الرئيسية آراء وأقلام الفصل 490 بين الدين والعلمانية

الفصل 490 بين الدين والعلمانية

IMG 20210209 WA0042.jpg
كتبه كتب في 9 فبراير، 2021 - 9:16 مساءً

بقلم :ذ يونس بن الطالب: محام بهيئة مراكش

لاتخلو هذه الايام مواقع التواصل الاجتماعي من نقاش الفصل 490 من القانون الجنائي ولا المقاهي ولايستثنى من ذلك رجال القانون ، ومن يهمهم الامر من باقي فئات المجتمع الا ان المعركة الاشد الان قائمة بين التيار العلماني الذي يدعو اى الغاء الفصل المذكور ومنح الحرية المطلقة للافراد في ربط العلاقات الرضائية والممارسة الجنسية دون اي قيود، بشرط الرضائية بينما في الواجهة الاخرى يوجد التيار الديني الذي يحاول الاتكاء على سلطة الدين ويطالب باستحياء بالابقاء على الفصل 490 والذي يظل في جميع الاحوال أرحم من تطبيق حد الشريعة الاسلامية والذي يعاقب الزاني بعقوبات مختلفة بحسب صفة الزاني أو الزانية ان كان متزوجا او أعزبا ، وبين تشريع السماء ومطالب اهل الارض تدور رحى معركة حامية الوطيس ، يترقب فيها كل واحد اعلان النصر على الاخر وينتظر معهما فئة عريضة من المواطنين مستعدون للخضوع للمنتصر ايا كان ، فما هي مطالب كل تيار ؟ وما هي حججه واسانيده في الدفاع عما يطرحه من أفكار؟
هذين الاشكالين سنتنطرق لهما بالتحليل وفق مرحلتين
المرحلة الاولى النظرية الدينية
الملرحلة الثانية النظرية العلمانية

المرحلة الاولى النظرية الدينية :
يعتمد أنصار النظرية الدينية على ماأنزل في القرءان للدفاع على الابقاء على الفصل 490 من القانون الجنائي ، ويعتبر اخف عقابا على ماجاء بالتشريع الاسلامي الذي يعاقب الزاني غير المتزوج بالجلد مائة جلدة وبالرجم حتى الموت للمتزوجين والمتزوجات ويتشدد في اثبات هذه الجرائم بأربع شهداء قد شاهدوا فعل الزنى بأنفسهم واشتراط الايلاج بحيث لايمر الخيط بين الرجل والمرأة ، كما يعتبر من ادعى الزنى في في حق غيره قادفا لهم ، ويجلد ثمانين جلدة في حالة عجزه عن اثبات ادعائه ، وعلى هذ الاساس يتحاشى انصار النظرية الدينية تشريع السماء ويعتنقون تشريع الأرض مجبرين ،على اعتبار ان الصراع التشريعي بين ماهو ديني وماهو دنيوي هو الان في جولة لصالح العلمانية ولا ينادي حاليا مؤيدوا التشريع الاسلامي الا الابقاء على فصل الرحمة خاصة وانه اذا عدنا الى التاريخ القريب جدا فسنجد تورط قيادات دينية من رجال ونساء في جرائم الزنا وان المناداة بالابقاء على التشريع الجنائي بدل اقامة الحد الديني هدفه الضمني هو الافلات من عقاب اشد الى عقاب اخف ومواجهة الذنب بالاستغفار فيما خفي منه وأما ماظهر فالفصل 490 يبقى أرحم من الجلد والرجم ، وكدا تجنب المواجهة مع السلطة التي طالت معها المعارك دون تحقيق اي نصر للتيار الديني

المرحلة التانية انصار العلمانية :

ظلت الافكار العلمانية بالنسبة للمغاربة أفكارا دخيلة على المجتمع ، وقاوموها وتصدوا لها دائما ورفضوها علانية ،وتحالفوا معها سرا وأيدوها ، خاصة وانها من ارث خلفه المستعمر الفرنسي وان الدفاع عن هته الافكار ماهو الا دفاع عن استمرار التحكم الفرنسي في التوجهات الفكرية المغربية ، الا ان الانفتاح المغربي على الثقافات الخارجية هو ماجعل الحركات التحررية وخاصة منها النسائية تجد سندا قويا لها في الدفاع عن كل مايعتبرونه حرية فردية ، وهو ماجعل ايضا الفصل 490 من ق ج بالنسبة لهم مقيدا للحريات وجب الغاؤه الى جانب مطالب اخرى كالاجهاض مثلا ، وقد خاضت هذه الحركات معارك طويلة أجبر فيها حتى المتدينون على القول بصلاحيتها وعلى سبيل المثال ، مسألة تعليم المرأة وخروجها للعمل ، وطريقة لباسها فالذين كانوا بالامس يعزلون المرأة ويعتبرونها كيانا غير قادر على صون نفسها وشرفها وشرف عائلتها هم أنفسهم الذين باتوا يرسلون بناتهم الى الخارج لاتمام دراستهم حتى في غياب اية رقابة عليهن وسمحن لهن باكمال تعليمهمن في مدن بعيدة عن مكان اقامتهن بل والمشاركة ايضا في العملية السياسية ، بل والسفر لوحدهن لاجل السياحة فقط الى بلاد كانوا يعتبرونها بلاد الكفر وتلقائيا بمرور الزمن اجبر المتشدودون عن التراجع ، واستمر العلمانيون في مطالبهم بكل اصرار وسندهم في ماأقره الدستور المغربي لسنة 2011 والذي جاء متقدما وضامنا للحريات الا أن القانون الجنائي وخاصة الفصل 490 موضوع النقاش ، يعتبر قانونا لايتلائم ولا يتماشى مع مقتضيات الدستور الجديد للمملكة واذا كانت مقتضيات الدستور تعطي الاولية في التطبيق على القانون الوطني فاننا في الواقع لازلنا نراها توضع جانبا ويستمر القانون الجنائي في جر الدستور الى الخلف وغض الطرف عما صادق عنه المغرب من اتفاقيات دولية تعترف بالحقوق الفردية وتدعوا الى حمايتها ،واذا كان القانون الجنائي يجرم الفساد فان المواطنين يرتكبون هذه الجريمة بارقام مرتفعة تصل سنويا لعشرات الاف امام المحاكم المغربية هذا فيما يتم ضبطه، اما ماخفي فكان أعظم ، ناهيك على ان هذا الفصل هو فصل طبقي يعاقب بشكل اكبر الفئات الهشة ويستحيي من يتعاطون هذه الجريمة بشكل راق وفي اماكن محصنة بشتى الوسائل
وبين مطلب الدين والعلمانية بين الابقاء والالغاء ، فان الساحة الحقوقية تفرض الدفاع عن كافة الحريات بنفس الشراسة ، وعدم الاطالة في النقاشات التي لاتحقق على الساحة اية نتائج تذكر خاصة في ظل وجود طرف ثالت وهو السلطة التي يتجنب الجميع الاصطدام معها .

مشاركة