الرئيسية إجتهادات وقرارات قضائية هل يمكن الاقرار بمسؤولية الدولة في انتشار وباء كرونا بالمغرب …؟؟؟

هل يمكن الاقرار بمسؤولية الدولة في انتشار وباء كرونا بالمغرب …؟؟؟

IMG 20200329 WA0265.jpg
كتبه كتب في 29 مارس، 2020 - 5:04 مساءً

بقلم : محمد البشيري
صوت العدالة :

هل يمكن الاقرار بمسؤولية الدولة في انتشار وباء كورونا الوافد من خارج التراب الوطني.. ؟؟ ، علما انه و قبل ظهور اول حالة في 2 مارس 2020، كان الوباء قد انتشر عالميا في العديد من الدول، وخلفا مئات القتلى وآلاف المصابين، واستنادا للقاعدة القانونية، فإن حماية التراب الوطني تقع على عاتق الدولة ومسؤوليتها، فهل تتحمل الدولة جزء من المسؤولية في انتشار الفيروس؟!!

في حوار للجريدة مع الاستاذ الجامعي (جواد لعسري) و الذي أكد لنا انه و من الضروري جدا الإنطلاق من النص الدستوري، بإعتباره القانون الأسمى في البلاد، لنجعله ركيزة و أرضية نستند إليها، للوقوف على مجموعة من المحاور الجوهرية، وذلك لفتح نقاش أكاديمي أوسع، وتحديد المسؤوليات عن الأضرار بشكل عام، وعن الضرر الناجم عن تفشي وباء كوفيد 19 المستجد بشكل خاص..فهل تتحمل الدولة جزء من المسؤولية؟ وأين يتجلى هذا الخطأ ؟!!!

يرى الاستاذ (جواد لعسري ) أن المغرب ليس بمعزل عما يدور في العالم من تطورات، خاصة وأن ما تعيشه الدول اليوم هو امتداد دولي واقليمي، تتفاوت درجات تأثر الدول به، ويعزى ذلك الى اختلاف الوعي المجتمعي، والحس بالمسؤولية اتجاه الاخر والوطن.. لكن في ذات الصدد، وبعيدا عن وعي الافراد والمجتمع، يمكن أن نعرج ونسلط الضوء على مسؤولية الدولة وما يقع في الوقت الراهن، وذلك نطلاقا من خطأ الدولة الذي تجلى في تأخر إغلاقها للحدود، وهو الطرح الذي يستند الى الإطار القانوني المادة 79و 80 من قانون الالتزامات والعقود.. و يشمل نطاق تطبيق مسؤولية الدولة حتى الحالة التي تتباطئ الإدارة أو المرفق في تقديم الخدمة أو العمل المناط به. كما أن تقرير مسؤولية الدولة في هذه الحالة يحد من السلطة التقديرية الواسعة التي تتمتع بها الإدارة كسلطة تظفي عليها طابع السلطة العامة. بحيث تسأل في حالة التأخر في القيام بالخدمة و بالطبع فذلك يكون مقيد بشرط أن لا تكون ملزمة بأدائها في ميعاد محدد.

ويضيف الاستاذ لعسري أن مسؤولية الدولة عن الضرر، سيحيلنا بشكل تلقائي الى مسألة أعمق ، حيث أشار أن القضاء بموجب القاعدة القانونية، ينظر في التعويض والضرر الذي لحق الافراد، وكل من تضرر من تصرفات الإدارة، بمعنى تقرير مسؤولية الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر، و بالتالي فدعوى التعويض هي تلك الدعوى التي يرفعها أحد الأفراد إلى القضاء من أجل الحصول على تعويض عن ضرر أصابه نتيجة تصرف خاطئ للإدارة، وهو التأخر في اغلاق الحدود في هذه الحالة.

ووجب التذكير في هذا الباب ،إلى أن للـقضاء دور مهم في السهر على إحترام هذه المبادئ الدستورية عبر مراقبة الأعمال الإدارية التي تقوم بها الدولة، والتي تطورت تبعا للتغيرات الإجتماعية و السياسية لكل بلد. هذه المسؤولية لم يكن معترف بها مطلقا، إلى غاية أواخر القرن الماضي حيث كان المبدأ السائد هو عدم مسؤولية الدولة عن أعمالها، نظرا لتعارض هذا المبدأ مع سيادة الدولة في نظر الدولة نفسها. حيث كان يعتقد بأن تقرير مسؤولية الدولة ستنافى مع سيادتها وهذا أمر خاطئ بالمرة.

وفي هذا الاطار، يرى الاستاذ ” لعسري ” أنه يمكن الربط بين مسؤولية الدولة في حماية الصحة العامة وبين قرار الغرفة الادارية بمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا)، في القضية المعروفة ب “اعتداءات فندق اسني”، حين اعتبرت المحكمة أن السلاح المستعمل في الاعتداء دخل عبر الحدود المغربية، وان حماية هذه الحدود مسألة ملقاة على عاتق الدولة المغربية، لتقر في نهاية المطاف بمسؤولية الدولة، وتقضي بأحقية المتضررين بالتعويض عن الاضرار الناجمة عن الاعتداء.

وانطلاقا مما تدعيه الدولة ممثلة في وزارة الصحة، والتي تعترف أن انتقال الوباء( كوفيد 19). كان بفعل الوافدين من الخارج، أي أن دخول وباء كرونا عبر الحدود الوطنية كان بفعل عدد الحالات الحاملة للفيروس، والتي دخلت المغرب في فترات حاسمة، كان الاجدر ان يتم منعها كليا من ولوج الاراضي المغربية، مما يثير وبشكل مباشر، إشكالية مسؤولية الدولة في حماية صحة المواطنين والمقيمين، وعدم اتخاذها في الوقت الحاسم لكل التدابير اللازمة لمنع انتشار الوباء الوافد من خارج التراب الوطني.

و مع التطور أصبح ممكنا الاقرار بمسؤولية الدولة،لأن عدم مسؤوليتها نتيجة الخطأ الصادر عنها، يعد اجحافا لحقوق الأفراد، حيث نجد مجموعة من الاحكام في هذا الإتجاه، بالإضافة إلى مجموعة من التشريعات التي أقرت بأحقية الأفراد في المطالبة بالتعويض ما اذا تبثت بالفعل مسؤولية الدولة او التقصير من قبلها، وبالتالي الوقوف عند الأسس القانونية و القضائية لتقدير مدى جسامة الخطأ المرفقي ومسؤولية الدولة.

أن محاولة القضاء الإداري و ضع نظرية خاصة بالمسؤولية الإدارية لم يمنعه من الإعتماد على بعض قواعد المسؤولية المدنية في حالة إتفاق هذه القواعد مع الروابط الإدارية المراد تنظيمها . لهذا أقام المسؤولية الإدارية للدولة على أساس الخطأ كما أسسها على أساس المخاطر وتحمل التبعية. فهل تتحمل الدولة جزء من المسؤولية .. ؟!!

مشاركة