الرئيسية إقتصاد تعطيل العمل بالثمن المرجعي محاولة لتصحيح مسار نحو الأسوء.. كشف عن تصدعات وعبث في التشريع المالي..!!

تعطيل العمل بالثمن المرجعي محاولة لتصحيح مسار نحو الأسوء.. كشف عن تصدعات وعبث في التشريع المالي..!!

IMG 20200725 WA0047.jpg
كتبه كتب في 25 يوليو، 2020 - 4:22 مساءً

بقلم : م. البشيري/ع. السباعي
صوت العدالة :

يبدوا ان تعطيل العمل بالثمن المرجعي الذي ثم استحداثه سالفا دون سند قانوني او نص تشريعي أصلا، من قبل مديرية الضرائب سنة 2014، جاء ليزيد الطين بلة، ويحدث ثورة غير مسبوقة في تقعيد نظم تشريعية مهترئة و عشوائية، سمحت بظهور ثغرات جديدة وتصدعات في التشريع المالي الذي بات لا يعرف غير الحقيقة المرة.. الارتجالية والتخبط والعشوائية.

في حوار للجريدة مع الدكتور الاستاذ الجامعي و الخبير المالي ” جواد لعسري” ، الذي أكد ان ما نشهده اليوم هو خلخلة غير مسبوقة لمزاعم تقر بنضج التشريع المالي، في ظل اعادة انتاج نفس النمط من الاخطاء، كان اخرها نهج سياسة الكيل بمكيالين التي بادرت المديرية العامة للضرائب وبشكل انفرادي الى نهجها، وذلك بعد اتخاذها لقرار تعطيل العمل بالثمن المرجعي،في محاولة يائسة منها لتصحيح المسار واعادة ما يمكن انقاذه الى جادة الصواب.. لكنها نصف الحقيقة، ” فالعطار لا يصىح ما افسده عبث الادارة..”

وعلاقة بالموضوع أكد الاستاذ الجامعي والخبير المالي (جواد لعسري )، أن الثمن المرجعي المحدث منذ سنوات من قبل الادارة، كان الهدف منه هو اخبار واشعار جميع الخاضعين لعملية التفويت العقاري، سواء كانوا اشخاص طبيعيين أو معنويين، أنه في حالة ما اذا تم تفويت عقارات بأقل من الثمن المعتمد من طرف ذات الادارة، فان العملية في مجملها ستكون موضوع تصحيح، او ما يعرف بالمراجعة.. في اشارة واضحة صريحة الدولة لن تتحمل تبعات الخسارة الناجمة عن انخفاض سعر العقار، وان تعلق الامر بظروف قاهرة..

ويضيف ذات المتحدث في هذا الصدد، أن اي اجراء يشمل تفويت عقارات بأقل من الثمن المحدد والذي يصطلح عليه بلغة الادارة بالثمن المرجعي، سيجعل هذه المعاملة قيد المراجعة. وبالتالي سيتم مطالبة الملزم بعد المعاملة العقارية والتفويت، بالضريبة في علاقتها بالثمن المرجعي وليس الواقعي والحقيقي، دون الأخذ بعين الاعتبار الظرفية الاقتصادية التي تمر به البلاد.

ويشير انه وعلى الرغم من كون الثمن المرجعي الذي تم استحداثه كما سبق الذكر، يتم تحيينه من طرف الإدراة بين الحين والاخر، ليتلائم نسبيا مع منطق السوق، الذي يعتمد مؤشر العرض والطلب، الا انه ظل وللاسف حجرا وعائقا امام الملزمين امام الادارة، بالنظر لما قد يتكبدونه من خسائر توصف بالفادحة احيانا تكون الادارة المستفيد الرئيسي والوحيد منها دون وجه حق.

النصف الثاني للحقيقة، يكمن في ان العبث ينطلق من كون هذا الثمن المرجعي الذي صنعته الادارة، واعتمدته في غياب نص مرجعي يمنحها هذا الحق، يعد تطاولا على القانون، مما يطرح التساؤل حول مدى احقية الادارة في اتخاذ هذا الاجراء الساري المفعول لسنوات، بدء من سنة 2014. مع العلم اننا اذا استقرأنا قانون 43.06 بفصوله باكملها، فإننا سنكتشف انه لم يحمل نصا تنظيميا يحدد القيمة التجارية أو سيحدد ثمن التفويتات العقارية، مما يجعلنا نصنفه في خانة الفوضى التي قعدتها الادارة في غياب كلي لنص قانوني يسمح لها بذلك.

ويشير.. انه ولقطع الشك باليقين، فإن القضاء الاداري المغربي بالنسبة للنزاعات التي عرضت عليه، والمتعلقة بقيمة تفويت العقارات لم يسبق له ان اخذ بهذا الثمن المرجعي، بل ولم يكن يوما في الحسبان قضائيا، رغم اقراره من طرف الادارة، اذ نجد انه وفي كل الحالات واغلبها كان القضاء ينتدب خبراء لتحديد قيمة العقار الحقيقية، لتنتفي بذلك قيمته وحجيته بشكل كلي امام المؤسسة القضائية، ولا يحتج به في فصل الخلاف والنزاع بين الاطراف.

وبمعنى اكثر دقة، فهذا الثمن المرجعي، هو قرار اهوج اخذ في حين غرة، وتم الحاقه بالادارة في تجاوز لصىلاحياتها وخرق للقانون الذي لم ينص عليه، وهو ما انعكس سلبا على الاطراف المعنيين، ليشكل بذلك وجها من اوجه القصور في التشريع المالي..

يكفي ان نعلم يقينا ان هذا الثمن المرجعي المعتمد لا يهدف دوما الى محاربة التهرب الضريبي، بل كان الى حد ما يشكل في حالات عدة عقابا للملزم، وعائقا يحول دون تحقيق السير العادي للمعاملات العقارية، خاصة في حالة الركود الاقتصادي الذي يضطر معه الملزم الى تفويت عقار بأقل من الثمن المرجعي المحدد، لكنه سيفاجأ بأن الادارة ستطالبه بأداء قيمة الثمن المرجعي بدل القيمة الحقيقية على ارض الواقع.

الادارة في مثل هذه الحالات تمرر رسالة صريحة وواضحة مفادها ان تفويت العقارات يجب ان يخضع الزاما للثمن المرجعي المحدد سلفا وإن بدون سند قانوني، واي اخلال به كيفما كانت الظروف، يعد في نظرها أمرا غير مقبول، حتى وان تعلق الامر بركود اقتصادي جزئي او عجز نسبي او شلل كلي، وهو ما يعد عيبا في التشريع المالي..

و الشاهد انه وبالرجوع للمادة 224 من المدونة العامة، نجدها تقر انه اذا تبين ان قيمة العقار المصرح به لا تطابق القيمة التجارية، فالادارة تلزم صاحب العقار بعد تفويته بأداء الضريبة وفقا للثمن المرجعي، دون مراعاة لظرفية استثنائية او حالة عرضية، اي انها تستند الى هذا المعطى في جميع الاحوال.

ومن جهة ثانية، تمة مفارقة بسيطة، حيث نجد انه يتم التعامل مع المستثمر او المقاولة العقارية طبقا للمادة 213 التي تتقاطع مع المادة 224 السالفة الذكر، والتي اوردت هذة الاشكالية المتعلقة بالتفاوت الحاصل احيانا في القيمة المصرح بها للعقار مع القيمة التجارية، تحت مسمى النقصان في الارقام، في احالة الى المقاولة العقارية التي تمسك المحاسبة، اي بصيغة اخرى، ان هناك ازدواجية في التعامل مع عمليات تفويت عقارات بصورة عرضية وفق المادة 224، في حين ان المقاولات العقارية يتم التعامل معها طبقا لقانون06. 43 المادة 213، التي تحقق نفس الهدف في نهاية المطاف.. كل الطرق تؤدي الى روما.

ويؤكد ان القانون لم يمنح للادارة الحق في اصدار الثمن المرجعي، بالنظر لعدم وجود نص قانوني في هذا الاطار، بالتالي انعدام هذا التكليف التشريعي يجعل هذا الاعتماد ملغوما وغير قانوني ومشوبا بالعيوب. ولعل الدليل هو كون جل الملزمين الذين عارضوا هذا الاجراء ودخلوا في منازعة قضائية مع الادارة، اكدوا على ارض الواقع وبالملموس، ان القضاء المغربي بالغرفة الإدارية بمحكمة النقض وكذا محكمتي الاستئناف الإداريتين و باقي المحاكم الادارية الابتدائية ، لم تعتبرتا الثمن المرجعي حجة، بل ولم يسبق لمحكمة ادارية ان اخذت بالثمن المرجعي خلال عملية التقاضي..

وعموما فالادارة تطبق مقولة شعبية جاهزة، و قاعدة عامية مأثورة تقول ” الله اجيب الغفلة بين البايع والشاري”، في اشارة منها الى ان التعاملات العقارية والمالية هي مركز الاهتمام، ومربط الفرس، دون ان تكلف نفسها النظر في الظرفية العامة التي تمت فيها التعاملات، وما قد يشوبها من عسر او كساد.

الفضيحة المدوية التي تخفي الحقيقة كلها.. والتي سيعجز على اصلاحها العطار والجزار والنجار.. هي ان المحافظة على الاملاك العقارية تعتمد الثمن المرجعي لمديرية الضرائب الذي تم تعطيله بشكل انفرادي، في ما يتعلق بتسجيل الرسوم العقارية 1.5 %, مما سيحدث خللا وشللا مباشرا، اذ سيطرح السؤال الحتمي حول الطريقة والكيفية التي ستتعامل به المحافظة العقارية مع هذا الوضع؟ مع العلم ان الثمن المرجعي اليوم قد صار في خبر كان، وهو القرار الذي اتخذ بشكل احادي دون تنسيق مسبق مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية .. بغينا نعرفوو شكووون هاد النابغة والخبير لي خربق الادارة كااملة بهاد الشكل؟؟!!

مشاركة