الرئيسية غير مصنف الجهوية المتقدمة أداة لتحقيق الحكامة الترابية..

الجهوية المتقدمة أداة لتحقيق الحكامة الترابية..

b04e0f89d65e2007bbfae57af755c4e6.0.jpg
كتبه كتب في 12 فبراير، 2021 - 11:04 مساءً

تعد الجهوية اليوم من أبرز السمات التي تميز الانظمة السياسية واإلدارية المعاصرة ، وهي شكل جد متطور لنظام الالمركزية ، ووسيلة ديمقراطية مثلى إلشراك الساكنة في تدبير شؤونهم من خالل مؤسسات جهوية ومحلية تحظى بصالحيات واسعة وإمكانيات بشرية ومادية هامة .دون المس بسيادة وكيان الدولة، فموضوع الجهوية المتقدمة من المواضيع األكثر أهمية في مسلسل اإلصالح الذي أطلقته السلطات العمومية من أجل تسريع وتيرة التنمية والتغلب
على تحديات العولمة، والمجهودات المبذولة في هذا الشأن تندرج في إطار تدعيم مسلسل الالمركزية عبر سن ترسانة قانونية وتنظيمية تمكنها من الحصول على الموارد واآلليات الضرورية التي تمكنها من تقوية التدبير واتخاذ القرارات المحلية.
فالرهان على الجهوية اليوم رهان على التنمية الشاملة ، رهان على تحديث البنية المؤسساتية للدولة ، لما ستتيحه الجهوية من تحقيق التقدم والتطور االقتصادي واالجتماعي لكافة المناطق ، عبر وضع مخططات واستراتيجيات مختلفة وبرامج لمكافحة االختالالت والفوارق المجالية واالجتماعية
ولمعالجة هذا الموضوع وإبراز أهم محاوره نتساءل، كيف يمكن للجهوية التي أصبحت خيارا استراتيجيا لذوي القرار أن تحقق التنمية المندمجة والحكامة الترابية الجيدة؟
الفقرة األولى : الجهوية المتقدمة؛ التطور و المرتكزات

أوال: تطور الجهوية

إن التحوالت التي عرفتها العديد من األنظمة السياسية واإلدارية، وظهور مفاهيم من قبيل التنمية المندمجة

و الديمقراطية المحلية ، والحكامة الترابية والتدبير التشاركي في أسلوب اإلدارة المعاصرة هي عوامل رئيسية ، أدت بصناع القرار السياسي في بلادنا إلى إعادة النظر والتفكير في آليات عمل اإلدارة المحلية والجهوية واألسس التي تقوم عليها ، وإعادة تأطيرها لمسايرة المستجدات الداخلية .والخارجية في سبيل تحقيق الرفاهية والتطور للمواطنين فالتراكمات السياسية واالقتصادية والتحوالت التي طبعت بنية المجتمع المغربي خاصة في العقود األخيرة ، أبرزت االهتمام ووعي السلطات . العمومية بأهمية الجهوية كأسلوب لتدبير الشأن المحلي،تاريخيا فقد مرت الجهوية بالمغرب بعدة مراحل متعددة ، انطالقامن خضوعها للتجربة في إطار ظهير 16 يونيو 1971 المتعلق بإحداث المناطق،االقتصادية السبع، ثم االرتقاء بالجهة إلى مستوى الجماعة المحلية بمقتضى دستور 1992 ، ثم تدعيم مركز الجهة أكثر في دستور 1996 ،
وأخيرا بصدور القانون رقم 47/96 بتاريخ 20 أبريل 1997 الذي أضفى عليها الشخصية المعنوية ونظم تشكيل وتسيير مجالسها وأيضا .مجاالت وصاية الدولة عليهالكن التجربة الجهوية أفرزت بعض النقائص واإلكراهات ،وأبانت عن محدوديتها وذلك راجع لعوامل أساسية تتجلى في طبيعة البناء المؤسساتي للجهات المتسمة بضعف الفعالية وعدم النجاعة، كتداخل االختصاصات بين الجهة والوحدات الالمركزية األخرى، وإشكاالت أخرى مرتبطة بالجوانب الهيكلية ذات الصلة بالنظام االنتخابي وضعف النخب الجهوية وثقل الوصاية اإلدارية وتشعبها والخصاص الكبير في اإلمكانيات البشرية والمالية، ومحدودية التقسيم الترابي وعدم مواكبة سياسة عدم التركيز اإلداري للجهوية…إلخ
ثانيا: التعريف الجهوية المتقدمة وأهم مرتكزاتها
إن الأختلالات والنقائص التي شابت التجربة الجهوية ، هي التي دفعت بالنظام السياسي في بالدنا إلى اإلعالن عن رغبة قوية لإلرتقاء بالنظام الجهوي إلى وضع متقدم ، تحظى فيه الجهة بمكانة قانونية متميزة، تستطيع من خاللها القيام باألدوار التنموية المناطة بها، األمر الذي يجعلها .قائمة الذات ويجعل من الالمركزية الجهوية المغربية حقيقة حاسمة وواقعا ملموساويمكن تعريف الجهوية المتقدمة بأنها تعبير عن تقاسم الصالحيات بشكل أوسع بين المركز وباقي التراب ، أي إعادة النظر في األدوار الجديدة .للدولة بما يتيح تقاسم المسؤوليات بين الدولة والجهاتفالجهوية يمكن اعتبارها تحديث في بنية هياكل الدولة واإلدارة ، فهي تعيد النظر في عالقات السلطات المركزية بالمنتخبين ، سعيا نحو االنتقال
من عالقات السلطة العمومية المقترنة بالوصاية والرقابة إلى عالقات التشاور والتدبير التشاركي والتعاون ،دون أي إخالل باالختصاصات التي .تعود حكرا للدولة ، وال بالصالحيات التي تمكنها من ضمان سيادة القانون ، وأسبقية وصدارة السياسات الوطنية على المحليةوالفصل 136 من دستور 2011 ، ينص على أن التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على مبادئ التدبير الحر وعلى التعاون والتضامن، ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامةأما الفصل 137 من نفس الدستور فينص على “ أن الجهات والجماعات الترابية األخرى تساهم في تفعيل السياسة العامة للدولة ، وفي إعداد
.السياسات الترابية ، من خلال ممثليها في مجلس المستشارينفالجهوية المتقدمة تندرج في إطار السياسات العمومية للمغرب ، كآلية لتفعيل الديمقراطية المحلية على المستوى الوطني من خالل ترك الحرية في الا ختيارات ووضع البرامج االقتصادية واالجتماعية والتنموية للسكان المحليين حسب كل جهة يديرونها حسب قدراتهم ومواردهم الذاتية ، في .إطار من التضامن والتكامل بين باقي الجهات
فالمقاربة التنموية الجديدة أصبحت تفرض االنتقال من تنظيم إداري مبني على البيروقراطية والمركزية المفرطة أوالمتشددة إلى نظام يتأسس على الحكامة الجيدة والمقاربة الترابية وتدعيم سياسة القرب، أي نظام إداري يشبه إلى حد كبير األنظمة المطبقة في الدول الجهوية كاسبانيا وإيطاليا
..وقد سبق لجاللة الملك محمد السادس أن عبر في خطابه بتاريخ 20 غشت 2010 بأن تكون الجهوية تحوال نوعيا في أنماط الحكامة الترابية ..,
أن إطلاق ورش الجهوية المتقدمة توطيدا للحكامة الترابية الجيدة والتنمية المندمجة… وقد جاء الخطاب الملكي بتاريخ 3 يناير 2010 حول :تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية ليسطر التوجهات والمرتكزات األساسية للجهوية والتي تتجلى في التالي :
أوال: التشبث بمقدسات األمة وثوابتهافي وحدة الدولة والوطن والتراب…..يتبع

مشاركة