الرئيسية آراء وأقلام دعوة عاجلة للمشرع المغربي من أجل تحيين القانون 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية

دعوة عاجلة للمشرع المغربي من أجل تحيين القانون 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية

14953876 193484414439681 220456147381095759 n.jpg
كتبه كتب في 21 نوفمبر، 2017 - 8:32 مساءً

الدكتور فؤاد بنصغير
أستاذ جامعي
خبير / مكون في القانون الإلكتروني

تعقيبا على الرابط المهم جدا الذي وضعه الصديق العزيز الأستاذ المحامي المحترم بن بوعبيد الفاضيلي المعروف بعشقه للقانونى الإلكتروني حول موضوع الثقة في المعاملات الإلكترونية، وبما أنه سبق أن كنت قد حاضرت في نفس الموضوع باللغة الفرنسية فسأحاول تلخيص السياق الذي ظهرت فيه النصوص القانونية التي اشتمل عليها الرابط الذكور .

من المعلوم أن المشرع الأوربي قام منذ سنة 1999 بإصدار توجيه أوربي وضع الإطار القانوني الذي ينظم التوقيع الإلكتروني للأشخاص الذاتيين ( وليس التوقيع الإلكتروني للأشخاص المعنويين ) وأنشطة مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية المرتبطة به.

وقد تبعته في ذلك كل الدول الأوربية ومن بينها فرنسا التي وضعت بدورها نصوصا قانونية تتعلق بهذا النوع من التوقيع.

اهتداء بالمشرع الأوربي والفرنسي وقبلهما مشرع القانون النمودجي حول التوقيع الإلكتروني، أصدر المشرع المغربي من جهته القانون 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية الذي ينظم الإتبات الإلكتروني المبني على التوقيع الإلكتروني والتكنلوجيات المرتبطة به من تشفير ومصادقة إلكترونية وغير ذلك.

غير أنه بعد 15 سنة من التطبيق، تنبه المشرع الأوربي إلى أن وضع إطار قانوني للتوقيع الإلكتروني وحده دون غيره من خدمات الثقة الأخرى، لم يسمح للتوقيع الإلكتروني بالتطور.

حيت ظل لجوء المقاولات الخاصة والإدارات العمومية إلى تكنلوجيا التوقيع الرقمي محتشما، وحتى عندما يتم اللجوء إليه يتم ذلك بطريقة تختلف عن ميكانيزمات التوقيع الإلكتروني التي جاء بها النص القانوني.

بعد أن انتبه المشرع الأوربي إلى فشل النظام القانوني المبني فقط على التوقيع الإلكتروني للأشخاص الذاتيين، أصدر سنة 2014 توجيها أوربيا جديدا يتعلق بتحديد الهوية الإلكترونية Identification électronique) ( وخدمات الثقة في المعاملات الإلكترونية services de confiance sur les transactions) (électroniques كنظام متكامل للثقة في المعاملات الإلكترونية.

وقد تبعته في ذلك كل الدول الأوربية ومن بينها فرنسا ( سنة 2017 ) التي وضعت بدورها نصوصا قانونية تتعلق هي الأخرى بتحديد الهوية الإلكترونية وخدمات الثقة في المعاملات الإلكترونية.

والغاية من النصوص القانونية الجديدة على صعيد أوربا وعلى صعيد كل دولة أوربية على حدى هي التشريع لكل المكونات الضرورية لإرساء الثقة في المعاملات الإلكترونية وليس فقط للتوقيع الإلكتروني الخاص بالأشخاص الذاتيين.

ويتعلق الأمر بالطابع الإلكتروني ( cachet électronique ) والطابع الزمني الإلكتروني (horodatage électronique) و(recommandé électronique) وغيرها.

– الطابع الإلكتروني ( cachet électronique )

وهو التوقيع الإلكتروني للأشخاص المعنويين، والغاية من وضع إطار قانوني للطابع الإلكترون هو من جهة تطوير الحكومة الإلكترونية من خلال تمكين المؤسسات العمومية من التوقيع الإلكتروني كأشخاص معنويين وليس التوقيع الإلكتروني من خلال أشخاص ذاتيين ينوبون عنهم، ومن جهة أخرى تشجيع التجارة الإلكترونية من خلال تمكين الشركات الخاصة من التوقيع الإلكتروني كأشخاص معنويين وليس التوقيع الإلكتروني من خلال أشخاص ذاتيين ينوبون عنهم في ذلك.

– الطابع الزمني الإلكتروني (horodatage électronique)

وهي خدمة تتيح للأفراد والمؤسسات العمومية والشركات الخاصة خلق توقيع إلكتروني يتم ختمه بطابع زمني إلكتروني يحدد تاريخ ووقت حدوث التوقيع الإلكتروني.

ولا يمكن تغيير هذا الوقت بأي شكل من الأشكال ولا من قبل الطرف الموقع نفسه، مما يعطي ثقة كاملة في المستندات أو المعاملات الموقعة رقميا.

خاتمة :

لهذه الأسباب، ندعو المشرع المغربي إلى تدخل تشريعي عاجل من أجل تحيين القانون 53-05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية الذي يؤطر فقط التوقيع الإلكتروني للأشخاص الذاتيين وتعديله وتتميمه بمقتضيات قانونية جديدة تؤطر باقي خدمات الثقة في المعاملات الإلكترونية مثل الطابع الإلكتروني (التوقيع الإلكتروني للأشخاص المعنويين) و الطابع الزمني الإلكتروني وغيرها.

هذا يعني أن ينتقل النظام القانوني المغربي في ميدان الإتبات الإلكتروني من من نظام يرتكز على التوقيع الإلكتروني للأشخاص الذاتيين ومقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية إلى نظام يرتكز على مقدمي خدمات الثقة في المعاملات الإلكترونية كمنظومة قانونية متكاملة.

هذا التحيين ضروري إذا ما أردنا ترسيخ الثقة القانونية والتقنية في المعاملات الإلكترونية التي ما تزال مفقودة إلى يومنا هذا.

مع كل الإحترام والتقدير

مشاركة