الرئيسية أخبار القضاء الأستاذ مهدي شبو يدلي بانطباعاته على الانتخابات المهنية 9 : لماذا تفوق الفرسان الثلاثة لنادي قضاة المغرب ؟

الأستاذ مهدي شبو يدلي بانطباعاته على الانتخابات المهنية 9 : لماذا تفوق الفرسان الثلاثة لنادي قضاة المغرب ؟

CHEBO.jpg
كتبه كتب في 25 سبتمبر، 2016 - 1:45 صباحًا

لا يمكن لأية قراءة أن تنبري لتقييم انتخابات 23 يوليوز 2016 ، دون أن تسلط الضوء على الأسباب التي قادت ثلاثة من مناضلي نادي قضاة المغرب للظفر بثلاثة مقاعد داخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، وهذا المجهود ليس محاولة تأريخية فقط ، ولكنه عمل بيدغوجي موجه للجيل الذي سيدخل انتخابات 2020 ، إذ من واجبنا عليهم أن يتعرفوا على بروفيل المترشح الناجح الذي يجب أن يمثل جمعية مهنية مواطنة تحمل نفسا حقوقيا عاليا وتؤسس برنامجها على تكريس المعايير الموضوعية ونبد الريع .
وكما يعلم الجميع، فقد حالف التوفيق ثلاثة من زملائنا، سأحاول تبعا أن أسجل بعض الانطباعات عن الأسباب التي حسمت فوزهم .
1- الأستاذة حجيبة البخاري ، تعرفت على الزميلة البخاري في دورة تدريبية بالولايات المتحدة الأمريكية جمعتنا سويا بالمكتب الأمريكي للعلامات بواشنطن صيف 2007 ، وأتذكر أن النحس لازم أفراد البعثة المغربية طيلة الرحلة بسبب تأخر بعض الطائرات وتخلفنا عن مواعيد البعض الآخر وإلغاء حجوزتنا على متن رحلات أخرى ، فلمست في الأستاذة خصال قيادية مثل الإقدام وبرودة الدم ورباطة الجأش والقدرة على التواصل ، ثم اجتمعنا سويا في المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب في الفترة من 2012 إلى 2014 ، فاكتشفت وجه آخر في الزميلة هو وجه النقابية الشرسة التي تدافع عن قيم الاستقلالية والكرامة والتضامن بقدرة كبيرة على الإقناع والجدل ، لكن كذلك بحلم كبير ، يتذكر زملائنا بالمجلس الوطني كيف كانت تتدخل عندما تتأجج الخلافات والمشادات بين الزملاء مطالبة بالتزام الهدوء وتحكيم العقل ، وفي الوقت الذي خلعت فيه بعض من المترشحات للانتخابات الأخيرة وِزْرَة المطبخ le tablier للترشح ، بنت الأستاذة حجيبة البخاري على امتداد خمس سنوات من العمل رصيدا نضاليا كبيرا ، فلم تتخلف عن محطة نضالية واحدة ولا عن اجتماع واحد للأجهزة ، جابت المغرب من أزيلال إلى أصيلة ومن اكادير إلى وجدة مرة في زيارة تضامنية ومرة في برنامج إذاعي أو تلفزي ومرة في ندوة وأخرى في اجتماع لم يتحقق له النصاب القانوني ، حين وصل موعد الاستحقاق كانت الزميلة أبرز وجه نسائي في الحراك القضائي كله ، وأبرز مترشحة ، بل كانت بحق وبلغة الرياضيين المرشحة الأولى La grande favorite ، وهو ما لم تكذبه النتائج النهائية ؛
2- عبد الكريم الأعزاني ، دخل الانتخابات الأخيرة مرشحا فوق العادة عن نادي قضاة المغرب ، فقد كانت له سابقة انتخابية في 2010 ، حيث ترشح وهو لايزال قاض من الدرجة الثالثة فحازعلى 134 صوتا وهو رقم مشرف لإسم مغمور حينها في ظل وجود الكبار وأعضاء سابقين بالمجلس الأعلى للقضاء ، ينتمي جغرافيا إلى منطقة مشهود لها بانضباطها الانتخابي وهي منطقة الشرق والريف ، والذين أعطوه أصواتهم في هذا الحيز الجغرافي وهو في الدرجة الثالثة حتما زادوا وهو قاض من الدرجة الأولى خصوصا أن الحصيلة الاجتماعية والإنسانية لها دورها في هذا المجال ، دخوله إلى المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب في 20 غشت 2011 أعطاه الفرصة لأن يُعرف على نطاق واسع في المغرب ، شخصيته المحببة عند الجميع وأخلاقه العالية منحته نقطا إضافية ، وحتى نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي اتسم بالذكاء فلم يكن مكثرا من الظهور ولم يخلق أعداء خلافا لمجموعة من المترشحين ، صداقاته في فوجه ال 29 عرفت به هي الأخرى في مجموع ربوع المغرب كما عرفت بزميليه في الفوج والمجلس محمد جلال الموسوي وعادل نظام ، وحتى جزء كبير من الذين لا يعرفونه تأثروا في اختيارهم له بخطابه في الحملة التعريفية بالمحاكم التي زارها والذي أقنع به وبشخصه ، وحاصل القول إن الأعزاني كان أقرب مرشحي نادي قضاة المغرب إلى بروفيل المرشح المثالي للانتخابات الذي يمكن لجمعية المراهنة عليه .
3- ياسين مخلي ، حين قدم الرئيس المؤسس لنادي قضاة المغرب ترشيحه عن قضاة محاكم الاستئناف ظهر أن مهمته شبه مستحيلة في هيئة انتخابية محافظة بطبعها ومعروفة بخضوعها للأقطاب الانتخابية الكبرى ، بدليل أنه في مرحلة ما من تاريخنا القضائي ، كان كل من يُعلن عن طموح انتخابي من قضاة محاكم أول درجة ، يتم نقله إلى محاكم الاستئناف حتى تُعدم حظوظه ، ومع كل هذه المطبطات استطاع ياسين مخلي أن يدخل التاريخ كأول من يقتحم الحصن المنيع لمحاكم الاستئناف ، ويُماثل الانجاز الذي حققه إنجاز جعفر حسون في سنة 2002 عن محاكم أول درجة ، لأن هذا الأخير لم يدخل الانتخابات حينها بتزكية جهوية أو قبلية أو بمساعدة قطب انتخابي ، وإنما فاز برصيده النضالي ، وهذا هو وجه الشبه بين الرجلين . كان الرصيد النضالي للأستاذ مخلي كبيرا ، فقد خاض معركة النادي بشجاعة وإقدام كبيرين قلما توفرت لقاض ، وجعل من النادي رقما صعبا في المعادلة رغم كل الصعوبات ، وكانت له مواقف نقابية ونضالية وحقوقية قد تسع كتب لتفصيلها فأحرى أن أستعرضها في هذا المقام ، يقول البعض إن مخلي استفاد من بعض المناطق من التصويت العقابي ضد المجلس المنتهية ولايته ، لكن هذا العامل لم يكن حاسما ، فقد اقتنع كثير من زملائنا بمحاكم الاستئناف التي ارتفعت فيها مستويات التشبيب في السنوات الأخيرة بمسار الرجل وتضحياته وبرنامجه .
أستطيع القول بأن الأسماء التي فازت عن نادي قضاة المغرب ، تشكل في حقيقتها زبدة النخب داخل الجمعية ، وسيصعب علينا تعويضها أو إيجاد الخلف لها في استحقاقات 2020 في ظل منافسة من الجمعيات المهنية التي ستقذف إلى هذا المعترك بأقدر مرشحيها على الفوز ، أما الأعضاء الفائزون فسينتقلون من وضع إلى آخر، وستنطبق عليهم مقولة فرنسوا ميتران أول رئيس إشتراكي لفرنسا حين قال ، ” من السهل أن تنتقد في المعارضة لكن للحكم إكراهاته “.

مشاركة