محمد بنعبد الله: صوت العدالة
لقد عاشت مدينة قلعة السراغنة بعد ظهر يوم البارحة حالة غير مألوفة و لم يشهدها أي إقليم منذ الإعلان عن حالة الطوارئ ببلادنا . فالشوارع الرئيسة امتلأت عن آخرها و حركة سير الناقلات تعطلت من و إلى مقر العمالة بفعل تواجد المسيرات الاحتجاجية للمهنيين و الحرفيين و التجار و أرباب المقاهي و المأكولات الخفيفة الذين جاؤوا من أحياء و أزقة و شوارع المدينة شبابا و شيوخا ليلتفوا إلى بعضهم البعض في هذه المسيرات الغاضبة اتجاه مقر العمالة و ليقولوا بصوت عالي نحن مع قرارات السلطة العمومية لا مع القرارات الطائشة و الارتجالية . حاملين الأعلام الوطنية و صور صاحب الجلالة و لافتات كتب عليها عبارات تعبر عن ما أصابهم من جراء القرارات العاملية التي و صفوها بالمجانبة للصواب . مرددين عبارات من بينها ( العامل سير بحالك القلعة ما شي اديالك ) .( القلعة يا نوارة خرجوا عليك الشفارة ) . ( الله الله يا بابا القلعة ولات غابة ) و لعل ما تتداوله مواقع التواصل الاجتماعي و الجرائد المحلية في هذه النازلة خير دليل على ذلك . و من بين ما مسته هذه القرارات هو مبدأ مساواتهم بالأقاليم المجاورة في ما يخص فتح الأسواق الأسبوعية و مواصلة أنشطتها التجارية . الشئ الذي انعكس عليهم سلبا و أدخلهم في دوامة الإتلاف و الإفلاس الممنهج ناهيك عن ما ترتب عن ذلك من تشرد و عدم القدرة على التكفل بمصاريف دراسة أبنائهم و توفير لقمة العيش لهم . و قد قوبلت مسيراتهم بالمحاصرة أمام مقر العمالة من طرف القوات العمومية من غير أن يعرها عامل الإقليم أي اهتمام و يشفق لحالهم الذي ظهر هذه الأيام و لأول مرة و هو يتجول مشيا على الأقدام بالحي الصناعي و ساحة الحسن الثاني التي تعتبر نقطة سوداء متجردا من بدلته العسكرية و الميدانية المميزة و خصوصا نحن في ظرفية استثناء ( حالة الطوارئ ) على اعتبار أن ارتداء رجال السلطة لزيهم النظامي دليل على الانضباط كما انه يوحي بالالتزام و الطاعة و يعزز مشاعر الوحدة و الترابط و التضامن بين من يمثل السلطة و رعايا صاحب الجلالة نصره الله و أيده . مقتصرا السيد العامل في جولاته على ضبط الأشخاص الغير المرتدين للكمامات و جزرهم فقط . أما الاختلالات الأخرى التي اصمت الآذان و أزكمت الأنوف كالبناء العشوائي و احتلال الملك العمومي و بيع الخمور للمغاربة المسلمين و غيرها فهي في منآ و لا تشملها هذه الجولات و كان الأمر لا يهمه .
فكفى المقهورين قهرا و الفقراء بؤسا و تشردا فمدينة قلعة السراغنة أصبحت تحت صفيح ساخن تترقب ساكنتها الفرج العاجل من خالقها .
