الرئيسية أحداث المجتمع وصية المفكر محمد شحرور قبل وفاته ..ترحموا علي كيفما شئتم.

وصية المفكر محمد شحرور قبل وفاته ..ترحموا علي كيفما شئتم.

IMG 20191228 WA0000.jpg
كتبه كتب في 28 ديسمبر، 2019 - 1:02 صباحًا

ع. السباعي/صوت العدالة

بسم الله، والأمر لله من قبل ومن بعد، ثم أما بعد:

أعرف أن بعد موتي، سيقع خلاف حاد بين معارض ومدافع في موضوع: “الترحم علي”. فمن اقتنع بأفكاري، فسيترحم علي، ويعتبر موتي، مصيبة ألمت بالفكر الإسلامي المعاصر، ومن رفض أفكاري، فسيقول في حقي: إلى جهنم وبيس المصير. مات محمد شحرور، وبقي القرآن والسنة.

أكتب هذه الوصية، لأقول للجميع، ترحموا علي كيفما شئتم. فلست الأول والأخير، الذي سيختلف حول الترحم عليه. لكن اسمحوا لي، لا أريد المدافعين عني، ولا المعارضين لي، أن يتحاربوا ويتقاتلوا فيسبوكيا حول هذه المسألة الجزئية. أريدكم، بكل صدق أن تستمروا في الاجتهاد، للإجابة عن هذا السؤال: كيف نعيش بالقرآن في القرن الواحد والعشرين، كما عاش الرسول والصحابة القرآن في زمانهم، وعاشه الذين جاؤوا من بعدهم في زمانهم؟ كيف نفعل مفاهيم القرآن في عصر الذكاء الصناعي وانهيار الأنظمة القيمية؟ كيف نفهم القرآن لنجيب عن أسئلة زماننا هذا؟

أرجوكم، لا تفجروا في الخصومة بينكم حول الترحم علي. قولوا ماشئتم. قولوا: مات الكافر، مات محرف القرآن. وفي المقابل، ليقل الذين اقتنعوا بأفكاري: مات المفكر العظيم.

أنا مت، لكن السؤال الذي شغلني طيلة حياتي، لم يمت: كيف أجيب من القرآن عن أسئلة المسلمين في زمن الثورات الفسلفية والتكنولوجية؟ وهذا السؤال سيظل فيكم. إما أن تجعلوا القرآن وراء ظهوركم، وتقرأوه على الموتى في المقابر، وإما أن يأتي قوم بدو، يطبقونه تطبيقا داعشيا. السؤال: كيف نحبب القرآن للعالمين؟

أنا الآن بين يدي ربي. أعرف أنني وقعت في أخطاء كثيرة، لكنني سأقول لربي، سهرت الليالي، واعتكفت في المكتبات، لأعرف الناس بمفاهيم القرآن، بعد أن هجروه، ولم يتدبروه. قد أكون أخطأت في الإجابة، لكنني متأكد أنني انشغلت بأهم قضية إشكالية في الوجود: ما العلاقة التي تربط بين الله والإنسان؟ حاولت أن أعز الله تعالى بصفات الكمال والجلال، وفي المقابل أن أعطي الإنسان مكانته اللائقة، أنه مخلوق غير مسلوب الفاعلية في الأرض.

شرف لي، أن أموت، ويرتبط اسمي بدراسة القرآن. لم أقتل شعبا، ولم أسرق ثروة. كما كان لي الحق أن أقول في معاني القرآن كيفما أريد، فللناس الحق، أن يقولوا في ما قلته ما يريدون.

لن أعود لمناقشة مسألة الترحم، أنتم أحرار، لكن تذكروا هذه الآية التي شيبتني: “وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا”. لم أرد أن تنطبق علي هذه الآية. قررت أن أعيش وسط القرآن، وأتذوق معانيه، محاولا الإجابة عن أسئلة زماني، لأن القرآن، صالح لكل زمان ومكان.

هذه هي القضية، فهل أنتم مستعدون لاعتناقها، أم أنكم ستشعلون حرب داحس والغبراء في الفيسبوك حول الترحم علي، وتنامون ولم تتدبروا آية واحدة من كتاب الله، ولم تقرأوا وردكم القرآني، بل منا من لم يختم القرآن مطلقا، لكنه سيأتي ليرجمني بالنار. لن أقلق، له الحق في أن يقول ما شاء.

كان القرآن قضيتي، ثم مضيت إلى ربي…

مشاركة