FB IMG 1614331991598.jpg
كتبه كتب في 26 فبراير، 2021 - 10:48 صباحًا

حين يمارس مفكر التغليط والدوغمائيا
المفكر سعيد ناشيد

بقلم:ذ.نورالدين بوصباع

” تجربة أوروبا مع الحداثة تثبت أن الاصلاح الديني يسبق الاصلاح السياسي ويحتضنه و يفتح له الطريق” هاشم صالح

جميل جدا ان يخرج المجتمع السعودي من شرنقة فكره الوهابي المتزمت، ومن عقليته الدينية المنغلقة والمتصحرة والمستقيلة ويدخل غمار الحداثة بكل تجلياتها.هذا الفكر الذي انفقت السعودية على نشره في سائر بقاع العالم العربي والاسلامي الملايير من أموال البترودولار والتي لو تم استثمارها في البحث العلم والتنمية المستدامة في بقاع العالم الاسلامي والعربي لكنا اليوم في احسن حال.
جميل جدا أن جميل جدا أن يكون للفلسفة ولحرية الرأي والمعتقد وللموسيقى وللسينما ولحرية المرأة شأن في النسق السعودي الذي ضيع اجيالا من الشباب الحالم بالصحوة الاسلامية وعودة الخلافة على منهاج النبوة في غمرة التزمت والغلو والتشدد والتكفير والتحريم.
وجميل جدا أن يُمنح للناس أفقا جديدا عنوانه الاقبال على الحياة والتمتع بها لا تمجيد فلسفة الموت” اطلبوا الموت توهب لكم الحياة” والبكاء على الأطلال والدوران في دوغما” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر.
في تدوينة للمفكر سعيد ناشيد يشيد بالتحول الكبير الذي عرفه المجتمع السعودي، والتخطي والتجاوز الغير مسبوق الذي يشهده المجتمع بشكل جذري، وهذا في حد ذاته انجاز غير مسبوق، وسأحول ان أناقش هذه التدوينة بشكل منطقي وعقلاني لأنها حملت كثيرا من الأفكار الغير معقولة، يقول المفكر سعيد ناشيد” أن ينتقل المجتمع السعودي في ظرف شهور معدودة من مجتمع يحرم الفلسفة ، والموسيقى، والسينما، يمنع المرأة من السياقة ، والرأي، إلى مجتمع ينتج أهم مجلة عربية في الفلسفة اليوم….” هنا أختلف مع المفكر سعيد ناشيد في مسألة زمن التحولات وخاصة زمن التحولات في البنى الذهنية والشعورية، فلو قارنا مثلا صيرورة وسيرورة التحولات التي قطعتها الحداثة في السياق الغربي والتي ابتدات بعصر النهضة مرورا بعصر الأنوار وبالمخاضات الفكرية والفلسفية والسياسية والاقتصادية لاكتشفنا أن زمن التحولات نحو الحداثة الغربية قد قطع قرونا و أجيالا حتى تحققت كمنتوج خالص نابع من نقاش عمومي ساهم فيه الجميع و خاضوا فيه نقاشات عميقة و نضالات كبرى، ولكن أن يذهب المفكر سعيد ناشيد للحديث عن تحول أو انتقال في ظرف شهور فهذا شيء غريب في زمن التحولات المرتبطة ببنية المجتمعات، وربما هو انتقال مفروض من فوق بعدما انهارت بورصة الاسلام السياسي و تبين ان السعودية بفكرها الوهابي ومغامراتها في قمع الحريات الفردية و النيل من المعارضين ولعل مجزرة المرحوم خاشقجي الرهيبة خير دليل على ما أقول، وعليه لن تتمكن من إدراك العالم الذي وصل اليوم المريخ،بينما هي لازالت تعيش على ثنائية التحليل والتحريم.
يضيف المفكر سعيد ناشيد” وذلك رغم وجود مليون واعظ ، نعم مليون نعم مليون واعظ، ابتلعوا السنتهم، أو فهموا، أو تكيفوا…..” هنا يحاول المفكر سعيد ناشيد ان يمارس تغليطا مفضوحا أخر،متناسيا أن هذا المليون واعظ لم ينزلوا من القمر ولم يخرجوا من أعماق الأرض، بل أنهم تلقوا تعليمهم الديني و وفق المرجعية الوهابية في السعودية، وأن هؤلاء الوعاظ الذين كانوا قبل شهور كما يشير المفكر سعيد ناشيد قبل أن تقع معجزة التفكير في التفكير في إخراج المجتمع السعودي من انغلاقه و سياسته الغليظة القائمة على تنفيذ الشرع هم نجوم القنوات الوعظية وتصرف لهم مكافآت سخية لتكريس الانغلاق والتزمت والتشدد،فسبحان الله كأن الوعاظ كانوا خارج عباءة الدولة وكانوا ضد خطها المتشدد والممعن في الغلو.
إجمالا تبدو التدوينة لم تكن مدروسة بشكل عقلاني ومنطقي لأنها لم تكن أولا تستند إلى قراءة تاريخانية واعية يضع مسألة التغير الاجتماعي في زمنه الاعتباري والذي يقدر بالقرون والأجيال و ليس بالشهور فهذا يبدو لي معجزة تنضاف إلى تاريخ المعجزات في سياقنا العربي والاسلامي، وثانيا لم تكن تراهن على التغيير الحقيقي الذي ينبني على تخطي بنية التخلف بشكلها الجذري وليس القشور، فمثلا ما موقع الفكر الوهابي و فكره المنغلق من هذا التغيير الذي جيء به من فوق، وهل سيتم اجتثاته باجتثات الوعاظ، و حذف الآيات التي تدعو للجهاد؟ واية فلسفة سيتم تدريسها في السعودية وأقصد بذلك الفلسفة السياسية و بنية الدولة الحداثية؟ وأي منطق حداثي سيتحكم في مسالة التداول على السلطة؟
اسئلة أتمنى من المفكر سعيد ناشيد صاحب كتاب التداوي بالفلسفة أن يجيبنا عليها، واما مسألة قيادة السيارة وحرية السفر بدون محرم و إصدار مجلة عربية في الفلسفة اليوم فمسائل تافهة، ولكن اية فلسفة سيتم الخوض فيها في السعودية؟

مشاركة