباء،فكيف بتوفير المال للمستقبل،كل العاملات في الحقول يعانين التهميش والاقصاء،خاصة الوافدات من مناطق أخرى من المغرب،إنها المعاناة بأسمى تجلياتها”.

تحكي بشرى (23 سنة) عن أسباب لجوئها لهذا العمل: ”أبي مريض ولا أحد في أسرتنا يتحمل المسؤولية فلجأت للعمل في الحقول،رغم أني متعلمة،لم أجد من يساندني،أو يساعد أسرتي ،فاضطرت للعمل بالأحرى الذي يفرضها المشغل،قاطعتها زميلتها قائلة ” إنه عمل مضن لكننا مضطرات إلى ذلك“.

تتنهد بشرى وقد حجبت وجهها بخمار يقيها حر الشمس، فقالت بصوت ينبئ عن الشعور بالقهر والظلم: ”إنها ظروف قاسية دفعتنا لهذا العمل، فمنذ أن بلغت سن السادسة عشرة وأنا أعمل أجيرة في الفلاحة، فلو كان لي إخوة ذكور لجلست ببيتنا معززة مكرمة، ولكن الحمد لله على كل حال”.

الصور التي عرضتها فاطمة وبشرة وصديقاتهما ما هي إلا صورة من معرض كل لواحته معاناة ومٱسي،واقع مر،يجسد واقع هش،يفرض التدخل العاجل لانقاذ فئة تعتبر هي الأخرى في الصفوف الأمامية وتساهم بشكل مباشر في ضمان الاستقرار الغذائي بالمغرب بشكل عام.

.فعاملات الحقول هن الحلقة الأضعف في سلسلة القطاع، تحيطهن المخاطر من كل جانب ويطاردهن شبح الموت مع كل خطوة منذ لحظة خروجهن من بيوتهن فجرا في الشاحنات أو على الأقدام حتى عودتهن قبل الغروب  ومع هذا تجدهن كاتمات لغيضهن بفؤاد حليم لا يفيض إلا بالصفاء والمحبة، وجوههن المجعدة منهكة القوى تكسوها بسمات بينما في عيونهن صرخات تئن بصمت مكتوم، حملهن ثقيل تنوء تحته الجبال ولكنهن يتحدّين الوباء والعناء ويسلكن الطرقات الوعرة في رحلتهن اليومية للكفاح من أجل البقاء، تقول السيدة ” خديجة ” نخرج يوميا لنموت،لنكافح من أجل لقمة العيش،نزرع ليحصد الٱخرون،لكننا،نفنى في صمت،دون أن ينتبه إلينا أحد…” كلماتها تلخص المشهد ولعلها تصل الى صانعي القرار حتى يعوا جيدا ثقل ما تحمله هذه الحرة وغيرها من حرائر المغرب اللاتي لولاهن لخلت الاسواق والمخازن من الخضر والغلال والقمح والفواكه.

واذ نحن في خضم معركة وأمام وضع مرجح للأسوأ نظرا لما يمثله خطر انتشار الجائحة من تهديد يجب علينا توفير الأدوات من أجل خوضها والانتصار فيها، والانتصار الذي ننشده لا يأتي الا بالقرارات السليمة والمدروسة والعمل الدؤوب، الذي يصب في اتجاه من هم في الواجهة ومن بهم نحفظ أو نخسر توازننا.

فاننا ندعو المجتمع المدني والمنظمات النسوية التي تحتفل باليوم العالمي للمرأة والمهتمين بالقطاع الفلاحي إلى اليقظة والتعبئة لمواجهة وباء فيروس كورونا وتداعياته على القطاع الفلاحي والعاملات فيه ومطالبة الحكومة بضرورة الاهتمام الجاد بالأوضاع الهشة لهذه الفئة التي تواجه الجائحة بنفس الوضع الذي طالما نبهنا اليه ونددنا به كما يجب دعوة الحكومة إلى التعجيل بايجاد آلية تضمن لهذه الفئة ادنى ظروف العيش الكريم وإعطائهن الأولوية في الاستفادة من المنح والمساعدات الاجتماعية بطريقة ناجعة ودون احداث فوضى وتعريضهن للخطر كما يحدث يوميا على الطرقات.

ولحماية صحة العاملات ووقايتهن من خطر العدوى ندعو إلى تكثيف زيارات المراقبة للضيعات الفلاحية التي اقتضت الضرورة استمرارها في العمل لفرض التزام المشغلين باحترام الإجراءات الاحترازية الصحية أثناء العمل واثناء نقل العاملات تفاديا لانتشار الوباء وحفاظا على سلامتهن الصحية.

للأسف ،هؤلاء جزء من الصورة الحقيقية لنساء المغرب. نساء لا تعرفن شيئا عن المنظمات النسائية المغربية، ولا تعرف عنهن المنظمات المذكورة شيئا يذكر. عفوا. ربما عرفن ثم تجاهلن. فلماذا يكثر الصراخ والضجيج، وتعلن حالة الطوارئ والتعبئة في بعض القضايا والمجالات، في حين تكتم الأنفاس وتغلق الأفواه حول هذا الواقع المزري لنساء المغرب الحقيقيات.

وتبقى المرأة العاملة في الحقل بتيفلت أو بباقي المغرب تخضع للاستغلال من قبل أرباب الضيعات والحقول، فلا هي فازت بعقد عمل يضمن حقوقها، ولا هي شعرت بالأمان حين توجهها إلى العمل ولا هي سلمت من ألسنة الناس.

مشاركة