الرئيسية أحداث المجتمع ندوة علمية قيمة حول الإبل على هامش مهرجان الساقية الحمراء لسباق الهجن

ندوة علمية قيمة حول الإبل على هامش مهرجان الساقية الحمراء لسباق الهجن

IMG 20181023 WA0101.jpg
كتبه كتب في 23 أكتوبر، 2018 - 7:20 مساءً

 

مكتب السمارة: عبد المجيد الخياطي/ رشيد بيسموكن

 

بدار الثقافة بالسمارة، شهدت قاعة العروض الشيخ سيدي أحمد الركيبي، صباح اليوم الثاني من مهرجان الساقية الحمراء لسباق الهجن في نسخته الأولى التي احتضنته الحاضرة الدينية والعلمية للأقاليم الجنوبية أيام 20 و21 و 22 أكتوبر 2018، ندوة علمية نظمتها الجمعية المنظمة ” جمعية تيرس للوحدة والتضامن “.

الندوة حضرها رئيس المجلس الإقليمي السيد محمد سالم لبيهي، والمستشار البرلماني عمر الدخيل، وممثلون عن السلطة المحلية، والمصالح الخارجية، وفعاليات المجتمع المدني، ورجال الصحافة والإعلام، وبعض الكسابة، وثلة من مثقفي ومثقفات المدينة.

وقد أطر هذه الندوة كل من السادة :
– الصالح النويني؛ باحث في القانون الخاص، وإطار بالمحكمة الابتدائية بمدينة بنسليمان، وعضو مؤسس لجمعية الرحمة للأيتام، وعضو جمعية سلوان.
– د. محمد بيجاع ؛ طبيب بيطري خاص من مدينة العيون ، خريج جامعة سوريا، محاضر ومشارك في عدة مؤتمرات.
– ذ. النعمة باه؛ باحث في القران الحساني، عضو مجموعة البحث واستطلاع الرأي في مكتب الدراسات والأبحاث المجتمعية بالرباط، كاتب وصاحب اصدارات في الشعر الحساني.

في مداخلته بعنوان : الأبعاد القانونية للترقيم، أوضح ذ. الصالح النويني، أنه قبل الشروع في الحديث عن الترقيم الإلكتروني للإبل لا بد من التطرق إلى موضوع الترقيم التقليدي المصطلح عليه عند أهل الصحراء ب ” النار ” أو ” لمارة “، وهو شكل كان ولا يزال يعتمده سكان الصحراء في تحديد ملكيتهم للإبل، وهو ما تعارف عليه هؤلاء واتخذوه بينهم عرفا يحترمونه ويقيمون حدوده. فالعلامة أو النار تحدد زمكانية الإبل وتسهل عملية العثور على التائهة منها بفضل سرعة التعرف عليها والاتصال بمالكيها.

وهو العرف الذي ينظم علاقة احترام الملكية عند أهل الصحراء. والعرف عند رجال القانون يعد بمثابة تشريع. ومن منظور فقهاء القانون فإن للتشريع عدة مصادر من بينها المواثيق الدولية، والشريعة الإسلامية، والعرف و الاجتهاد القضائي، والفقه و القانون الوضعي، وهذا ما يزكي العرف كقاعدة قانونية عند أهل الصحراء.

وأحيانا في المادة القانونية يصبح العرف أقوى قاعدة قانونية. ففي حالات التحكيم حول تحديد ملكية النوق والجمال كان يستعان بخبرة شخص مسن وحكيم بحضور القبيلة وأعيانها لفض كل نزاع وكشف كل لبس وإحقاق الحق، حيث لا منفذ لإخضاع المتنازعين لمساطر القانون المدني أو الجنائي المعمول به في المحاكم.

لكن ورغم قوة و مصداقية عرف ” النار ” تبقى محدوديته المجالية منحصرة فقط عند الحدود الشمالية لمنطقة وادي نون. فمجرد تجاوز الإبل للحيز الجغرافي للصحراء يعدو ” النار ” غير ذي جدوى، ورمز ” لمارة ” مبهما. وبالتالي تمسي الإبل التائهة في عداد المفقودة.

ومع التطور التكنولوجي والرقمي الذي شهدته القرية الكونية في العقود الأخيرة، أضحى في متناول الكسابة الصحراويين استغلال تقنيات الاتصال والتواصل المتطورة التي توفرها شركات الاتصال المتنافسة عبر مجموع التراب المغربي سواء بواسطة الهواتف الذكية أو الحواسيب المحمولة أو اللوحات الإلكترونية، كتطبيق الواتساب وبقية مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن نظام تحديد المواقع GPRS. فاليوم وفي ظرف دقائق معدودة ينتشر خبر ضياع رأس من الإبل أو أكثر ، من خلال التقاط صور آنية لها أوتسجيل رسائل صوتية أو نصية أو تسجيل فيديو يتطرق إليها بأدق التفاصيل.

فهذه الوسائل أصبحت تقدم خدمات جليلة على مستوى الاتصال والتواصل ، وتسهل مأمورية التوصل إلى تحديد المكان الذي يأوي البهيمة ” الحية “.

ووعيا منها بأهمية وسائل الإعلام عمدت الدولة إلى ضمان رقمنة قطاعاتها بصفة عامة
حيث نال قطاع الفلاحة نصيبا من هذا الإجراء.

وعلاقة بهذا الموضوع، أصدرت وزارة الفلاحة مرسوما رقم 20.20.15 ، بخصوص النظام الوطني لترقيم الحيوانات، الذي يحمل بين طياته بعدا قانونيا وآثارا محمودة لصالح الكسابة.

ف ” النار ” و” الترقيم الإلكتروني ” كلاهما يؤديان نفس الغرض، إلا أن قوة الثاني تتفوق عن الأول بحكم التقنيات المتطورة جدا في ضبط وتحديد الموقع والاطلاع على كل المعلومات المتعلقة بكل رأس من القطيع الذي تختزنه الشريحة الإلكترونية المثبثة على مستوى أذن الحيوان.

واستنادا إلى المادة 34 من القانون المنظم لهذه العملية فإنه يتيح للكساب إمكانية الاستفادة من برنامج الترحال الرعوي المحدد في ثلاث مناطق معينة كمناطق الخواص، نظير مقابل تحدد شروطه سلفا وفق قواعد قانونية تراعي مصلحة الجميع.
كذلك هناك مراعي عامة غير محددة : تشمل أراضي الجموع والأراضي السلالية، والأراضي المستغلة من طرف جميع الناس كمنطقة البطاينة وحوزة التابعة النفوذ الترابي بإقليم السمارة على سبيل المثال لا الحصر.

قانون كهذا يتيح للكساب فرصة الاستفادة من المراعي، بموجب عقد قانوني يجمع بينه وبين الجهة الوصية سواء كانت الإدارة الجهوية أو الخواص، عملا بالمأثورة القانونية ” العقد شريعة المتعاقدين “. ويتحمل تبعات المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية كل خارج عن هذا القانون.

من جهته، أبرز د. محمد بيجاع الأهمية الصحية لمنتوجات الإبل من ألبان ولحوم وشحوم وبول، وقيمتها الغذائية والعلاجية.
كما عرج على بعض الأمراض التي تصيبها رغم أنها قليلة الإصابة بالداء. وهي التي تصدى لها الأسلاف بمواد تقليدية، عززت اليوم ببديل طبي حديث قضى عليها بفضل قوة العقاقير والمحلولات والتلقيحات والخبرات الطبية والمختبرية.

بدوره،أتحف ذ. باه النعمه الجمهور بأبيات شعرية من مخزون الشعر العربي القديم والكاف الحساني. كما قدم لمحة مختصرة عن الحضور القوي للإبل في حياة أهل الصحراء، وهو الحيوان الذي تم ذكره في القرآن الكريم في مناسبات عدة. وأحاطه الصحراويون بالعناية القصوى، فجعلوه ركوبهم، وأحد مصدر غذائهم، وأثاثهم، وترفيهم من خلال امتطاء ظهره للسباق والتنافس. كما قدموه هدايا نفيسة لكل محبوب وعظيم جاه.

مشاركة