الرئيسية روابط مهمة نقطة نظام ..!! هل حان الوقت لتفعيل الفقرة 6 من الفصل 510 من القانون الجنائي ؟؟!!

نقطة نظام ..!! هل حان الوقت لتفعيل الفقرة 6 من الفصل 510 من القانون الجنائي ؟؟!!

IMG 20200328 WA0421.jpg
كتبه كتب في 28 مارس، 2020 - 9:17 مساءً

بقلم : الأستاذ / عبد الواحد أجكون

المحامي بهيئة البيضاء :


إن المتأمل في نصوص القانون الجنائي المغربي الصادر بمقتضى ظهير 26 نونبر 1962 والذي لازال يؤطر الحقل الزجري منذ دخوله حيز التنفيذ في 5 يونيو 1963 إلى غاية يومنا هذا.
اليوم ورغم بعض الأصوات المنادية بعدم قدرة هذا القانون على مواكبة التطورات التي عرفها المجتمع المغربي غداة الإستقلال وبضرورة جمع شتات النصوص والقوانين الزجرية الخاصة في مدونة واحدة وتنقيحها حتى تتماشى مع مستجدات الحياة المجتمعية الراهنة.
غير أن الواضح من فصول ظهير 26 نونبر 1662 ورغم ما قد يقال عنه إلا أن المشرع الجنائي المغربي حاول في حينه تقنين أغلب الأفعال أو التروك التي قد ترتبط بفترة زمنية معينة والتي قد تجعل مرتكب الفعل حينذاك مجرما أو أن الظرفية التي ارتكب خلالها ذاك الفعل ظرف تشديد أو ظرف تخفيف على مرتكبها.
اليوم ومع تفشي وباء كورونا المستجد هذا الفيروس الفتاك الذي صنفته منظمة الصحة العالمية بأنه جائحة وسمته ب “كوفيد 19″، هذا الوباء العالمي الذي اجتاح جميع أرجاء المعمور بما فيه بلدنا الحبيب المغرب جعل الحكومة المغربية وتحت قيادة صاحب جلالة الملك محمد السادس نصره الله تتدخل بإعلان حالة الطوارئ في جميع تراب المملكة ابتداء من السادسة مساء ليوم الجمعة 20 مارس 2020، كما صادق المجلس الحكومي على مشروع المرسوم رقم 2.20.292 استنادا على الفصل 81 من دستور 2011 الذي منح للحكومة هذه المكنة القانونية شريطة عرض مرسوم القانون على البرلمان قصد المصادقة عليه خلال دورته العادية الموالية، هذا المرسوم بقانون الذي تضمن مجموعة قواعد زجرية تعاقب على كل فعل أو امتناع مناف للتعليمات الإحترازية وقرارات السلطات العامة خلال فترة الطوارئ الصحية كوسيلة لتقويم السلوك الإنساني حماية للصحة العامة والأمن العمومي.
موازاة مع هذه الظرفية الإستثنائية وبعد مرور أكثر من ثمانية أيام من إعلان حالة الطوارئ الصحية وصدور بلاغ مشترك بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة بتعليق جميع الجلسات ابتداء من يوم الإثنين 16 مارس 2020 مع بعض الإستثناءات من بينها قضايا المعتقلين نظرا لارتباطها بحريات الأشخاص، مما يعني إستمرار العمل داخل جهاز النيابة العامة في استقبال الأشخاص المشتبه فيهم والذين كانوا رهن الحراسة النظرية وانقضت مدتها ويستلزم تقديمهم أمامها.
وحيث إن هذه الظرفية لن تخلو من قيام بعض الجناة في اقتراف السرقات ليلا نهارا في إستغلال لحالة الهلع والرعب والسكون التي يعيشها المجتمع حاليا، الأمر الذي سيضع مؤسسة النيابة العامة في جميع محاكم المملكة أمام مدى إمكانية تفعيل مقتضيات الفقرة السادسة من الفصل 510 من القانون الجنائي التي جاء فيها ما يلي :
” يعاقب على السرقة بالسجن من خمس إلى عشر سنوات إذا إقترنت بواحد من الظروف الآتية :

  • إرتكاب السرقة في أوقات الحريق أو الإنفجار أو الإنهدام أو الفيضان أو الغرق أو الثورة أو التمرد أو أية كارثة أخرى”.
    هذا المقتضى القانوني يجعل كل مرتكب لفعل السرقة خلال كارثة من الكوارث أمام جناية السرقة الموصوفة ومتابعته ومحاكمته أمام غرفة الجنايات وبالتبعية ستكون عقوبته مشددة مقارنة لو توبع وحوكم من أجل جنحة السرقة أمام القسم الجنحي بالمحكمة الإبتدائية ستكون حينذاك عقوبته أخف من ذلك.
    في خضم هذا النقاش القانوني الذي انقسم إلى فريقين:
    الأول منهما ينادي بضرورة التطبيق الحرفي لمقتضيات الفقرة السادسة من الفصل 510 ق.ج وبمتابعة مرتكبي السرقات خلا هذه الظرفية بجناية السرقة الموصوفة لما فيه ردع خاص للمجرمين و ردع عام لكل من سولت له نفسه استغلال وضعية البلد وحالة السكون المريب جراء هذه الكارثة الإنسانية مما يستوجب الضرب بيد من حديد.
    الثاني يرفض توجه الفريق الأول بعلة أن إحالة مساطر السرقات برمتها على محاكم الإستئناف لمتابعة المشتبه فيهم من أجل جناية السرقة الموصوفة سيغرق غرفة الجنايات بسرقات قد تكون زهيدة وتثقل كاهل الهيئات القضائية التي تبث في قضايا القتل والاختطاف والاحتجاز والاغتصاب … التي تبقى أكثر خطورة من تلك التي قد تحال في هذه الظرفية خصوصا في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء – الرباط – فاس – مراكش – طنجة.
    أمام هذا النقاش القانوني بين الفريقين وكذا استمرار حالة الطوارئ الصحية بالمملكة سيكون حتما على النيابة العامة أن تجد حلا وسطا يحافظ على الصحة العامة والأمن العمومي والسكينة العامة في هذه الظرفية الحساسة لإستتباب الأمن وبين محاولة إعطاء التكييف القانوني السليم لكل حالة على حدى وعدم إغراق غرفة الجنايات بقضايا سرقة زهيدة ما لم تقترن بظروف تشديد، هذا ما سيتضح مع القادم من الأيام في حال استمرار حالة الطوارئ الصحية التي لا نتمناها أن تطول.
مشاركة