الرئيسية آراء وأقلام قراءة في الخطاب الملكي ل 9 أكتوبر 2020 خطاب ملكي قوي يرسم مداخل الخروج من الأزمة

قراءة في الخطاب الملكي ل 9 أكتوبر 2020 خطاب ملكي قوي يرسم مداخل الخروج من الأزمة

IMG 20201009 WA0157.jpg
كتبه كتب في 10 أكتوبر، 2020 - 12:08 صباحًا

د/ بدر بوخلوف
كلية الحقوق بمراكش
باحث في الشأن البرلماني


شكل توجيه عاهل البلاد الملك محمد السادس نصره ومن القصر الملكي بالرباط خطابا ساميا إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة، لحظة مفصلية في زمن استثنائي عنوانه الأبرز التصدي بكل حزم لتداعيات جائحة كورونا. في هذا الإطار، استهل الملك خطابه بالتأكيد على مسألتين وهما: أولا الظروف الاستثنائية التي يمر منها العالم وبلادنا تحديدا، وثانيها تذكير ممثلي الأمة بما تبقى من الزمن البرلماني في هذه الولاية التشريعية، وداعيا إياهم في الآن نفسه إلى بذل المزيد من الجهد لاستكمال مهامهم الإنتذابية على أحسن وجه.
الخطاب الملكي شخص بشكل عميق آثار الجائحة، معتبرا إياها قد أظهرت وبما لا يدع مجالا للشك حجم الاختلالات ومواطن العجز والضعف، ولاسيما في مجال التغطية الاجتماعية والصحة العامة، وكذا تأثيرها البالغ على قطاعي الاقتصاد والتشغيل. الشيء الذي يستدعي وبالمقام الاول بلورة خطة طموحة لإنعاش الاقتصاد الوطني، ومشروعا كبيرا لتعميم التغطية الاجتماعية وفق ما تفرضه آلية الحكامة الجيدة من مبادئ ومقومات، داعيا إلى إصلاح عميق لمؤسسات الدولة والقطاع العام. هذه المداخل الكبرى من شأنها في نظر ملك البلاد التخفيف من حجم الأزمة والحد من آثارها السلبية، وأيضا توفير الشروط الملائمة لتنزيل النموذج التنموي المرتقب.
الملك في ذات السياق أكد على أن تنزيل استراتيجية انعاش الاقتصاد الوطني لابد وأن تكون من أولويات هذه اللحظة التاريخية، بحيث انها ستسعى بالمقام الاول إلى دعم القطاعات الإنتاجية، وخاصة نسيج المقاولات الصغيرة والمتوسطة، والرفع من قدرتها على الاستثمار، وخلق فرص الشغل، والحفاظ على مصادر الدخل. ومشددا في الآن نفسه على ضرورة أن يتم تنزيلها في إطار تعاقد وطني بناء، بين الدولة من جهة والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين من جهة ثانية، وذلك من أجل ضمان شروط نجاحها، انطلاقا من تلازم تام ما بين الحقوق والواجبات الوطنية. وهي كلها أهداف سيتم تنزيلها من خلال استحداث صندوق اطلق عليه اسم صندوق محمد السادس للاستثمار.
عاهل البلاد وفي إطار انعاش الاقتصاد الوطني شدد على الأهمية التي يجب أن تعطى للفلاحة والتنمية القروية، ضمن هذه العملية، والتي استدعي كذلك تعزيز التنسيق والتعاون بين القطاعات، مع العمل على تحفيز الشباب في العالم القروي، عن طريق خلق المقاولات ودعم التكوين، لاسيما في المهن والخدمات المرتبطة بالفلاحة.
ان بلوغ مبتغى التنمية الاقتصادية في نظر الملك لابد وأن تتم في إطار النهوض بالجانب الاجتماعي وتحسين عيش المواطنين، وهي كلها مطالب ساهمت الجائحة في ضرورة تنزيلها وتفعيلها، الشيء الذي بات يفرض تعميم التغطية الاجتماعية باعتبارها مشروعا وطني كبير وغير مسبوق. وذلك كله في إطار الارتكاز على مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وإعمال منطق الكفاءة والاستحقاق في معايير ومساطر التعيين في المناصب العليا، وذلك بما يحفز أولا الكفاءات الوطنية على الانخراط في الوظيفة العمومية وثانيا على جعلها أكثر جاذبية.
إن التصدي لجائحة كورونا باعتبارها أزمة دولية ووطنية غير مسبوقة تستدعي تعبئة وطنية شاملة وتضافر جهود الجميع، دولة ومؤسسات عمومية وقطاع خاص ومجتمع مدني ومواطنين، وذلك في أفق الخروج من الازمة بأقل الاضرار والخسائر، وذلك باعتبار حماية الوطن والمواطنين وإن كانت من صميم المهام الدستورية للمؤسسة الملكية إلا أنها تظل مسؤولية جماعية مشتركة.

مشاركة