الرئيسية آراء وأقلام الزواج العرفي .. الزنا تحت مظلة الشريعة

الزواج العرفي .. الزنا تحت مظلة الشريعة

IMG 20200916 WA0112.jpg
كتبه كتب في 16 سبتمبر، 2020 - 8:57 مساءً


بقلم ذ مصطفى أمجكال


من آفات الفهم لدى العديد من الشباب دعاة التدين والسنة في زعمهم النظر إلى بعض الأحكام الفقهية بعيدا عن مآلاتها التطبيقية وآثارها المجتمعية، مما يجعل بعض تلكم الأحكام وبالا حقيقيا على الدين وعلى مصالح العباد.
من تلكم الأحكام ما يعرف بين الناس بالزواج العرفي، هذا النوع الذي ذاع وانتشر شره بين أوساط العديد من المتدينين اليوم وتعداهم إلى غيرهم ممن يسعون إلى تحقيق شهواتهم الجنسية بنوع من التحايل على الشريعة السمحاء. هذا النوع من الزواج ونظيره من زواج المتعة كان له من الاثار السلبية الفادحة والفاضحة الشيء الكثير، لأنه تحايل باسم الدين وشريعة رب العالمين من أجل التطاول على المحرمات واستغلال فروج النساء بما حرم الله ودون أي التزام قانوني يضن لهن الحق في الدنيا من قبيل وثائق ثبوت الزوجية والنسب والإرث ناهيكم عن إمكانية إنهاء هذا الزواج دون قيد أو شرط لتبقى المرأة الضحية الأكبر في هذه اللعبة السخيفة المغلفة بغطاء الشريعة.
في عودة سريعة إلى آفات الزواج العرفي والمغلف بغطاء الشرعية الدينية يمكن القول إن أركان الزواج الصحيح المادية وإن توافرت في الزواج العرفي تبقي غير كافية لتحقيق المصلحة العامة المتوخاة من تشريع الزواج بين الرجل والمرأة، فلا يكفي تحقق الشرط المادي للقول بصحة الحكم مالم ينظر في مالاته وتطبيقاته، إذ كيف يمكن أن يكون هذا النوع صحيحا وهو ينطوي على العديد من المفاسد الشرعية والقانونية والمجتمعية الخطيرة. فالعديد من القضايا المعروضة على محاكم الأسرة اليوم تتعلق بثبوت الزوجية والنسب بسبب تحايل العديد من الرجال على النساء للظفر بهن تحت مظلة مسمى الزواج العرفي وتحت سطوة الفتاوى الفقهية التي كانت لظروف زمنية خاصة لا عموم لها.
إن المرأة التي تسمح لنفسها اليوم أن تكون ضحية الزواج العرفي هي أكبر ضحية في هذا العبث الذي طال شرع الله على يد السفهاء والجهال، فكيف يعقل أن يأمرنا الله تبارك وتعالى بكتابة الدين مهما كان يسيرا من أجل ضمان الحق وعدم ضياع الامانات ولا يكون توثيق عقد الزواج بالكتابة من باب أولى، بل من أوجب الواجبات باعتبار أن مقصد الحفظ على النفس والعرض أولى من حفظ المال.
لقد جاءت الشريعة الغراء بحفظ الحقوق الزوجية، وأطرت ذلك بهالة من القيود والضوابط الشرعية والقانونية الصارمة، وما ذلك إلا لكون الزواج هو الأساس نحو استمرار الحياة وتطور المجتمع وإنشاء جيل صالح، لكن وللأسف الشديد حين دب في الامة داء الجهل وعمى التقليد والتعصب المذهبي المقيت، وغلبت على النفوس حب الشهوات من النساء والبحث عن سبل قضاء الوطر دون حسيب ولا رقيب، اخترع شيطان الحيل الزواج العرفي وأوهم دعاته أتباعهم أنه من شرع الله وما هو إلا تحايل وفساد في قالب شرعي مفضوح.
إنها ظاهرة باتت تؤرق المجتمع وتنذر بالمزيد من القضايا الخطيرة التي لا تجد لها حلا إلا في الطوابير الطويلة داخل المحاكم وعند مكاتب المحاماة، في الوقت الذي لا يجد أي طرف وثيقة يدلي بها لضمان حقه أمام العدالة، وسوف نعود في ورقة ثانية حول الزواج العرفي ودور شهود الزور في ضياع حقوق الزوجة المادية والمعنوية.

مشاركة