الرئيسية أحداث المجتمع وسام ملكي لشرطي بني ملال..

وسام ملكي لشرطي بني ملال..

birhilanew 302933285 966652833.jpg
كتبه كتب في 26 نوفمبر، 2016 - 10:17 مساءً
سبق لنشطاء مغاربة أن أطلقوا عريضة إلكترونية لجمع التوقيعات تزامنا مع حملة ‫#‏ زيرو- كريساج، للمطالبة بتوفير الأمن، مُلتمسين من الملك محمد السادس، التدخُّل لوضع حدٍّ للعنف وللظواهر الإجرامية التي تُهدِّدُ أمن وسلامة وممتلكات المواطنين، وتفعيل القوانين المُرتبطة بحيازة الأسلحة البيضاء في المرافق العامة، التي يُمْنعُ فيها حمل السلاح الأبيض كالشوارع، المساجد، الإدارات، الملاعب، المدارس، المحطّات ووسائل النقل..، آملين تغطية كل مناطق المغرب أمْنِيا، وحِرمان سُجناء الجريمة العُنْفِية من العفو الملكي، من أجل النهوض بالأمن في المغرب، واستنجاد المغاربة بالملك، عبر رسالة مستعجلة “من الشعب إلى ملكه” دليل على أن القضية مصيرية تستوجب التدخل السريع، وتدق ناقوس الخطر بتهديد العنف لاستقرار المغرب، جرَّء استقواء المجرمين على الدولة والقانون، واستفحال مختلف الظواهر الإجرامية من قتل واغتصاب وتنكيل وتشويه وتمثيل بالجثث، وسرقة وتخريب الممتلكات الخاصة (كسر أغراس ونوافذ منزلية، سيارات..) والعمومية (أعمدة الإنارة، قصف القطارات بالحجارة، إلحاق الضرر بتجهيزات المرافق العمومية، كتحطيم الأبواب، وإتلاف مقاعد الحدائق، تخريب حاويات القمامة..).

استفحلت ظاهرة ترويع المواطنين بمدينة بني ملال، والاعتداء على عناصر الأمن، حيث سبق لشرطي “شهيد الواجب الوطني” أن تلقى طعنات سكين إجرامية أودت بحياته، تلتها محاولة قتل شرطي آخر بنفس المدينة، أيضا بسكين مجرم أرعن.. هذه الوقائع تمس هيبة الدولة في الصميم، وتشجع المجرمين على الاستخفاف بالشرطة والقانون..

هذا ما تؤكده واقعة السبت الماضي 19نونبر 2016، التي انطلقت أحداثها بعد الثانية ليلا، الوقت الذي يخلد فيه المواطنون للنوم والراحة بعد عناء أشغال النهار، حينها بدأ شاب عشريني، في بثِّ الفوضى والشغب، بسسب المخدرات والكحول، مما جعل والده يمنعه من دخول البيت، خوفا على أفراد أسرته من سلوكات الابن الطائشة، مستنجدا بعناصر الشرطة، التي حضرت لتوقيفه حفاظا على سلامة وممتلكات المواطنين، لكنه أبدى مقاومة شرسة، حاملا السلاح الأبيض (سكين كبير) وشرع في تخريب السيارات والاعتداء على المارة، وهو في حالة هستيرية،

بعد استنفاذ الشرطة لكل المحاولات المتدرِّجة، بمطالبة الشاب بوضع السلاح الأبيض على الأرض والاستسلام، وغيرها من الأساليب السلمية التي لم يُعرها الظنين اهتماما، وزاد في تهديده ووعيده بقتل كا من يقترب منه، وهنا اضطر ضابط الشرطة لإطلاق رصاصة تحذيرية، لم يأبه بها الظنين، بل كاد أن يعرض حياة الشرطة للخطر، وفي حدود الساعة الثانية والنصف سيوجه إليه الشرطي رصاصتين، ستسدلان الستار على مسرح هذه الجريمة (جريمة التخريب والاعتداء على المواطنين وتهديد وإهانة موظف أثناء القيام بواجبه).

سكان العالم الأزرق، أشادوا برصاصة الصرامة تجاه المجرمين، حيث نوَّه الفايسبوكيون بجرأة الشرطي الذي تعامل مع هذا السلوك الجُرمي بحزم وشجاعة، في الدفاع الشرعي عن المواطنين، متَّبِعا الخطوات القانونية والأخلاقية في المبادئ الأساسية لاستخدام السلاح، وهو ما سيجعل أي مجرم تسوِّل له نفسه الأمارة بالسوء، العبث بحياة المواطنين، بأن الثمن سيكون حياته هو، وأن السلاح الوظيفي ليس مجرد أكسيسوار لتأثيث مشهد رجال الأمن والدرك، وأن الزمن الذي كان فيه التساهل مع المجرمين، قد انتهى وولى دون رجعة، واستخدام الشرطة للسلاح الوظيفي هي مسألة جد عادية تجاه كل من يهدد أمن وسلامة المواطنين في الدول الغربية، كفرنسا، إنجلترا، وامريكا..

أما الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان، وعدم استخدام العنف مع القتلة، فنسألهم ماذا ستفعلون أنتم أمام مجرمين مدججين بالأسلحة البيضاء من سيوف وسكاكين وقضبان حديدية وهراوات ويهددون حياة مواطنين أبرياء عزّل؟؟؟ (أطفال، نساء، مُسنِّين، شابات وشباب، الأجانب أيضا).

هل ستقدمون لهولاء المجرمين الخارجين عن القانون باقات الورود والأزهار وقطع الشوكولاته؟

يُجيبنا السوسيولوجي الألماني “ماكس فيبر” في هذه الحالة على الدولة أن تتدخل بقوة وسرعة لردع وزجر الخارجين عن القانون والعابثين بحياة وسلامة المواطنين، وعنف الدولة هنا هدفه القضاء على عنف المجرمين، وحماية أمن الوطن والمواطنين، وبالتالي فإن الشرطي الذي أنهى الشغب والفوضى في تلك الليلة الليلاء، وأعاد الأمن والسكينة وسلامة الأرواح والممتلكات، من خلال قراره الصائب والشجاع باستخدام السلاح الوظيفي، في لحظة حرِجة مِفصلية توجد فيها حياة المواطنين وعناصر الأمن في مهب سكين شخص خطير، هذا الشرطي يستحق وساما ملكيا، لتفانيه في تأدية الواجب الوطني على أحسن وجه، وتنويها بضميره المهني الحي الذي دفعه للإقدام على فعل ليس بالسهل، حرصا على حياة المواطنين.

وقراءة في بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني، تؤكد أن المشتبه به:

– هدَّدَ الأمن والنظام العامين.

– تسبَّب في تكسير ثلاث سيارات خاصة تحت تأثير الكحول.

– عمدَ إلى تعريض سلامة المواطنين وعناصر الشرطة للخطر بواسطة سكين.

والنتيجة اضطرار ضابط الشرطة القضائية إلى إطلاق رصاصة تحذيرية ثم رصاصتين أصابتا المعني بالأمر مما أفضى إلى وفاته.

ورد في البلاغ أيضا أن المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة بني ملال فتحت تحقيقا في هذه القضية، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، واستمعت إلى الشهود، وهذه إجراءات قانونية بمثابة ضمانات حقوقية، لمنع استخدام السلاح الوظيفي إلا في الحالات الضرورية القصوى، التي تُستفذ معها كل الطرق والأساليب السلمية.

غير خفي أن ظاهرة العنف استفحلت في السنوات الأخيرة، وأصبحت تمتدُّ إلى كل مناحي الحياة في المغرب، مهدِّدةً الهوية المغربية التي كان التسامح والتعايش والتكافل أبرز ملامحها، اليوم هذه القيم الرفيعة مُهدَّدَة، بعدما تفاقمت مظاهر العدوانية والكراهية وغيرها من سلوكات العنف المَرَضِية.

استطاع العنف أن يتسلل إلى كل مفاصل مؤسسات الجسد المغربي، في الأســر، المؤسسات التعليمية، الملاعب، المساجد، الأسواق، المؤسسات الأمنية، السجون، المستشفيات.. معدلات العنف فاقت الدرجات المعتدلة الضَّامنة للاستقرار والسلم الاجتماعي.

غير أن المقاربة الأمنية على أهميتها تظل غير كافية، لأن مكافحة العنف تتطلب تضافر وتكاثف العديد من القطاعات، وأهمها قطاع التربية والمقاربة التربوية، لأن العنف هو فكرة في الرأس قبل أن تتحول إلى سلوك إجرامي الذي يعني التحقق الفعلى للفكرة العُنفية، ويجب التحسيس بأهمية القيم في حياة المواطنين واستثمار نتائج العلوم الإنسانية، وحراك المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، وعقد الندوات والمحاضرات، ومحاربة الهشاشة التي تُنتِج التهميش والمهمشين، الذين يعانون النبذ الاجتماعي ومرارة الاحتقار وما يخلفه في نفوسهم من جراحات، يحاول بعضهم تضميدها بالعنف المضاد، وتبقى المقاربة الاقتصادية هي الأكثر أهمية وواقعية، بإطلاق مبادرات التشغيل والمقاولات والاستثمار، لمحاربة البطالة والعطالة وإفرازاتهما المدمرة.

ختاما الشرطة والدرك هم مواطنون مغاربة، وإذا كان المغاربة قد ذاقوا قمعا من هذه الأجهزة في سنوات الجمر والرصاص، فإن المشهد الأمني في المغرب بدأ يتغير، ربما ببطء، لكن لا بد من تغيير نظرتنا إلى المؤسسة الأمنية، ودفعها للانخراط أكثر في توفير أمن الوطن والمواطنين، والإشادة بمجهودات الكثير من أبناء هذا الجهاز البررة، الذي قضى منهم الكثير نحبه فداء للوطن، هؤلاء هم شهداء الواجب الوطني، الذين اغتالتهم أيادي المجرمين، وهم يهرولون لإنقاذ طفلة صغيرة من أنياب وحش يغتصبها، أو حماية شيخ مسِنّ ذاهب إلى المسجد لصلاة الفجر..

شهداء الواجب الوطني يستحقون أن تخلَّد أسماؤهم في أفلام ومسلسلات تلفزية، وتسمى بها بعض المؤسسات والمعاهد والمدارس، وتُكرم أسرهم بتعويضات مادية، لا أن تتشرد الأسرة غداة استشهاد الشرطي الذي كان يُعيلها.

لهذه الأسباب يجب أن يحصل شرطي بني ملال وسام ملكي لجرأته في مكافحة الجريمة وحفظ أمن وسلامة المغاربة..

مشاركة