الرئيسية آراء وأقلام المسلسل الإجرائي لضمانات المحاكمة العادلة

المسلسل الإجرائي لضمانات المحاكمة العادلة

IMG 20210207 WA0264.jpg
كتبه كتب في 11 فبراير، 2021 - 4:27 مساءً


عزيز بنزيان طالب باحث في العلوم الجنائية والأمنية
الجزء الثاني :
تعتبر إجراءات المحاكمة من بين محطات مسلسل إجرائي يمر منه المتهم من مختلف الأجهزة المكلفة بالبحث التمهيدي والتحقيق الإعدادي وصولاً إلى الهيئة القضائية التي تبت في جوهر النزاع ، غير أن دراستنا ستقتصر على جزء من هذه المحطات وتحديداً الحراسة النظرية أو الإحتجاز في المراكز المعدة لذلك ، فهذه مكنة مهمة وحساسة تؤثر سلباً على مبدأ قرينة البراءة إن لم تحترم شكلياتها وإجراءاتها .
فقانون المسطرة الجنائية ينص على الإحتجاز والوضع تحت الحراسة النظرية في حالات التلبس بجناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس . وفي حالة التلبس إذا تم الإحتفاظ بشخص أو عدة أشخاص رهن إشارته تحت الحراسة النظرية ، يجب إشعار النيابة العامة بذلك على الفور . وعلى خلاف الحالة التي يرتكب فيها الشخص جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس يجب على السلطات الحصول على إذن من النيابة العامة لوضع المشتبه به تحت الحراسة النظرية .
ووفقا للمادة 66 من قانون المسطرة الجنائية تعد مدة الحراسة النظرية في الجرائم العادية محددة في 48 ساعة ، ويمكن تمديدها بإذن كتابي من النيابة العامة لمدة أربع وعشرون ساعة مرة واحدة بما مجموعه 72 ساعة . وإذا كانت الجريمة تتعلق بالمس بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي فإن المدة تكون 96 ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة وهذا متوقف على إذن كتابي من النيابة العامة . وإذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية فإن مدة الحراسة النظرية تكون 96 ساعة قابلة للتمديد مرتين ، بناء على إذن كتابي من النيابة العامة .
ويؤكد قانون المسطرة الجنائية على أن جهاز النيابة العامة يقوم بمراقبة أماكن الوضع تحت الحراسة النظرية حيث يكلف أحد أعضائها بالحرص على إحترام إجراءات التوفيق والإحتجاز بما في ذلك المدة القصوى لإبقاء الشخص رهن إشارة الضابطة القضائية .
وهناك مجموعة من المعايير الدولية التي تعتبر سند للإحتجاز لدى الشرطة والمؤكدة على ضمان الحرية ، وهذا ما جاء في المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، والمادة 6 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب ، والمادة 14 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان ، وغيرها من المواثيق الدولية والإقليمية . حيث أن هذه القواعد تحظر حرمان أي شخص من حريته إلا في الحالات وطبقاً للإجراءات التي ينص عليها القانون ، والتي يجب أن لا تخرج عن قواعد القانون الدولي .
وقد يكون الإحتجاز مسموحاً به بموجب القوانين المحلية ويكون تعسفياً على الرغم من شرعيته الإجرائية ، فهذا ما جاء في تفسير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، حيث قالت ، لا يجوز إعتبار مفهوم (التعسف) كمرادف لمفهوم (مخالفة القانون) بل يجب تفسيره بشكل أوسع ليشمل عناصر الملائمة وقابلية التوقع وإتباع الإجراءات القانونية الواجبة .
وعليه قد يكون الإعتقال أو الإحتجاز مسموحاً به وفق القوانين المحلية ولكنه إجراء تعسفي بموجب المعايير الدولية ، مثلاً عندما يتضمن القانون مفاهيم غير واضحة وعامة “كالأمن العام” من دون تقديم أي تعريفات دقيقة .
فالأسس المؤدية إلى الوضع تحت الحراسة النظرية في قانون المسطرة الجنائية نجد مصطلح “ضرورة البحث” وهو فضفاض المعنى ويحتمل أكثر من صورة ، والمأخوذ عليه أنه لم يتم التوسع في هذا النص من خلال تعريف أو وضع أمثلة ملموسة عمّا يمكن اعتباره ضرورياً للبحث ، فهذا النص يفتقر إلى الوضوح والدقة .
فإن أهم خصائص النصوص الجنائية بشقها الموضوعي والإجرائي يجب أن تتوافق والتشريعات ، لأن القاعدة يجب أن تنبني على الواقع وتكون مطابقة له ، وعليها كذلك أن تتميز بالدقة والوضوح والبساطة. لأن تفعيلها بشكل خاطئ يؤدي إلى المساس بمركز الأطراف .

مشاركة