الرئيسية غير مصنف وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.

وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.

IMG 20200420 WA0031.jpg
كتبه كتب في 20 أبريل، 2020 - 1:12 مساءً


بقلم يونس رمزي- حارس عام بالمستشفى الجامعي محمد السادس مراكش.

ما يعيشه العالم اليوم من ضياع و تششت في الرؤى و القرارت جراء فيروس مجهري لا يستطع المرء رؤيته بالعين المجردة مهما فعل. فرغم ما وصلت إليه الإنسانية من تقدم و تطور في جميع المجالات العلمية منها و الصناعية و الإقتصادية و الثقافية و الفنية… والذي جعلنا نعتقد أننا أمام إكتفاء ذاتي من العلوم و التكنولوجيا و الصناعات الفضائية و العسكرية و الأدوية و الآلات الطبية و الروبوهات والتي أصبحت في بعض الأحيان تتفوق على دور الإنسان في الإنتاج…إلا أننا نجد اليوم العقل البشري عاجز عن إنتاج دواء أو لقاح ينقذ به أرواح البشر التي أصبحت تتساقط بشكل يومي بل أصبحت مجرد أرقام تتسابق وسائل الإعلام لتظفر بها كسبق صحفي حسب إعتقادها. و تنقذ به الدول إقتصادها الذي يعيش أحلك أيامه على مر التاريخ…

لكن في المقابل يمكن القول أن هذا الوباء جاء لكي يعطي للإنسانية فرصة للتأمل و إعادة النظر في عدد كبير من الأمور و إعادة ترتيب الأولويات حسب أهميتها.
و إذا أخذنا المغرب كنموذج حيث أخذ هو الأخر نصيبه من هذا الوباء اللعين فلا مجال للشك في القول أن الدولة قامت بما كان يجب القيام به على و جه الدقة و الحرفية حتى أصبحت بلانا مثلاً يحتذى به و نموذجا في تدبير هذه الجائحة و أصبحنا حديث العدو قبل الصديق و احتل اسم المغرب أغلب إفتتاحية الصحف العالمية و وسائل إعلامها الأخرى و هذا بطبيعة الحال راجع إلى إنخراط جميع مكونات المجتمع المغربي بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده. كما أن هذه الإجراءات التي أتخذت في وقت قياسي و مناسب للغاية كان هدفها الوحيد هو حماية صحة المواطن ولو على حساب اقتصاد الدولة مهما كان الثمن.
و سواء اتفقنا أو اختلفنا فإن هذه الإجراءات كان لها دور كبير و محوري في تجنيب البلاد كارثة صحية كانت ستكون لها عواقب خطيرة جدا. و نتيجتها أيضا متمثلة في عدد المصابين بهذا الوباء الذي أصبح على أبواب الثلاثة ألاف مصاب الذي يبقى رقما في حد ذاته….و هنا نطرح السؤال ألم يكون بالإمكان أحسن مما كان؟ أي ألم يكون بإمكاننا تجنب هذا العدد الذي سبق ذكره من المصابين و عدد الموتى و كذلك عدم تمديد مدة الحجر الصحي لشهر إضافي….؟ كل هذه الأسئلة و غيرها تتراقص الأن بعقول أغلب المواطنين.

و مهما يكن فإننا لا يجب أن نفقد الأمل و نكون على يقين بأن هذه المرحلة زائلة لا محالة و سيكون لها و ما عليها في المستقبل القريب و البعيد و ما نتمناه كباقي فئة المجمتع أن نستخلص من هذه الجائحة دروسا تعود بالنفع على بلادنا و أن تتم إعادة النظر في عدد كبير من الأمور و التوجهات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو علمية أو فكرية أو ثقافية أو صناعية أو اجتماعية…
فمثلا : هناك بعض القطاعات التي قيل أنها تمثل عبئا على الدولة و هذا الكلام منسوب إلى أناس كان المفترض فيهم الدفاع عن هذه القطاعات لأنها اليوم أثبتت أنها هي مقياس تقدم أو تخلف أي مجتمع و أتضح كذلك أنها كانت تعاني من حسابات سياسوية ضيقة و ستظل كذلك و نخص بالذكر هنا قطاعي الصحة و التعليم دون أن ننسى باقي القطاعات الحيوية الأخرى.

فبالنسبة لقطاع الصحة الذي أشتغل فيه لدي بدون شك كباقي الأصدقاء مجموعة من المعطيات و الملاحظات على هذا القطاع الحيوي.فهذا الأخير و كما يعلم الصغير قبل الكبير عاش سنوات عجاف بل أعتبر كقطاع ثانوي لا دور له في المجتمع و هذا ظاهر من خلال الميزانية السنوية التي تخصص له و كذا عدد الموظفين في هذا القطاع بالمقارنة مع النسبة السكانية و ما تحث عليه منظمة الصحة العالمية أي كل طبيب و ممرض لنسمة معينة هذا المعدل يعتبر المغرب بعيدا جدا عنه.
و بالتالي لكي يصبح هذا القطاع عند حسن ظن و تطلع المواطنين يجب على الدولة أن تأخذ العبرة من هذه الجائحة و تولي اهتماما كبيراً له فزيادة عدد الأطباء و الممرضين و باقي الموظفين أصبح اليوم ضرورة ملحة و إعادة هيكلة المستشفيات التي تعاني بنيتها التحتية مشاكل عدة و كذلك إعادة النظر في الميزانية السنوية لقطاع الصحة بالإضافة إلى تحفيز العاملين به بمختلف فئاتهم.
-أما بالنسبة للتعليم الذي أثبت اليوم و بدون أن يدع مجالا لشك أن دوره لا يناقش داخل أي مجتمع و أن بعض التصرفات التي صدرت من بعض الأشخاص و التي لقت إستهجان بعض المواطنين الذين إعتبروها في غير محلها فما هي إلا نتاج لمدرسة و تعليم عانى الكثير من التهميش و لذا وجب اليوم الوقوف بجدية على هذا القطاع و إعادة إصلاحه على جميع المستويات و إعطاء المدرسة العمومية هيبتها و للأساتذة حقوقهم و مواكبتهم في عملهم و تحفيزهم على الإشتغال في ظروف ملائمة لأن الإستثمار في المدرسة و التعليم هو إستثمار في العنصر البشري الذي لا يقدر بثمن.وبالنسبة لباقي المجالات فكلها يجب أن تنال حظها من التغير و إعادة النظر و أن يتم ترتيبها حسب تأثيرها المباشر على المواطن.
و في الأخير أتقدم إلى كل أصدقائي العاملين بالقطاع الصحي بالشكر الجزيل لما يقدمونه من تضحيات و نكران للذات في مواجهة هذا الوباء اللعين الذي يعيش مراحله الأخيرة بيننا بإذن الله دون أن ننسى شكر باقي المتدخلين الموجودين في ساحة المعركة.

مشاركة