الرئيسية آراء وأقلام كيف نفهم أن جذر الشر هي السياسة وليست الأحزاب…

كيف نفهم أن جذر الشر هي السياسة وليست الأحزاب…

FB IMG 1600939372424 1.jpg
كتبه كتب في 29 سبتمبر، 2020 - 10:43 صباحًا

بقلم: ذ نورالدين بوصباع

كثير من البسطاء في التحليل السياسي كثيرا ما يُحملون الأحزاب السياسية سبب تدهور الاهتمام بالشأن العام وعزوف الشباب عن الاهتمام بالسياسة، ولكن الحقيقة المرة هو أن موت السياسة أسبق من موت الأحزاب التي أصبحت وكرا للارتزاق وغدت أشبه بدكاكين تجارية لاهم لها سوى انتظار الانتخابات والفوز بالكراسي.
كثيرا ما أرى كثيرا من المراهقين في السياسة يدافعون عن الحزب أكثر من دفاعهم عن السياسة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هولاء لايؤمنون بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد وأنهم لايفهمون من السياسة سوى مايحصلون عليه من امتيازات من خلال الأحزاب الشكلية، ولهذا تجدهم أكثر شراسة في الدفاع عن هذا الحزب أو ذاك أو هذا الصنم/زعيم الحزب أو أمينه العام أو ذاك مادام أن الحزب في حال وصوله إلى سدة الحكم سيكون من السهل تحقيق مصالحهم الفئوية الضيقة، وأنه لاعلاقة لهم بالسياسة كإطار تنظيمي وكمشروع مجتمعي وكأيديولوجيا بناءة.
علم الاجتماع السياسي يحيلنا إلى فرضية مهمة وهي أنه عندما يتم إفراغ السياسة من مضامينها الحقيقية و من ديناميتها الفعالة في تأطير الوعي الجمعي و دفعه للمساهمة في بناء براديغمات التنمية والاصلاح والتغيير، تصبح الأحزاب السياسية مجرد ديكورات لتأثيث مشهد تراجيدي يكتنفه البؤس والرداءة، وتغدو بشكل سخيف مجرد إفرازات للنسق السياسي السائد المؤمن بالاستمرارية و الذي كثيرا ما يستغلها لتمرير مخططاته و تكتيكاته، وعليه لو تتبعنا كل من تجربة التناوب التوافقي الذي قاده حزب الاتحاد الاشتراكي و وصول حزب العدالة والتنمية لسدة الحكم، هل استطاعت هذه الأحزاب التي كان يعول عليها أن تساهم في تخليق الحياة السياسة وجعلها ممارسة عقلانية تؤسس لتعددية سياسية حقيقية وليست حزبية.
المراهقون السياسيون الحزبيون الذين يتقاتلون فيما بينهم ويحاول كل واحد أن ينتصر لحزبه و لمبادئه و لمشروعه السياسي في تقديري الشخصي هم يحاربون طواحين الهواء لأن جذر الشر في تقديري ليس في الدكاكين السياسية بل في محتوى ومضمون السياسة التي فقدت بريقها بفقدان الإرادة السياسية وانعدام الفاعلية السياسية وأصبحت مجالا مشرعا لكل من هب ودب، ولو عاينتم أمية كثير من برلمانيينا و مستواهم السياسي المتدني لاكتشفت فداحة الأمر.
الذين يتحدثون أن الأحزاب السياسيةبغباء او بسوء وعي كونها لم تعد تقوم بواجبها وأن تخلت عن دورها في التأطير السياسي و رفع مستوى الوعي السياسي لدى الشباب هو واهمون لأن جذر الشر آت من السياسة من مضومنها ومحتواها و كطبيعة النسق السياسي و طبيعة الشركاء في اللعبة السياسية من أين جاءوا و وفق أي أجندة هم يناضلون.
كثير ة هي الأسئلة التي تؤرق وتدعو لوقف النزيف.

مشاركة