الرئيسية آراء وأقلام البنية الإدارية لشركة المساهمة

البنية الإدارية لشركة المساهمة

images 15.jpg
كتبه كتب في 14 سبتمبر، 2016 - 9:17 مساءً

مـــــقدمـــــــة
تعتبر الشركات الإطار القانوني الأكثر ملاءمة للقيام بالمشاريع في ظل الاقتصاديات الحديثة نظرا للإمكانيات المادية والبشرية و التنظيمية التي تتمتع بها وان من بين النتائج التي أفرزتها الثورة الصناعية التي عرفتها أوروبا الاهتمام بإنشاء مشاريع صناعية ضخمة حيث اتخذت شركة المساهمة كإطار وكأداة مثلى لتحقيقها
وتتبوأ شركات المساهمة موقع الصدارة في عالم الاقتصاد والمال فهي المحرك الرئيسي للدورة الاقتصادية باعتبارها تمثل الإطار القانوني والمادي الأساسي لممارسة التجارة والأعمال وقد اعتبرها بعض الباحثين على أنها الوسيلة القانونية لازدهار الرأسمالية و العمود الفقري للحياة الاقتصادية ومحور الثروة المالية وركائز الصناعة ، وقد قال فيها جورج ريبير “انها افضل ثمرة قانونية للنظام الاقتصادي الحر الذي تمكن بفضلها من التوسع و الانتشار داخل الدولة و خارجها ”
و لكي تقوم شركة المساهمة بالدور الذي قامت من اجله عليها ان تنظم أنظمتها الأساسية على أحسن وجهه وان تسير إدارتها بشكل يضمن لها الاستمرارية، وذلك اما باعتمادها على النظام التقليدي او الحديث لتسير اللذان تبناهما المشرع المغربي .
وبالرجوع إلى التطور التاريخي لهذا النوع من الشركات نجد ان المغرب عرف اول تنظيم قانوني لهذا النوع سنة 1922 وذلك عن طريق فانون 28 غشت سنة 1922 ، والذي اخذ عن قانون 1867 الفرنسي الذي اعتمد أسلوب الإدارة الفردية كتنظيم أحادي لشركات المساهمة ، هذا القانون الذي تم تعديله سنة 1931 ، 1955 ،1973 المحدد للقطاعات القابلة للمغربة .
وفي إطار الثروة التشريعية التي عرفها المغرب منذ بداية التسعينيات والتي كان يهدف من ورائها تحديث المنظومة التشريعية حتى تواكب التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية ، كان لابد ان تمس هذه العدوى التنظيم التشريعي لشركة المساهمة فتم إصدار قانون 17.95 ، هذا الفانون الذي اخذ عن قانون 1966 الفرنسي والذي تبنى نظام جديد فيها يخص إدارة شركة المساهمة وهو نظام مجلس الإدارة الجماعية و مجلس الرقابة مع الاحتفاظ بالنظام القديم القائم على أحادية التسيير .
وفي يوليو 2008 تم إصدار قانون رقم 20.05 المغير والمتمم لقانون 17.95 في محاولة من المشرع لاستدراك فراغات القانون الأخير و الاستجابة للتحولات الاقتصادية .
ومنه تتجلى أهمية الموضوع في كون شركة المساهمة و كما اجمع على ذلك اغلب الفقه بأنها تجمع اقتصادي صغير تقوم السلطة فيه على غرار الانظمة الديمقراطية باعتبار هذه الأخيرة تقوم على مبدأ فصل السطات ، وهو ما يبدو جاليا من خلال النظامين اللذان اعتمدهما المشرغ في تسير شركة المساهمة باختيار احدهما .
ومن هنا تبرز اشكالية الموضوع والتي تتجلى في مدى احترام اجهزة التسير المعمول بها في شركة المساهمة الحدود المحددة قانونا احتراما لمبدأ فصل السلطات على غرار الانظمة الديمقراطية .
وللاجابة عن هذة الاشكالية سنقوم بالاعتماد على التقـــــــــــــــــسيـــــــــــــــــــــــم التـــــــــــالـــــــي

المطلب الأول :الأجهزة المسيرة لشركات المساهمة وفق النظام التقليدي:

المطلب الثاني: العلاقة بين الأجهزة المسيرة لشركات المساهمة وفق النظام الحديث:

المطلب الأول:الأجهزة المسيرة لشركة المساهمة وفق النظام التقليدي:

إن النصوص القانونية المتعلقة بتسيير شركة المساهمة،تبين أن تسيير هذه الأخيرة يقوم على مبدأ ديمقراطي هام،وهو تفريق السلط ، فنجد السلطة التشريعية توازيها الجمعيات العامة للمساهمين،أما السلطة التنفيذية فتتجسد في مجلس الإدارة الذي يعتبر أداة لتنفيذ القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للمساهمين.
إن البحث حول طبيعة العلاقة القائمة خاصة بين الجموع العامة للمساهمين باعتبارها السلطة التشريعية ومجلس الإدارة كسلطة تنفيذية،يجعلنا نتوقف عند حقيقة جعلت من الجمعيات العامة للمساهمين صاحبة السيادة،أي صاحبة السلطة العليا داخل الشركة ومنها تنبع جميع السلط. ومن هنا سوف نتطرق في هذا المطلب للجمعيات العامة باعتبارها سلطة تقريرية في فقرة أولى قبل أن نتحدث عن المجلس الإداري باعتباره سلطة تنفيذية في فقرة ثانية.
الفقرة الأولى:الجموع العامة كسلطة تقريرية في شركة المساهمة:
يعتبر المساهمون داخل الجمعية العامة،سلطة تقريرية في شركة المساهمة،لكن صلاحيات الجمعيات العامة ليست واحدة،تختلف باختلاف أنواعها،وقد نص المشرع على ثلاث أنواع منها،إلا أننا سنقتصر الحديث عن الجمعيات العامة العادية وغير العادية.
إن وصف جمعية المساهمين بعادية وغير العادية يرجع إلى مدى أهمية وخطورة الموضوعات المدرجة في جدول أعمال الجمعية المدعوة للإنعقاد على أساس أن هذه الموضوعات التي تتصدى لها الجمعية العامة غير العادية تكون على جانب من الأهمية لا ينعقد الإختصاص بشأنها إلا لهذه الأخيرة.
تعتبر الجمعية العامة العادية من بين الأجهزة المهمة في شركة المساهمة إلى جانب أجهزة أخرى،بحيث تعتبر الإطار القانوني الذي يصب فيه المساهمون إرادتهم بحيث يتمكنون من خلاله من تحديد مصير الشركة ومراقبتها ،وتضم الجمعية العامة العادية مبدئيا كل المساهمين في الشركة الحاملين لحق التصويت لكن يمكن أن يشترط النظام الأساسي حيازة حد أدنى من الأسهم حتى يخول المساهم حق المشاركة.
ويمكن تعريف الجمعية العامة العادية بكونها الجمعية التي تجتمع خلال حياة الشركة والتي لا يكون هدفها تعديل النظام الأساسي .هذا ما يستشف من خلال الفقرة الأولى من المادة 110 من ق.ش.م.
إن اختصاصات الجمعية العامة العادية لا يمكن حصرها لأن هناك قاعدة عامة تخول للجمعية العامة العادية أوسع الإختصاصات،وهي كل ما لا يدخل في اختصاصات الجمعية العامة غير العادية فهو من اختصاص الجمعية العامة العادية السنوية،وهذا ما نصت عليه المسرع المغربي في المادة 111 الفقرة الأولى من قانون 95-17 المتعلق بشركة المساهمة.
من أهم الإختصاصات والتي تظهر سلطتها التقريرية تعيين وعزل مسيري ومراقبي الحسابات،فهي صاحبة الإختصاص الأصيل في إدارة المساهمة،ونجد من بين المهام الموكلة لها تعيين أعضاء مجلس الإدارة ،في شركة المساهمة ذات الأسلوب التقليدي الذي يقوم على مجلس الإدارة واحد،كما خولها المشرع تعيين مجلس الرقابة في النظام الحديث.
وبهذا فإن تعيين المتصرفين يتم عن طريق انتخابهم من قبل المساهمين داخل الجمعية العامة العادية،كما هو الشأن في النظام الديمقراطي النيابي،حيث يتولى الشعب انتخاب نوابه الذين يتولون تسيير الدولة.
وإلى جانب ولاية الجمعية العامة العادية بتعيين أعضاء مجلس الإدارة فإن المشرع منح لها ولاية اخرى تتجلى في حقها في عزل أعضاء مجلس الإدارة وهذا ما نصت عليه المشرع من خلال قانون 95-17 المتعلق بشركة المساهمة،ولو لم يتم إدراج ذلك بجدول الأعمال ،كما اعترف لها بعزل اعضاء مجلس الإدارة الجماعية ،إلى جانب حقها في عزل أعضاء مجلس الرقابة في أي وقت.
تأسيسا على ما سبق فالجمعية العامة العادية هي صاحبة الإختصاص والسلطة العليا في إطار علاقتها مع المتصرفين.
إضافة للإختصاصات السابقة،نجد المشرع في قانون 95-17 منحها اختصاصا أخر وهو تعيين مراقبي الحسابات يعهد إليهم مراقبة وتتبع حسابات الشركة ،وذلك لتحقيق المنفعة العامة للشركة .
ومن بين الأنشطة التي تبين السلطة التقريرية أن الجمعية العامة العادية تختص بالنظر في المسائل للشركة سواء كان ذلك في اجتماعاتها السنوية أو في اجتماع أخر تعقده خلال السنة،ويرجع هذا لكون الميزانية وحساب الأرباح والخسائر تترجم حصيلة نشاط الشركة طوال السنة المالية ومن أجل ذلك تختص الجمعية العامة التي تمثل أعلى سلطة في الشركة بالتصديق على الميزانية وحساب الأرباح والخسائر.
أما بخصوص الجمعية العامة غير العادية فلها وحدها سلطة تعديل النظام الأساسي كالزيادة في رأسمالها أو تخفيضه أو حل الشركة قبل أجلها أو تصفيتها.
فإذا كان المشرع قد خول الجمعية العامة غير العادية دون سواها اتخاد قرار الزيادة في الرأسمال بناء على تقرير مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية،على أساس أن يبين التقرير أسباب الزيادة المقترحة في الرأسمال.إلا أن الملاحظ أن المشرع خول الجمعية العامة العادية سلطة تفويض السلط الضرورية لمجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية قصد القيام بالزيادة في رأسمال دفعة واحدة أو عدة دفعات وتحديد ومعاينة كيفية إثبات تحقيقها والعمل على تغيير النظام الأساسي وفقا لتلك الزيادة ،كما يجوز للجمعية العامة غير العادية بقرار منها تخفيض رأسمال الشركة إذا كان يزيد عن احتياجات الأخيرة بكثرة.
كما تختص الجمعية العامة غير العادية في شركة المساهمة باتخاذ قرار الإدماج وفق الشروط التي يتطلبها النظام الأساسي،على ألا يترتب عن التعديل تغيير في توزيع حقوق الشركاء أو زيادة في التزاماتهم،ما لم يوافقوا بالإجماع على ذلك.

الفقرة الثانية:المجلس الإداري كهيئة تنفيذية
يعتبر شركة المساهمة ذات مجلس الإدارة الشكل التقليدي لإدارة شركة المساهمة والذي تبناه المشرع المغربي مند ظهير 11 غشت 1922 حيث أخده عن القانون الفرنسي ل24 يوليوز 1867 وما زالت تتبناه اغلب شركات المساهمة ذات الطابع العائلي حيث تدار شركة المساهمة من طرف مجلس إدارة
ورئيس لهدا المجلس

ولهدا سوف نتناول في هده الفقرة المتصرفون (أ) والمدير(ب)
أ- المتصرفون :
تنص المادة 39-1 من قانون 95-17 من قانون شركة المساهمة على أن شركة المساهمة يقوم بتسييرها مجلس إدارة يتكون من حد ادني لايقل عن ثلاثة وحد اعلي لا يتجاوز اثني عشر إلا انه يمكن تجاوز هادين الحدين في حالة الاندماج وقد نصت المادة 40 على تسمية أعضاء مجلس الإدارة
بالمتصرفين وقامت بتحديد الجهة التي تقوم بتعيين هؤلاء التصرفين وهي الجمعية العامة العادية
إن تسمية أعضاء مجلس الإدارة بالمتصرفين عرفها الفقه المغربي في ظل ظهير 11 غشت 1922 قبل أن يعرفها الظهير ذاته فلم يتعرض الفصل 22 من الظهير ألمدكور لهده التسمية فقد عبر عنها الدكتور المشيشي بمجلس الإدارة أو هيئة المتصرفين أو جمعية المسيرين ورأي بعض الكتاب ويطلق عمليا وتشريعيا على هؤلاء الوكلاء تسمية المتصرفين ودلك في إشارة إلى عدم تبني ظهير 11غشت 1922 هده التسمية ومما يدل على حداثة هده التسمية قانونا لا فقها نجد آن قانون شركة المساهمة رقم 17-95 اعتمد تسمية أعضاء مجلس الإدارة بصياغة المتصرفين ففي المادة 40 كرس القانون هده التسمية
عندما تحدث عن تبيان الجهة التي تقوم بتعيينهم “يعين المتصرف من طرف الجمعية العامة العادية ”
لقد قلص قانون 05-20 سلطات مجلس الإدارة خلافا ما كان عليه في قانون 95-17 وقد تم تحويل هده السلطات إلى المدير العام
كما نصت الفقرة الأولى من المادة 44 من القانون 95-17 على أن يكون كل متصرف مالكا لعدد من آسهم الشركة يحدده النظام الأساسي ودلك خلال مدة قيامه بمهامه كما انه ادا كانت الفقرة الثانية و الثالثة من المادة 44 من القانون 95-17قد نصت على أسهم الضمان المقررة لضمان المسؤولية عن أعمال التسيير فان هده الأسهم قد ألغيت بموجب المادة الرابعة من القانون 05-20 المغير والمتمم لقانون 95-17 المتعلق بشركة المساهمة
ب المدير:
رغم أن لفظ مدير لم يتم التنصيص عليها كمؤسسة قائمة بذاتها في ظل أحكام قانون شركة المساهمة رقم 95-17 إلا انه تم الإشارة إليها في المادة 58 ولأننا بصدد دراسة الأسلوب التقليدي في إدارة شركة المساهمة فبإمكاننا التأكيد على بقاء هده المؤسسة
والمدير كما يكون من بين أعضاء مجلس الإدارة فانه قد يكون من خارج أعضاء المجلس وهدا ما يستفاد من المادة 67 من قانون قانون05-20 المغير والمعدل لقانون 17-95 لقانون شركة المساهمة “حين يكون المدير العام متصرفا فان مدة مهامه لا يمكن أن تتجاوز مدة انتدابه” وبالتالي لم تعد القاعدة
السارية في ظل القانون القديم محل اعتبار و التي تفرض اختيار المدير من بين المساهمين
كماأن قانون 05-20 عمل على تكريس فصل المهام المخولة لرئيس مجلس الإدارة وتلك الممنوحة للمدير العام وقد منح للمدير العام سلطات واسعة للتصرف باسم الشركة وباستقلال عن رئيس مجلس الإدارة
فحسب المادة 67و74 من قانون 05-20 يتضح أن تجعل أن المدير العام يمارس مهامه باعتباره جهازا تنفيذا مكلفا بالتسيير اليومي والدائم للشركة ويهدا فان الرئيس لم يعد يتمتع بأوسع السلط باسم الشركة وأصبح يمارس مهامه باعتباره جهازا جماعيا كما أن المدير العام أخد مهام الرئيس فيما يتعلق بمنح كفالات آو ضمانات احتياطية أو ضمانات باسم الشركة بناء على ترخيص من مجلس الإدارة

المطلب الثاني: العلاقة بين الأجهزة في شركة المساهمة وفق النظام الحديث:

إضافة إلى الأسلوب التقليدي، فإن المشرع الألماني أوجد نظام الإدارة الجماعية باعتباره أسلوب حديث في إدارة وتسيير شركات المساهمة، ويسعى هذا الأسلوب إلى الفصل بين وظيفة التدبير وهو مجلس الإدارة ووظيفة المراقبة التي يقوم بها مجلس الرقابة، إلا أننا في هذا المطلب سنحاول التركيز على أوجه العلاقة والتعاون بين هذه الأجهزة أكثر من مدى استقلالها عن بعضها لهذا سنتحدث أولا عن العلاقة بين مجلس الرقابة ومجلس الإدارة ( الفقرة الاولى) ، ثم تأثير الجهازين على الجمعية العامة للمساهمين وعلى ومراقبي الحسابات ( الفقرة الثانية )

الفقرة الأولى: العلاقة بين مجلس الرقابة ومجلس الإدارة:
إذا كان المشرع قد تولى تحديد وظائف كل من مجلس الإدارة الجماعية ومجلس الرقابة بشكل لا يجعل أيا منهما يتدخل في سلطات الآخر، بما يخدم منطق الفصل بين السلط في النظام الحديث، فإن أهم شيء يطبع نظام الإدارة المزدوجة هو السعي نحو خلق تعاون بين أجهزة الشركة جميعها.
ولو استقل كل جهاز بوظائف خاصة، فهذا لا يعني أنهما يمارسان أنشطة متضادة بل على العكس من ذلك، لأنهم يحضون بثقته، كما أنه من بين أهداف مجلس الرقابة تسهيل مهمة أعضاء مهمة أعضاء مجلس الإدارة الجماعية، وذلك من خلال مقتضيات قانونية تكشف عن هذا التعاون، حيث تفرض المادة 104 من قانون 17-95 على مجلس الإدارة الجماعية تقديم تقرير مرة كل 3 أشهر لمجلس الرقابة عن التسيير، فهذا دليل على أن المجلسين يعقدان اجتماعا يحضرانه معا، وهذا دليل على التعاون بين المجلسين بشأن التسيير، ورغم ذاك فالجهازين يتولون أخذ قرارات بشكل منفصل دون تدخل منهما في شؤون الآخر، حيث يتولى مجلس الإدارة الجماعية بالدفاع عن قراراته بنفسه أمام جهاز الرقابة، ذلك في إطار سياسة مشتركة. وهناك من يرى أنه لا شيء يمنع من فرض عقد مثل هذه الإجتماعات التي لها هدف واحد وهو تأمين مراقبة فعالة للجهاز الإداري، والإسهام في اتخاذ قرارات مشتركة تعكس صلاحيات المجلسين معا، وبالتالي تحقيق التوجهات الكبرى للشركة.
إلا أن هذا التعاون القائم بين المجلسين قد لا يتحقق حينما لا يؤدي أحدهما وظيفته بشكل صحيح، فقد يكون مجلس الإدارة الجماعية بخضوعه المستمر لمجلس الرقابة لا يعمل إلا على تنفيذ قرارات هذا الأخير، وذلك في الحالة التي يفتقر فيها مجلس الإدارة الجماعية إلى الشخصية القوية، بسبب افتقاده في بعض الأحيان إلى مساهمين أعضاء يجسدون راسمال الشركة، وأحيانا أخرى بسبب قوة وصلابة مجلس الرقابة الذي يستحوذ على الحصة الكبرى من رأس المال.
وعلى العكس من ذلك قد يكون مجلس الرقابة بثقته العمياء في الأعضاء الذين اختارهم متجاهلا لدوره في رقابتهم، مما يقوده إلى الخمول في أداء مهامه، وهناك من الفقه من يرى أن تهاون مجلس الرقابة أقل خطورة من خمول مجلس الإدارة الجماعية، لأنه لا يهدد مصلح الأغيار، على اعتبار أن أعضاء مجلس الرقابة يكون من مصلحتهم أن تسير الشركة بشكل صحيح خير من أن تتم المراقبة بشكل فعال.

الفقرة الثانية: تأثير الجهازين على باقي الأجهزة:
إن تواجد مجلس الإدارة الجماعية ومجلس الرقابة معا في شركة المساهمة ذات الأسلوب الحديث يعد أمرا ضروريا. وبالتالي تبقى لها ذاتية خاصة وبعيدة عن النظام التقليدي في الإدارة ، وذلك مع تواجد باقي أجهزة المساهمة ذات الطابع التقليدي في تلك التي تتبنى الأسلوب الحديث مما دفع إلى محاولة تكييفها مع النظام الجديد سواء تعلق الأمر بالجمعية العامة للمساهمين (أولا) أو مراقبي الحسابات (ثانيا).
أولا: التأثير على الجمعية العامة للمساهمين:
إن تكييف جمعية المساهمين مع الهيكلة المزدوجة لم يتطلب إلا بعض اللمسات الإضافية وذلك راجع بطبيعة الحال إلى الاختلاف الحاصل بين هيكلة الشركتين والدور المنوط بالأجهزة المحفظ بها.
حيث تعتبر جمعية المساهمين قطب الرحى فيما يخص التحكم في شركة المساهمة ، حيث ظلت الهيئة المطلقة لهذه الشركة -أي شركة المساهمة – طبقا لمبدإ الديمقراطية لأن النظرة التعاقدية لهذه الشركة هي التي فرضت الشكل الديمقراطي. فهذا الجهاز سلمت رئاسته لرئيس مجلس الرقابة لأن هذا الأخير يتشكل في معظمه من المساهمين.
هذه الجمعية التي تستمد منها كل الهيئات الأخرى بشكل مباشر أو غير مباشر سلطاتها حيث تمارس السلطات الأخرى عملها تحت مراقبتها وكانت وحدها قادرة على تعديل عقد الشركة وبالتالي تعتبر بمثابة هيئة مطلقة.
لكن التغيير الذي حدث في مفهوم تنظيم السلطات في شركة المساهمة كان له انعكاس مباشر على هذا التحليل الخاص بالجمعية بشكل كبير، إذ تم تجريد هذه الأخيرة قانونا من ممارسة إدارة وتسيير الشركة، ذلك أن سيادة الجمعية العامة والمعتبرة على أنها قدرة هذه الأخيرة قانونا على حيازة كل الاختصاصات لا يتماشى مع مبدأ فصل السلط، وهو ما كرسه القضاء الفرنسي من خلال قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية المعروف بقرار Motte في 4 يونيو 1946 حيث منعت الجمعية العامة من الاعتداء على سلطات الإدارة المخولة لمجلس الإدارة.
وأصبحت الجمعية العامة تلعب دور المحكم الخارجي يتدخل في حالة غياب حل لنزاع قد ينشأ بين الجهازين الرئيسيين هما مجلس الرقابة ومجلس الإدارة الجماعية، وبالتالي أصبحت تلعب وظيفة السلطة القضائية في إطار شركة تتصف بمبادئ الديمقراطية.
كما أن مهمة الرقابة يتولاها مجلس الرقابة المشكل في معظمه من المساهمين مما أدى إلى تقليص من أهمية الجمعية العامة.
ثانيا: التأثير على مراقبي الحسابات:
يبدو أن ظهور مجلس الرقابة كجهاز مختص بالرقابة الدائمة على التسيير سيؤدي إلى إمكانية استغناء عن مراقبي الحسابات، لكن هذا غير صحيح بدليل استمرار نشاطهم في الشركة بوضوح في المجال المحاسبتي الذي يتطلب خبرة مختصة قادرة على تنوير الجمعية العامة للمساهمين باعتبار هذه الأخيرة غير مؤهلة لتأدية وظيفة المراقبة المحاسبتية، في حين ينصب دور مجلس الرقابة على رقابة مجموع الوظائف التي يقوم بها مجلس الإدارة الجماعية.
وما يميز الهيكلة المزدوجة للإدارة هي التعاون بين مراقبي الحسابات ومجلس الرقابة ويكون هذا التعاون ضروريا في الحالة التي يتوفر فيها الجهازين على نفس الوسائل لتأدية الوظائف المشتركة بينهما.
فالجهازان يمكنهما في أية فترة من السنة القيام بعملية الفحص والمراقبة للاطلاع على الوثائق التي يرونها ضرورية لإعطاء الصورة الحقيقية للشركة.
ومن المسائل التي نستشف عن التعاون بين الجهازين هي إمكانية اجتماعهما معا عندما تتم دعوة مراقبي الحسابات لحضور اجتماعات مجلس الرقابة.

خاتمــــــــــة
نظرا لأهمية نشاط شركة المساهمة ودورها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فإن الملاحظ أن المشرع أخذ يتدخل باستمرار لتنظيم هذه الاشركات بأحكام تضمن حسن سيرها، وتولى نظام التسيير داخلها. وذلك حفاظا على المصالح المرتبطة بها، وأصبح يسيطر عليها طابع النظام القانوني، لكون المشرع أدخل تعديلات عليه وآخر تعديل هو قانون 20.05.
ومادام أننا حاولنا تقريب نظام تسيير شركة المساهمة مع نظام الدولة، فإننا سنقع في نوع من المبالغة، فالمساهمون يعتبرون من حيث المبدأ سادة الشركة إلا أنهم لا يهتمون بإدارة الشركة، الأمر الذي يجعل المجال مفتوحا أمام السلطة الحقيقية وهي مجلس الإدارة، وخاصة المدير العام، والذي أصبح بموجب قانون 20.05 يسيطر على أهم الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها الرئيس.
وبالتالي على المساهمين من خلال الجمعية العامة أن يلعبوا دورهم السيادي، لأنه كلما رفض المساهمون ممارسة حقهم، فإنه يتيح لفئة قليلة من المساهمين السيطرة على إدارة الشركة، وهذا من شانه أن يؤثر على فكرة الديمقراطية في نظام الشركة، ورفض المساهمون في ممارسة حقهم غالبا ما يكون متمثلا في غيابهم وعدم حضورهم للجمع العام. وبالتالي نجد أن هذه الجمعية العامة. لا تكون إلا مجرد برلمان غائب، لا يستطيع لعب دوره الأساسي.

مشاركة