الرئيسية أخبار وطنية المديمي: قرار وزارة الداخلية بمنع الصحفيين خرق فادح وانقلاب على دستور 2011

المديمي: قرار وزارة الداخلية بمنع الصحفيين خرق فادح وانقلاب على دستور 2011

m.jpeg
كتبه كتب في 26 أبريل، 2020 - 3:46 مساءً

قال الحقوقي محمد المديمي رئيس المكتب التنفيذي للمركز الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب تعقيبا على قرار وزارة الداخلية باستثناء وسائل الإعلام غير الرسمية من ممارسة عملهم المهني خلال “حظر التنقل الليلي” المتخذ في إطار “حالة الطوارئ الصحية” ابتداء من اليوم فاتح رمضان، يعد قرار مجحفا وخرق فادح في حق الصحفيات/ين وانقلاب على دستور 2011.

إن وزارة الداخلية اعتمدت في قرارها استثناء الصحافة المستقلة من القيام بواجبها المهني بنية مبيتة، بعدما فضحت الممارسات السيئة لمجموعة من رجال السلطة من قواد وأعوان سلطة في تورطهم في تجاوزات واعتداءات لفظية وأحيانا جسدية من خلال تعاطيهم مع فرض حالة الطوارئ الصحية، وعلى سبيل المثال لا الحصر: قائد عين حرودة التابع لعمالة المحمدية الذي ظهر على مجموعة من الأشرطة ووسائل الإعلام وهو يعتدي على المواطنين بالصفع واللكم لخرقهم حالة الطوارئ، وكذا رئيس المفوضية الجهوية للشرطة بمدينة حرف الملحة وبعض مرؤوسيه حيث ظهر بفيديوا على مواقع التواصل الاجتماعي يوثق لتخل امني مشوب بالتجاوز في حق احد المواطنين على خلفية تنفيذ قرار الحجر الصحي، وكذا قائد صندوق الفواكه، ناهيك عن ممارسات أخرى نشرتها الصحافة المستقلة وظهرت على مواقع التوصل الاجتماعي وهو ما أحرج وزارة الداخلية وجعلها أمام مدفعية الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية مما جعلها تستثني في قرارها المؤرخ 24/04/2020 الصحافة المستقلة بنية مبيتة في ضرب فادح لكل القوانين وانقلابا على دستور2011، والذي يعتبر حق الحصول على المعلومات حقا من الحقوق والحريات الأساسية التي نص عليها الدستور الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 29 يوليوز 2011، ولاسيما الفصل 27 منه.

  • حيث ينص الفصـل 27 :
    للمواطنين والمواطنات حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة،والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.
    لا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون، بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، وحماية وأمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور،وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة.
  • و الفصـل 28 :
    حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية.
    للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة.
    تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة،بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به.
    يحدد القانون قواعد تنظيم وسائل الإعلام العمومية ومراقبتها. ويضمن الاستفادة من هذه الوسائل، مع احترام التعددية اللغوية والثقافية والسياسية للمجتمع المغربي.
    وتسهر الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري على احترام هذه التعددية، وفق أحكام الفصل165 من هذا الدستور.
    كما أن هذا الحق يأتي كما هي متعارف عليها عالميا، وبمقتضيات المادة 19 من الإعـلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وكذا المادة 10 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي ألزمت الإدارات العمومية بضرورة تمكين المواطنين من الحصول على المعلومات.
  • وختم المديمي تصريحه إن الدولة تحاول استرجاع هيبتها من خلال أزمة حالة الطوارئ الصحية فبعد إعلان وزارة الداخلية والصحة حالة الطوارئ الصحية يوم 20 مارس 2020، وذلك بمقتضى إداري والذي أثار العديد من التساؤلات لنا بالمركز الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب حول الأساس في اعتماده، قبل أن يتم تدارك الأمر من خلال إصدار مرسوم رقم2.20.292 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، والذي صدر بمقتضاه المرسوم رقم 2.20.293 بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر إرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي كورونا- كوفيد19، حيث تم نشر المرسومين بالجريدة الرسمية عدد 6867 بتاريخ 24مارس 2020.
    هنا نحمل المسؤولية الكاملة للسلطات العمومية في حماية الحريات والحقوق الأساسية كما هي منصوص عليها في دستور 2011 في بابه الثاني في مفهوم الحريات والحقوق الأساسية، والتي لا يمكن التنازل عليها تحت أي ذريعة كانت، ومن بين الحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور، الحق في الحياة (الفصل 20)، والحق في السلامة (الفصل 21)، والحق في الصحة (الفصل 31)،وهي كلها حقوق تجد لها سندا وأساسا في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها بلادنا ونشرتها في الجريدة الرسمية خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المنشورين في الجريدة الرسمية عدد 3525 بتاريخ 21 ماي 1980.

كما أن الحقوق والحريات الأساسية، في المعايير الدولية لحقوق الإنسان، هي تلك الحقوق التي تحظى بدرجة عالية من الحماية، حيث لا يسوغ التنازل عنها ولو في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة، وهو ما تنص عليه المادة الرابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وما أكدته اللجة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 29 لسنة 2001، حيث تعتبر الدولة ممثلة في سلطاتها العمومية (التنفيذية والتشريعية والقضائية) مسؤولة عن حماية هذه الحقوق والحريات، وهو ما يؤكده التعليق العام للجنة المعنية بحقوق الإنسان رقم 31 لسنة 2004، كما تؤكده فصول الدستور المغربي خاصة الفقرة الثانية من الفصل 21، التي ينص على أنه “تضمن السلطات العمومية سلامة السكان، وسلامة التراب الوطني، في إطار إحترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع”.
فمند دخول المرسوم بقانون رقم مرسوم رقم2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها حيز التنفيذ، تم اعتقال ما مجموعه 25857 شخصا على الصعيد الوطني قاموا بخرق حالة الطوارئ الصحية في ظروف مختلفة إما صحية أو اجتماعية أو غير ذلك…….تمت إحالة 1566 شخصا في حالة اعتقال وإيداعهم السجون فيما تابعت النيابات العامة 2593شخصا بسبب عدم ارتداء الكمامات الواقية حسب بلاغ رئاسة النيابة العامة، وهو ما شكل خطرا على سلامتهم أو على سلامة نزلاء سجون المملكة ناهيك عن وضعية المحاكم المعلقة.

واستحضارا إلى البيان المشترك لخبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتاريخ 16مارس 2020 والذين يحثون من خلاله جميع حكومات الدول على تجنب المبالغة في التدابير الأمنية التي تتّخذها عند التصدّي لتفشي فيروس كورونا المستجدّ, حيث حذّر الخبراء في بيانهم الحكومات وذكّروها بأنه لا يجب أبدًا استغلال الصلاحيات الاستثنائية في حالات الطوارئ لقمع المعارضة، كما حثّت مفوّضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان على وضع حقوق الإنسان في صلب إجراءات مواجهة تفشّي فيروس كورونا الشئ الذي يؤكد أن قرار وزارة الداخلية المغربية يتنافى والعديد من الأعراف والقوانين الدولية والوطنية القاضية بعدم تقييد حرية التعبير وحركة تنقل الصحافيين لأداء واجبهم المهني.

مشاركة