الرئيسية آراء وأقلام اتفاقيات تطبيع أو هدايا مجانية ..!!

اتفاقيات تطبيع أو هدايا مجانية ..!!

1FC718A9 A1FB 4DAB 83CD 7FC3EEE14D9E.jpeg
كتبه كتب في 24 سبتمبر، 2020 - 10:26 مساءً

بقلم : عبد االله رشاك

صوت العدالة

ما يحدث اليوم في منطقة الشرق الأوسط بالخصوص قد يختزله فيلم رعاة البقر الشهير:pour quelques dollars de plus.
لكن حتى تلك الغاية التي سعى لها جاهدا بطل الفيلم لم تحققها ولا رغبت فيها الدول العربية المهرولة نحو تطبيع بالإكراه وبلا مقابل ،يذكر. وبذلك يمكن اعتبار ما تقدم عليه هذه الأنظمة-وليست شعوبها- هدايا إضافية مجانية لإسرائيل ولحاميها وعرابها الأخ الاكبر ،العم سام في فترة سياسية واقتصادية واجتماعية حرجة بالنسبة لهما معا.
إن ما يشهده العالم العربي اليوم،هو تطور طبيعي لما هو قائم في المحيط العربي.
نحن نقول إنها نظرية المؤامرة؛فلتكن ! والصواب أن أولائك الجهابدة الغربيين يخططون استراتيجيا ويتصرفون تكتيكيا على الأرض.
لنعد قليلا إلى التاريخ الحديث واجتهاد حملة المشروع الصهيوني في تنزيله على أرض الواقع ،منذ ظهور فكرة إيجاد وطن للدياسبورا اليهودية ورفضها عدة مقترحات في مناطق مختلفة من العالم.
ثم حلت مرحلة تشبت الصهيونية-لا أقول اليهود-بال”عودة إلى أورشليم” تطبيقا لأوراق بني صهيون أو مؤتمر”بال” في سويسرا القرن التاسع وغيره وما تلا ذلك من محاولات، لا تكل ،لاستمالة قادة دول ذلك الزمان من أتراك وغربيين وإقناعهم بمظلومية اليهود وما تعرضوا له.
وجاء وعد بلفور ثم الحربان العالميتان واستغل المشروع الصهيوني تلك الأوضاع واستطاع أن يفرض عبر الأمم المتحدة في ماي 1948تقسيم فلسطين.
وهذه نتيجة ناتجة عن عدة عوامل من بينها تفكيك الإمبراطورية العثمانية وتوزيع غنائمها بين بريطانيا،عجوزة الحرب،وفرنسا المنهكتين بفعل الحروب.
وقد أشار المفكر الاستشرافي المغربي ، الراحل الدكتور المهدي المتجرة إلى ما يخطط له الغرب -نظرية المؤامرة؟- على المدى الاستراتيجي،وتنبأ علميا وتاريخانيا بغزو العراق وتحطيمه وبلدان عربية أخرى.وهو ما عشناه وشاهدنا تدمير بلاد الرافدين والشام وليبيا واليمن وإنهاك مصر عبر فرعنة حكمها وفرملة بداية نظام ديمقراطي وليد ،والدور على حبل الجرار.
هل كان يمكن تصور ما يحدث اليوم في خمسينيات إلى سبعينيات القرن الماضي ؟
إن الغرب يطبق بدهاء كبير نظرية كيسينجر، كاتب الدولة الأمريكي الأسبق،منظر الصهيونية العالمية ،وصاحب فكرة الخطوة تلو الأخرى و تفكيك دول العرب وصولا إلى الهدف المنشود.
أما ما نراه اليوم من تداعي بلدان عربية نحو بلد الاحتلال فهو تسلسل بطيء لكنه أكيد لشرعنة واقع معيش .فدول الخليج هي نتيجة تقسيم الاستعمار الغربي الذي يحميها وقد نجح إلى اليوم في جعلها أداة لتنفيذ أجندته.
إن هذه الدول تميز بأنها دول تفتقر إلى الثقل السكاني والامتداد والبعد الجغرافي والأهمية الاستراتيجية في المنطقة ،هذا علاوة على أنها لم تكن في حرب مع الاحتلال الإسرائيلي حتى توقع معه معاهدة سلام.فالأمر لا يتعدى رمزية اختراق سياسي محدود بلا أفق معروف ولا أهداف ولا مقابل التوقيع على التطبيع الذي ترفضه الشعوب. وهذا التطبيع يحدث في توقيت يعاني فيه كل من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية والوزير الأول الإسرائيلي في بلديهما صعوبات وفضائح وتعثرا كبيرا في تدبيرهما القضايا الداخلية و يواجهان شبح الخسارة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 3نوفمبر القادم بالنسبة لدونالد ترامب وخطر المحاكمة بدعوى فساد في حالة بنيامين نتانياهو المتشبت بكرسي الحكم ،رغم المظاهرات الأسبوعية أمام إقامته والمطالبة بمحاكمته ورحيله.
لهذه الأسباب تضغط الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال لكسب اليمين المتطرف بمحاولة صرف الانتباه عن المشاكل الداخلية والفساد و الفشل في تدبير جائحة كورونا،وبخاصة في بلد العم سام حيث تجاوز الموتى حاجز 200 ألف،أي مما فقدته الولايات المتحدة الأمريكية من ضحايا خلال حروبها الخمس الأخيرة مجتمعة.
وفي المحصلة،تبقى الشعوب العربية والإسلامية و تلك المحبة للسلام المناصرة للحق الفلسطيني هي اللغز المستعصي الذي يراد تطويعه عبر تطبيع العلاقات مع الاحتلال المرفوض جغرافياو تاريخيا ووجدانيا في جميع الدول العربية والإسلامية،وذلك بسبب اغتصاب الأرض وتقتتيل الفلسطينيين وتشريدهم ونفيهم وهدم سكنهم وتعذيبهم يوميا واعتبار حتى المجنسين منهم مواطنين من الدرجة الأخيرة وإحلال شتات اليهود محل السكان الفلسطينين الأصليين،بدعاوى أسطورية مغرقة في الخرافة الدينية و البهتان والافتراء .
وتعد مقاطعة دولة الاحتلال بكل رموزها وبضائعها وخدماتها أقوى سلاح على ما يتم فرضه في العالم الغربي بقوة النار والحديد وابتزاز حكامها وشعوبها.وبفضل مقاطعة الاحتلال مطلقا كفيل بإدامة القضية الفلسطينية حية دوليا وفي الوجدان العالمي كقضية أخلاقية وإنسانية أولى يجب حلها اعتمادا على مباديء العدل والإنصاف في انتظار تعديل الاختلال في موازين القوى الحالية.
وعليه،ليس على الدول العربية والإسلامية وشعوبها إلا المضي في الصمود حتى تحقيق السلام العادل والشامل وعدم الانجرار بدون مقابل في ما يسمى بمسلسل السلام الذي انطلق ،منذ أكثر من ثلاثة عقود،كيلا يصل إلى محطته النهائية .وهذا ما خطط له جهابدة الخداع الصهيوني.

عبدالله رشاك

مشاركة