Capture d’écran 2020 08 09 à 18.09.16.png
كتبه كتب في 9 أغسطس، 2020 - 6:14 مساءً

اللمة الشرقاوية تستنهض همم أبنائها
رغم حداثة التاسيس ،

بقلم محمد خمريش
أستاذ التعليم العالي كلية الحقوق سطات

استطاعت اللمة الشرقاوية أن تغزو أغلب قلوب أبناء مدينة أبي الجعد .بدون استئذان لأنها فكرة مبدعة و خلاقة تجمع بين مختلف شرائح الساكنة المحلية ، و لعل مهندسو هذه التربيطات الجميلة لم يكن يخطر ببالهم، أنها ستتحول إلى منتدى فكري سيستقطب العديد من الأطر و الباحثين من أبناء المدينة و خارجها ، و ذلك ، بتنظيم مجموعة من الندوات الفكرية المتنوعة في شتى التخصصات منها الطب و الثراث التاريخ و السوسيولوجيا ، و يمكن ملامسة آلية اشتغالها وفق مقاربة ثلاثية الأبعاد :


1- البعـــــــــــد التاريخــــــــــــــي :

معظم المداخلات المنظمة تناولت بالدرس و التحليل ظروف تأسيس الزاوية المدينة بعمقها التاريخي و إشعاعها الديني و دورها في ترسيخ ثقافة الحوار و التعايش و الاستقرار ، بحيث كانت الزاوية محجا مركزيا لطلاب العلم و المعرفة، خاصة الحضرة الفاسية ، و لعل الإشكالات المطروحة على مستوى أعضاء اللمة الشرقاوية تمحورت بالأساس أنه بالرغم من كل هدا الزخم و التراكم التاريخي الحافل بالأحداث و الهزات و الوقائع السياسية ، ورغم أن المدينة تعتبر مشتلا ولادا للنخب و الأطر العليا عبر التاريخ ، فإنها لم تنل حظها و قدرها الكافي من التنمية و النهوض الاقتصادي . فهل ذلك قضاء و قدر أم لعنة من السماء ؟ .لكن بما أن اشد ما يكره رجل السياسة هو المؤرخ لأنه يذكر ويتذكر و يذكر ، فتاريخ المدينة أجمل رد على بعض الأبواق الخليجية التي تطاولت على رموز المغرب لان المواطن البجعدي كان يستحم داخل حمامات أنيقة بطابع معماري أندلسي أصيل مند القرن السادس عشر . في حين أن الأصوات السالفة الذكر كان أجدادهم يقطنون خيمة ويتبولون خلفها بدون حياء ولا استحمام ، هذا في مدينة صغيرة الحجم فما بالك بالحواضر الكبرى. لكن باستقراء الطابع السيكولوجي و الروحي ، يلاحظ أن هناك ارتباط حميمي بين المدينة كمنبت أصيل وبين أبناءها ، مرد ذلك ، أن ” بوعبيد الشرقي مزوق لولاد ” بما يفيد أن أغلبهم من الكفاءات التي لها تكوين علمي رصين في شتى التخصصات و خبرات دولية متخصصة في مختلف المجالات ، نسوق منها على سبيل المثال لا الحصر . محمد الشرقاوي أول وزير ينتمي إلى الزاوية الشرقاوية وله علاقة مصاهرة مع الراحل الحسن ، الحبيب المالكي الذي تقلد مجموعة من الحقائب الوزارية و مهمات رسمية منها الأمين العام للمجلس الوطني للشباب و المستقبل ، تم عين وزيرا للفلاحة في عهد حكومة التناوب الذي ترأسها أنداك الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي ، كما تقلد كذلك حقيبة وزير التربية الوطنية و التعليم العالي و البحث العلمي وتكوين الأطر ليترأس مجلس النواب خلال الفترة الانتدابية الأخيرة 2015/2021 .


تم ياسين المنصوري أحد أصدقاء الملك الذي اعتلى منصب المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء ليتم تعينه بعدها على رأس المخابرات العسكرية بمديرية الدراسات و المستندات ، وهو منصب حساس على مستوى جهاز الدولة كسابقة في تاريخ المغرب أن يعين مدنيا في مهمة عسكرية إستراتيجية ، أيضا مولاي الطيب الشرقاوي الذي تدرج في مجموعة من المسؤوليات على مستوى جهاز القضاء ليتقلد بعدها منصب وزير الداخلية في فترة دقيقة مليئة بمجموعة من الأحداث منها حادث اركانة و مخيم اكديم ايزيك بالأقاليم الجنوبية تم يأتي بعد ذلك لحسن حداد الخبير الاستراتيجي في التنمية ووزير سابق للسياحة .بالإضافة إلى الدكتور الحبيب الدقاق عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري و عميد كلية الحقوق باكدال سابقا و غيرهم من النخب التي يضيق المجال لسرد أسماءها كاملة ، هذا ما سيجسده القول المأثور ” لقواس مقابلا لقواس…بوعبيد الشرقي على و لادو عساس .


بمعنى انه يوفر لهم الحماية و الحصانة الروحية على مر التاريخ و يمدهم بالزاد و البركة في مسارهم الشخصي و المهني و السياسي ، ليختتم النقاش في باب الاستخلاصات على مستوى اللمة الشرقاوية بطرح السؤال النقدي .كيف يمكن لمدينة تعج بهذا الحجم من الأطر أن تنهض من سباتها العميق و أن تتحول من مركز ديني مهمش إلى حاضرة قوية و ذات جاذبية للاستثمار و منشدة للارتقاء الاجتماعي و الإقلاع الاقتصادي ، حتى يتسنى لها استرداد أمجادها الضائعة ، و أن تتحول من رصيد متحفي محنط يسوده الجمود و السكون إلى عاصمة روحية لجهة بني ملال _ خنيفرة تعج بالحركية و الحياة ، كل ذلك ، في إطار رد الاعتبار لمدينة تستحق غدا أفضل.


2- البعد التواصلي :


منهجية التواصل لدى اللمة الشرقاوية كبنية جمعوية تعتمد بالأساس سياسة الاستقطاب المفتوح إذ ليس هناك شروط مسبقة سلفا بمعنى أن الانضمام تلقائي ، لكن على مستوى خلية التواصل لابد من التوفر على بعض الضوابط الأخلاقية منها أن اللمة مستقلة و لها أهداف إنسانية و أخلاقية نبيلة تتوخى تشبيكك العلائق بين مختلف أبناء المدينة سواء الذين يقطنون بها أو خارجها .

ومن المعايير المعتمدة التي لا يمكن التسامح بخصوصها : – احترام الاختلاف في وجهات النظر بين الأعضاء في التعبير عن موقف معين أو قضية مطروحة للنقاش بأسلوب مهذب بعيدا عن لغة التجريح أو بعبارات خادشة للحياء أو نشر صور أو تدوينات مخلة بالحياء العام . أو بأسلوب القذف و التشهير و السب و ثقافة القذف و التدمير ، أما آليات التواصل تتجلى في : – تبادل التهاني في الأعياد و المناسبات الدينية و تبادل التعازي إذا كان هناك مصاب جلل و تبادل الوثائق و الصور و المؤلفات العلمية التي تؤرخ لتاريخ المدينة بالإضافة إلى تسليط الضوء على بعض حرف الصناعة التقليدية التي تعرضت للتلف و الضياع من قبيل صياغة الذهب ، خاصة عند اليهود الذين كانوا يقطنون بالملاح بالمدينة القديمة و كذلك الدباغة و صناعة السروج و حياكة الزربية البجعدية الأصيلة التي أقبرت في غياب تسويقها على المستوى الوطني و حتى على مستوى الخارج .


ومن بين التوصيات التي تم تبنيها هو إعادة قراءة تاريخ المنطقة و صيانة تراثها اللامادي خاصة أهازيج عبيدات الرمى و دقة ايسلان و جعيدان .


تأسيسا على ذلك ، يتم توظيف النكتة كتقنية للتواصل لاضفاء طابع السخرية و الدعابة في مختلف الأنشطة و الفعاليات المنظمة .

3- البعــــــــــد الإنساني :

يتجسد ذلك ، من خلال تقاسم التجارب الإنسانية بين أعضاء اللمة و تبادل الزيارات على الصعيد الوطني و تكريس قيم التضامن و التلاحم ، وإحياء الموروث الثقافي حيث يطلب عمليا من نساء اللمة إعداد وجبات بجعدية أصيلة ومنسية خاصة أن المطبخ البجعدي تأثر بشكل كبير بالمطبخ اليهودي ليتوج ذلك بتحديد تاريخ لزيارة المدينة بدعوة مفتوحة لجميع الأعضاء الذين سيحجون من مختلف أرجاء التراب الوطني . و لعل هذا هو شعار اللمة سياسة القرب – تنقية الأجواء ، الارتباط بالأصل لتذويب الاغتراب القسري لظروف مهنية أوعائلية، انتشال الشأن الإنساني من لا إنسانية القطيعة و التباعد ، تجسير التواصل بين أعضاء اللمة الشرقاوية كخيط ناضم يجمع بين أطرها و نخبها للنهوض بمدينة ” جعيدان ” عسى أن يصلح العطار ما أفسده الدهر .


أيضا الارتقاء إلى خلية للتفكير و التأمل . كقوة اقتراحيه للترافع حول القضايا الكبرى للمدينة بكل تجرد و حيادية و استقلالية . إن الحوار الهادئ حول القضايا الساخنة بأسلوب حضاري راق و أنيق يجعل من اللمة الشرقاوية تجربة نموذجية رائدة ، من تم فإن هذه الأخيرة كفيلة باستنهاض همم أبنائها .

مشاركة