الرئيسية غير مصنف تمثلات المجتمع المغربي لوباء كرونا المستجد

تمثلات المجتمع المغربي لوباء كرونا المستجد

FB IMG 15895003607072 1.jpg
كتبه كتب في 14 مايو، 2020 - 11:50 مساءً

بقلم: نجات درواش

لقد أصبح موضوع كورونا الشغل الشاغل اليوم للناس، مما صاحبه لدى الأفراد مجموعة من التمثلات الذهنية للفرد المغربي وفي هذا السياق، سنتوقف في هذه المقالة عند نقطة أساسية هي : محتوى التمثلات للمجتمع المغربي حول وباء كورونا المستجد “.
يعرف العالم اليوم ، وفي معظم بقاعه، تحولات كبيرة تمس الحياة الذهنية للناس، أمام وباء جديد ، جعل مجموعة من التمثلات تبنى في أذهان الناس يمكن تلخيصها في بعض أراء وتصورات الناس حول فيروس كورونا المستجد:
قبل الخوض في هذا الموضوع لابد من تحديد مفهوم التمثلات والتي يمكن اعتبارها جملة الأفكار والانطباعات التي يصوغها الفرد انطلاقا الأحداث والمواقف التي تمكنه لاحقا من التواصل مع غيره ومن اتخاذ القرار والموقف أو الاتجاه المناسب ،ويتم ذلك بالرجوع الى منظومة القيم السائدة في مجتمعه والى طبيعة وخصائص الجماعة التي ينتمي إليها الفرد والتي عادة ما تكون أنظمتها وقوانينها مجال اتفاق بين أفرادها فهي مرجعه في الحكم على موضوع أو شخص او علاقة. فالتصورات الاجتماعية بهدا المعنى صورا تشتمل على جملة من الدلالات وهي كذلك منظومة مرجعية تمكننا من تفسير الأشياء ثم هي أيضا شكلا لتصنيف الحالات والظواهر والأشخاص .
ويصنف التمثل الاجتماعي من خلال التعريف الوارد في قاموس علم النفس ل ”نوربار تسيلاني“ ”بانه فكرة تمثل فعلا يصبح حاضرا في الذهن فالتمثل ليس مجرد تمثيل للواقع وانما بناءا لنشاطاتنا الذهنية“.
و من هذا المنظور تتجلى أهمية التمثلات في كونها تفتح لنا آفاقا جديدة لمعرفة الحقيقة الاجتماعية و تعطينا تفسيرات واضحة حول تصورات الأفراد و الجماعات حيال الظواهر و الأحداث المعاشة من طرفهم، انطلاقا من عمق التفاعلات الموجودة بينهم و بين الوسط السوسيوثقافي الذي ينتمون إليه.

غير بعيد عن ما تطرقنا اليه سابقا، يمكن القول أن الاختلاف في اتجاهات افراد المجتمع المغربي حول فيروس كورونا وضعنا امام تمثلات متباينة ، فهناك فئة من الناس اعتبرته فرصة إيجابية للجلوس مع الذات ومراجعتها وتقييم أفعالها وسلوكاتها وفرصة أيضا لكوكب الأرض حيث تعافى ثقب الأوزون بنسبة كبيرة، وقلت الانبعاثات الغازية الملوثة التي مصدرها المعامل والسيارات، وانتعشت حياة الحيوانات وقل الضجيج وتنفس الناس الصعداء من متطلبات الحياة وضغط الاستهلاك.
في حين هناك معتقدات دينية اخرى حول فيروس كورونا حيث يعتبر الكثير من الناس أن كورونا جند من جنود الله، وهو رحمة للمؤمن وعذاب لغيره، وهو رسالة من الله إلى الناس أجمعين من أجل التوبة والأوبة إلى الله عز وجل. وأنه نتيجة طبيعية إلى ما وصل إليه البشر من طغيان وفساد، وظلم واستبداد.
وهناك العديد من الناس اعتبروه وباء كباقي الاوبئة التي تعرض لها العالم عبر التاريخ منها الطاعون الكوليرا والتوفيس عل حد تعبير مغاربة القرن التاسع عشر وان نظرتهم لتطور العلم وخصوصا المجال الطبي جعلهم يثقون في قدرة الحكومة على التصدي لهذا الوباء، من خلال الرضى على التواصل الرسمي في هذا الموضوع، خصوصا الإعلامية العمومية المغربية. والإجراءات والتدابير التي تقوم بها للتعامل مع فيروس كورونا،
اما فئة اخرى بالنظر الى انشغالاتهم الاقتصادية التي تقلصت مداخيلها بسبب الحجر الصحي فقد اصبحوا قلقون وقلقون جدا من تأثير هذا الوباء على النشاط الاقتصادي المغربي مما جعلهم متخوفين من مستقبل لازال مجهولا لحد الساعة.
وهناك فئة أخرى من الناس جعلت موضوع الوباء بناء على الخلفيات الفكرية التي ترجع انتشار فيروس كورونا إلى نظرية المؤامرة.، أو حرب بيولوجية بغية بناء نظام عالمي جديد تسقط فيه دول وإمبراطوريات وتسود وتبرز فيه أخرى، أفكار أخرى ترجعه إلى أنه سلاح بيولوجي ، وأن لقاحه موجود لكن لم يحن الوقت المناسب لكي يكون متاحا للجميع،
في حين تفاعل بعض المواطنين مع هذا الوباء بنوع من السخرية حول فيروس كرونا نتج عنها سيلا من النكت اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي وتحاول التقليل من خطورة هذا الفيروس الوبائي الفتاك وإظهاره على غير حقيقته مما قلل من الآثار النفسية التي من شأنها أن تضعف تماسكهم
فئة اخرى من المغاربة تعاملت بنوع من الجدية وبعقلانية مع الأحداث فقد حاولوا فهم الوباء، مصدره، طرق الوقاية منه، كيفية علاجه، دون مبالغة أو تهويل، وهذا يجعلهم قادرين على ضبط مشاعرهم، وتفادي الهلع، ويلتزمون بالتوجيهات الطبية، والتعليمات التي تعطى لهم.
هي اذن ، فوضى التأويلات والآراء جعلت التباعد الصارخ في التمثلات ، الأمر الذي بدوره أثر على الحياة النفسية للناس في ظل أزمة كوفيد 19، حيث إن الحجر الصحي رافقته ظواهر نفسية وسلوكية كبيرة، بسبب الانتقال إلى السجن الاختياري في المنزل والتباعد الاجتماعي والعاطفي غير المعتاد، والتدابير الاستثنائية وواقع الحياة الجديدة. نتج عنها سلوكات يمكن القول عنها انها سلوكات جديدة لم نعهدها من قبل او انها سلوكات قد تكون مترسخة من اللاوعي الجمعي لأفراد المجتمع وقد ان اوانها للتعبير في ظل انتشار الوباء.

مشاركة