سات تيفي – بقلم – الأستاذ خليل بوبحي
عرف إياب نهائي كأس عصبة الأبطال الافريقية لكرة القدم بين الوداد الرياضي المغربي والترجي الرياضي التونسي فضيحة كروية مدوية بكل المقاييس لخصت ربما واقع التسيير الرياضي في القارة السمراء من جهة ، وواقع الرياضة الافريقية بشكل عام من جهة أخرى ، إذ ظنّ الجميع أن رحيل عيسى حياتو عن تسيير دواليب هذا الجهاز الرياضي وما عرفه تسييره من فساد لم يسلم منه أي أحد ، وقدوم الملغاشي أحمد أحمد سيساهم في تطوير كرة القدم الافريقية ومحاربة جيوب الفساد داخل الاتحاد الافريقي لكرة القدم ، لكن لاشيئ من ذلك حصل و مع كامل الاسف العالم بأكمله شاهد كيف ظلم فريق الوداد البيضاوي بقرارات شابتها العشوائية والهواية سواء في تنظيم نهاية هذه المسابقة القارية التي ستأدي بالفائز بها إلى المشاركة في كأس العالم ، أو من خلال قرارت الحكم الغامبي GASSAMA التي كانت مؤثرة في نتيجة المباراة، هذا دون التذكير بالمهازل التحكيمية في مباراة الذهاب والتي كان بطلها الحكم المصري جهاد جريشة .
وحتى لا أقوم بسرد الوقائع المملة للمباراة التي أصبح العالم بأكمله على إطلاع بها ، سأحاول من خلال هذا المقال تسليط الضوء على الجوانب القانونية المتعلقة بهذه النازلة الرياضية من خلال توضيح الإطار العام القانوني الذي جرت فيه هذه المباراة النهائية ، ثم أنتقل للحديث عن الخروقات القانونية التي شابتها ، لأنتهي ببعض الاجراءات التي يتعين القيام بها .
المحور الأول : الإطار القانوني للمباراة النهائية لكأس عصبة الأبطال الإفريقية .
لاشك أن تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى داخل القارة السمراء لا يتم بشكل عشوائي أو ارتجالي من طرف الجهات المنظمة ، بل إن الاتحاد الافريقي لكرة القدم CAF ومنذ تأسيسه وهو يضع الضوابط القانونية والتشريعية للمسابقات التي يشرف عليها من أجل الاجابة على جميع الاشكالات القانونية والفنية المرتبطة بهذه المسابقات سواء بين المنتخبات أو الأندية ، بل نجد من بين لجانه الدائمة لجنة خاصة بتنظيم المسابقات بين الأندية داخل القارة هي من تسهر على كل صغيرة وكبيرة فيما يتعلق بهذا الموضوع ،وبالعودة للمادة 16 من النظام الأساسي للاتحاد الافريقي لكرة القدم في فقرتها الثانية نجد بأن هذا الأخير ينظم بين الأندية ثلاثة مسابقات وهي : 1) عصبة الابطال الافريقية ، 2) كأس الكونفدرالية ، 3) الكأس الممتازة ، ويقوم بوضع اللوائح التنظيمية لهذه المسابقات والتي تكون الأندية المشاركة فيها والاتحادات التي تنضوي تحت لوائها مجبرة على احترامها تحت طائلة الجزاءات المنصوص عليها قانونا .
أما بخصوص مسابقة عصبة الأبطال الافريقية لكرة القدم موضوع حديثنا ، فقد وضع CAF عدت لوائح تنظيمية خاصة بها كان أخرها اللائحة التنظيمية المصادق عليها من طرف المكتب التنفيذي بتاريخ 10 يناير 2018 وهي التي يجري بها العمل حاليا .
وبالاطلاع على هذه اللائحة التنظيمية نجد بأن المادة 2 تنص على أن لجنة تنظيم المسابقات بين الأندية La commission d’organisation des compétitions interclubs وهي من اللجان الدائمة داخل الاتحاد الافريقي لكرة القدم طبقا للمادة 5 من نظامه الأساسي هي من تتولى تنظيم ومراقبة جميع المسابقات بين الأندية بما فيها مسابقة عصبة الأبطال الافريقية ، كما أنها تتولى تحديد تواريخ المباريات خلال جميع الادوار بما فيه المباراة النهائية ، وكذا أخذ القرارات في حالة القوة القاهرة ، ثم المصادقة على نتائج المباريات ، وكذا تعيين مراقبي المباريات ،فضلا عن اتخاذ القرارات المتعلقة بالشكايات المرتبطة بالمباريات بعد الرجوع للتقرير المكتوب لحكم المباراة ، وكذا مندوب المباراة ، وغيرهم من الرسميين ، كما أنها توقع العقوبات على الأندية التي تقوم بخرق لوائح CAF .
إذن هذه اللجنة المتكونة من رئيس وثمانية عشر عضوا من بينهم رئيس لجنة الحكام بالكاف والتي لها صلاحية كبيرة ومأثرة على نتائج هذه المسابقة دفعني للبحث عن من يكون رئيسها وباقي أعضائها؟
وتصوروا بعد بحثي في موقع الكاف على الأنترنيت أنني وجدت التونسي طارق البوشماوي هو رئيس هذه اللجنة ، فلم أستغرب مما حصل للوداد الرياضي داخل رقعة الملعب وما قد يحصل خارجه داخل دواليب الاتحاد الافريقي إن لم يتم إيقاف هذا النزيف مادام أنه تونسي ويقوم باستغلال منصبه للتأثير في نتيجة المباريات لصالح الاندية التونسية .
فاللجنة المذكورة طبقا لأحكام المادة 8 من اللائحة التنظيمية لمسابقة عصبة الابطال تقوم بتعيين مندوب المباراة وكذا المنسق العام للمباراة ، فيما تتولى لجنة الحكام تعيين الحكم الرئيسي وباقي الحكام المساعدين ، بينما تقوم CAF بتعيين مراقب الحكام .
وكما هو معلوم بحسب المادة المشار اليها أعلاه في فقرتها 3 فمندوب المباراة هو الممثل الرسمي للكاف لمراقبة المباراة بجميع جزئياتها ، وهو المؤهل لاتخاذ كافة الاجراءات والقرارات قبل انطلاق المباراة ، أما بعدها فيتخذها بتشاور مع الحكم .
ولهذه الغاية يقوم قبل انطلاق المباراة النهائية بعقد اجتماع تقني صبيحة يوم المباراة أو يوم قبلها عبر استدعاء مسؤولي الفريقين المتباريين مصحوبين بممثل عن الاتحاد الكروي المنضوين تحت لوائه ، ويستدعى له كذلك الحكام المعيّنون لإدارة المباراة ، لشرح وتوضيح جميع النقط القانونية المتعلقة بإدارة المباراة والشروط الشكلية والتنظيمية التي يتعين احترامها في الفريقين وكذا الحكام ، إلى غيرها من الأمور الجزئية التي تقع على عاتقه والتي يتعين عليه تدوينها في التقرير قبل وأثناء وبعد المباراة و الذي سيرفعه للكاف بعد المباراة ب: 48 ساعة .
أما حكم المباراة والحكام المساعدين المعينين لإدارة المباراة فيتعين أن يكونوا من بلد محايد ولا ينتمي للمنطقة التي ينتمي اليها الفريقين المتباريين طبقا لأحكام المادة 9 فقرة12 ، على عكس ما فعلته لجنة الحكام في لقاء الذهاب بتعيين المصري جهاد جريشة للقاء الوداد المغربي والترجي التونسي ، علما بأن المغرب وتونس ومصر والجزائر يقعون في منطقة واحدة ZONE AFRIQUE DU NORD وهو الأمر الذي لم يسجل عليه الوداد اعتراضا قبل المباراة لإبعاد الحكم .
كما أن الحكم الرئيسي والحكام المساعدين ملتزمون بتطبيق قوانين اللعبة وكذا من التحقق من مدى مطابقة الملعب والاضاءة وغيرها من التجهيزات بما فيها تقنية حكم الفيديو المساعد VAR تحت مسؤوليتهم قبل واثناء المباراة مع ترتيب الجزاء طبقا لقوانين اللعبة ، ثم تحرير تقرير بجميع الوقائع التي شهدتها المباراة وكذا الاعتراضات ثم رفعها للاتحاد الافريقي 48 ساعة على أقصى تقدير بعد نهاية المباراة .علما بأن جميع المباريات المتعلقة بعصبة الأبطال الافريقية تنظم من طرف الجامعة المحلية التي تستضيف المباراة وباسم الاتحاد الافريقي لكرة القدم طبقا لأحكام المادة 9 في فقرتها 17.12 مما يوضح بأن الجامعة التونسية والاتحاد الافريقي مسؤولان عن مهزلة ملعب رادس .
أما المنسق العام للمباراة باعتباره من رسميي المباراة والذي عينته CAF لمساعدة مندوب المباراة في المسائل التنظيمية ومراقبة احترام القناة الناقلة ومختلف الصحفيين لميثاق الاعلام الخاص بالاتحاد الافريقي ، ثم مراقبة جميع ما يروج داخل الملعب وتحرير تقرير بذلك فدوره كان سلبيا في هذه المباراة خاصة في التأكد من وجود قاعة VAR وحكامها من عدمهم .
وإجمالا هذا هو الإطار القانوني العام الذي تنعقد فيه جميع مباريات كأس عصبة الأبطال الافريقية .
المحور الثاني : الخروقات القانونية للمباراة النهائية لكأس عصبة الأبطال الإفريقية.
قبل الحديث عن الخروقات القانونية التي شهدتها المباراة النهائية لدوري أبطال افريقيا لا تفوتني الفرصة للتذكير بأن نتيجة المباراة غير نهائية ولم يتم المصادقة عليها من طرف اللجنة المخول لها ذلك قانونا وهي لجنة تنظيم المسابقات بين الاندية ، لأن فريق الوداد الرياضي سجل اعتراضا تقنيا في المباراة و طبقا لأحكام المادة 2 من اللائحة التنظيمية لعصبة الابطال الافريقية فان اللجنة تبث داخل أجل 7 ايام الموالية للمباراة إما في صحة التعرض من عدمه علما بأن قرارها هذا يعنبر نهائيا .
وبالعودة للمباراة يمكن تقسيم أنواع الخروقات القانونية التي شابتها لنوعين : 1) خرق قوانين اللعبة من طرف حكم المباراة ، 2) خرق اللائحة التنظيمية لعصبة الأبطال الافريقية. 3) خرق الاتحاد الافريقي لكرة القدم لبروتوكول VARولقواعد النزاهة الرياضية.
1) خرق قوانين اللعبة من طرف حكم المباراة :
مما لاشك فيه أن مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم IFAB وكذا الاتحاد الدولي لكرة FIFA يبدلون جدا كبيرا من أجل تطوير ممارسة رياضة كرة القدم حول العالم من خلال تطوير قوانين اللعبة لترسيخ وتكريس قيم العدالة في مجال كرة القدم ، وقد كان من بين أبرز مظاهر هذا التطوير هو ادخال واعتماد تقنية حكم الفيديو المساعد VAR لمساعدة الحكام في اتخاد قرارات عادلة حماية للنزاهة في كرة القدم .
لكنني أعتقد بأن الاتحاد الافريقي لكرة القدم CAF أساء يوم الجمعة الماضي لهاتين المؤسستين IFAB و FIFA من خلال ما باث يعرف بفضيحة VAR المختفي ،وأدخل شكوكا كبيرة حول هذه التقنية وما قد تؤدي به من كوارث إذا أسيئ استعمالها .والأكيد أن التعديلات التي أدخلت على قوانين اللعبة سنة 2018/2019 جعلت من التقنيات المتعلقة ب VAR من تجهيزات الملعب طبقا للقانون 01 المتعلق بالملعب في فقرتها 14 ، علما بأن الاتحاد الافريقي لكرة القدم سبق له عبر بلاغ صحفي سنة 2018 أنه سيستخدم تقنية VAR خلال المباريات النهائية لكأس عصبة الابطال وهو ما تم فعلا خلال مباراة ذهاب نهاية كأس عصبة الابطال بين الوداد والترجي في مدينة الرباط غير أن العالم تفاجئ بغيابها في مباراة الاياب دون سابق انذار .
إذن هنا وطبقا لمقتضيات القانون 05 المتعلق بالحكام في فقرتها 7 فالحكم مسؤول عن إيقاف اللعب نهائيا في حالة عدم مطابقة تجهيزات الملعب أو الكرة مع قوانين اللعبة وهو الأمر الذي لم يقم به الحكم الغامبي GASSAMA حتى بعد علمه بكون VAR غير مشغل أو غير موجود إن صح التعبير.
الخرق الثاني الذي قام به حكم المباراة هو أنه لم يحتسب هدفا صحيحا لفريق الوداد البيضاوي بدعوى وجود حالة تسلل أعلن عنها الحكم المساعد تبين فيما بعد أنها خيالية ، والحال أن القرار يبقى للحكم الرئيسي وليس لحكم الشرط ، علما بأن الحكم لم يتريث في تنفيذ الركلة الحرة المتعلقة بالتسلل لانتظار فحص قاعة الفار للقطة مما يعزز فرضية علمه بعدم اشتغال هذه التقنية .
الخرق الثالث هو عدم اتخاد الحكم لقرار بخصوص إنهاء المباراة طبقا لأحكام الفقرة 1 و 2 و3 من القانون 05 المتعلق بالحكام في وقتها الأصلي أو بعد انصرام المدة القانونية في حالة التوقف ، وبالتالي انتظر القرار من خارج الملعب بعد مرور ساعة وثلاثين دقيقة مما يعد خرقا واضحا لقوانين اللعبة وخاصة أحكام القانون رقم 05 .
الخرق الرابع لقوانين اللعبة أن الحكم وضع يده على السماعة عدة مرات وبالرجوع للفقرة 6 من القانون 05 التي تحدد حركات الحكم الرئيسي فوضع اليد على السماعة يعني VERIFICATION VIDEO وهو الامر الذي يعتبر معه الحكم مخادع لأن تقنية VAR لم تكن موجودة وبالتالي كان يضعه من أجل التمويه وهو مايتنافى مع قواعد اللعب النزيه وكذا الروح الرياضية .
الخرق الخامس أن حكم المباراة لم يحترم التوقيت القانوني المخصص للمباراة دون مبرر قانوني خرقا للقانون 07 المتعلق بمدة المباراة .
وتأسيسا على مقتضيات المادة 9 من اللائحة التنظيمية لعصبة الأبطال الافريقية في فقرتها الثامنة التي تنص على أن المباريات تلعب طبقا لقوانين اللعبة .“Les matches sont joué selon les lois du jeu”
وتأسيسا على الخروقات التي تم ذكرها أعلاه لقوانين اللعبة . وتطبيقا لمقتضيات الفقرة 5 من القانون 07 المتعلق بتوقيت المباراة التي تنص على مايلي :
“un match arrête définitivement avant son terme être rejoue, sauf disposition contraire du règlement de la compétition ou des organisateurs “.
مما يتعين معه على المكتب التنفيذي للاتحاد الافريقي لكرة القدم المنظم الفعلي للمسابقة الخروج بقرار إعادة لعبها طبقا لما بّيناه من خرق لقواعد اللعبة من طرف حكام المباراة بشكل تعسفي أضرّ بمصلحة أحد طرفي المباراة وهو نادي الوداد الرياضي، مع توقيف الحكم BAKARI GASSAMA ومساعديه لمدة لا تقل عن سنة.
2) خرق اللائحة التنظيمية لعصبة الأبطال الافريقية :
بالعودة لنهاية المباراة المثيرة للجدل فالجميع عاين كيف أن أحد مسؤولي الاتحاد الافريقي لكرة القدم توجه نحو الحكم وهمس في أذنه ، وبعد ذلك خلع الحكم سترته وتوجه نحو وسط الملعب وأشار بنهاية المباراة لتعقبها مراسيم تتويج فريق الترجي التونسي بلقب غير الشرعي بقرار شفوي لشخص فهل هذا الأمر مستساغ قانونا ؟