الرئيسية ثقافة وفنون ظاهرة الجريمة نتاج خلل اجتماعي .. ونحن نتحمل جزء من المسؤولية..

ظاهرة الجريمة نتاج خلل اجتماعي .. ونحن نتحمل جزء من المسؤولية..

IMG 20191012 WA0016.jpg
كتبه كتب في 12 أكتوبر، 2019 - 1:29 صباحًا

بقلم : سماح عقيق
صوت العدالة

ألم يحن الأوان بعد أن نعترف جميعا.. أن سلوك وفكر الإنسان ليس سوى نتاج نظم إجتماعية نمطية، طريقة الحياة التي يعيشها والتجارب التي يمر بها في حياته..فالجاني والمجني عليه ..جميعهم ضحايا لقوانين اللعبة التي نصطلح عليها بالنظام الاجتماعي. وخلاصة القول، الخطأ لن ينتج إلا الخطأ ..

يؤكد العديد من المهتمين بدراسة المجتمع أن الجريمة هي نتاج واقع ، فهي بذلك حتمية تفرض الوجود كظاهرة اجتماعية، لا يخلو منها أي مجتمع، لارتباطها بتنظيم الحياة أفرادا وجماعات، إذ انه من المستحيل أن يتماثل كل الأفراد المكونين للمجتمع، وأن يوجد لديهم نفس القدر من الضمير الاجتماعي. فلا بد بالضرورة وفق اكراهات معينة أن يتواجد داخل المجتمع نفسه مايحول بين الفرد وبين ما يسمى بالضمير الاجتماعي العام لتنشأ بوادر الجريمة تلقائيا.

ونشير في هذا الصدد أن معيارية السلوك الإجرامي قد تختلف، بمعنى أن الفعل لا يوصف بأنه جريمة بالرجوع إلى خصائصه الذاتية التي تميزه عن غيره فحسب، بل وإنما يوصف كذلك لأن المجتمع لسبب من الاسباب رفض هذا السلوك أو ذاك، اي ان حكم القيمة نستمدها ببساطة من المجتمع الذي نعيش فيه.

وفي ذات السياق يرى البعض، أن من أهم مقومات المجتمع التي تضمن تماسكه الاجتماعي بين أعضائه، افرادا كانو او جماعات هي تلك القيمة النابعة من قناعة الرفض الضمني او الصريح لسلوك معين، والذي سنصطلح عليه فيما بعد بالجريمة، اي أن معطى الرفض والممانعة له قيمة رمزية ذات دلالة قوية على ان سلوكا ما يعد جريمة، بغض النظر عن النص القانوني ، لان النص نابع من قناعات المجتمع وهو من يصبغه بصبغة القانونية.

ولنفهم ذلك بشكل اعمق ..يكفي أن نسلط الضوء على المجتمعات البدائية، حيث يظهر فيها جلياً ضمير اجتماعي تعكسه فيما بعد القواعد القانونية في المجتمع والتي قد يصطلح عليها بالعرف، و تهدف بالاساس الى الحفاظ على التضامن الآلي في المجتمع، كليا واي تمرد عن هذه الاعراف يعد انحرافا اجتماعيا عرضيا، لكن تطوره بشكل او بآخر يجعله في حكم القانون جريمة.

والمثر للجدل اليوم، هو ما تشهده المجتمعات المعاصرة من ضعف واضعاف ممنهج لعوامل التضامن التي كانت تعرفها المجتمعات البدائية ، الأمر الذي أثر في النص القانوني نفسه، حيث انتقل مركز الاهتمام من الضمير الجماعي إلى الضمير الفردي ومراعاة جانب المجني عليه، وأصبح القانون يستهدف تعويض المجني عليه، أكثر مما يستهدف عقاب الجاني.. وهذا هو العبث.

اذن هذا القالب المجتمعي الجديد القديم في شكله، يحدث شرخا وتناقضا يستعصى على الفهم، اذ ينقصه وتنتفي فيه كل معايير التجانس المؤسس للقيم، فتنطلق بذلك مؤشرات وليدة لاكراهات معينة،تجعل الفرد يعيش في حالة من التيه و العزلة المعنوية والاجتماعية، الأمر الذي يخلق حالة من اللاقانون أو اللانظام، تحل محل التضامن السابق في المجتمع البدائي، ليطلق هذا القالب الاجتماعي المعاصر العنان لظهور حالات نشاز في المجتمع يسهل بعدها ارتكاب الجرائم بكل اشكالها.. فمن المسؤول؟!!

مشاركة