الرئيسية أخبار وطنية من حلم أكاديمي إلى سراب جامعي… قصة إلغاء شعبة الإعلام بالقنيطرة

من حلم أكاديمي إلى سراب جامعي… قصة إلغاء شعبة الإعلام بالقنيطرة

IMG 1822
كتبه كتب في 29 سبتمبر، 2025 - 4:20 مساءً

صوت العدالة: سفيان س

لم يكن قرار إحداث شعبة علوم الإعلام والاتصال بكلية اللغات والآداب والفنون بجامعة ابن طفيل مجرد خطوة إدارية عابرة، بل كان بمثابة إعلان عن طموح أكاديمي جديد يهدف إلى تعزيز حضور الجامعة في مجال حيوي يشهد تحولات متسارعة. غير أن هذا الطموح سرعان ما اصطدم بقرار وزاري ألغى المشروع من الخريطة البيداغوجية للموسم الجامعي 2025 – 2026، وهو ما أثار حالة من الغموض والجدل داخل الأوساط الجامعية.

تعود البداية إلى المصادقة الرسمية لمجلس الجامعة في الثالث والعشرين من يناير 2025 على إحداث الشعبة بموجب القرار رقم 59/25. غير أن هذا المسار توقف فجأة عند صدور مذكرة وزارية لاحقة، حذفت المشروع من لائحة التكوينات المبرمجة. هذا التناقض بين قرارين متعارضين كشف عن ارتباك واضح في تدبير الملف، وأثار تساؤلات حول خلفياته وأبعاده.

كانت الشعبة المحدثة مرشحة لتقديم عروض بيداغوجية متميزة تتوزع بين الإجازات الأساسية وبرامج التميز والماسترات. هذه التكوينات لم تكن مجرد مسالك تقليدية، بل جسدت رؤية استراتيجية تهدف إلى تكوين كفاءات إعلامية قادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية والتحولات المجتمعية والدبلوماسية الثقافية.

الانتظارات التي صاحبت المشروع أبرزت حاجة ملحة إلى تكوين إعلاميين يزاوجون بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي. فالمشهد الإعلامي المغربي يفرض تحديات متزايدة في ظل صعود الإعلام الرقمي وتوسع قنوات الاتصال المؤسساتي، وهو ما جعل غياب هذه الشعبة يُنظر إليه كفرصة ضائعة.

المقارنة مع واقع مؤسسات جامعية أخرى تكشف عن حجم الفجوة. ففي الوقت الذي واصلت جامعات كبرى تطوير عروضها في الإعلام والاتصال، بقيت جامعة ابن طفيل خارج هذا المسار. مؤسسات مثل المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط أو جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء رسخت حضورها في مجالات الإعلام الرقمي والاتصال الاستراتيجي، ما زاد من عزلة التجربة المؤجلة بالقنيطرة.

غياب التوضيحات الرسمية جعل الملف محاطا بالكثير من التأويلات. بعض القراءات تذهب إلى أن الوزارة فضلت إعطاء الأولوية لمسالك أكثر التصاقا بسوق الشغل، فيما تربط تحليلات أخرى التجميد بحسابات إدارية أو توازنات داخلية لم يُكشف عنها. في جميع الأحوال، ظل الصمت الرسمي عاملا أساسيا في تأجيج النقاش.

الانعكاسات المترتبة عن إلغاء المشروع لا تقف عند حدود الطلبة، بل تمتد إلى الجامعة نفسها وإلى البحث العلمي على حد سواء. فالتكوينات المقترحة كانت ستساهم في رفع تنافسية المؤسسة، كما كان من شأنها فتح آفاق بحثية في الإعلام الرقمي وصورة المغرب في الخارج واستراتيجيات الدبلوماسية الثقافية.

اليوم لم يعد الملف شأنا تقنيا مرتبطا بالبرمجة البيداغوجية فقط، بل تحول إلى قضية مصداقية في تدبير التعليم العالي. ويظل السؤال قائما حول ما إذا كانت الجامعة والوزارة ستتداركان هذا التعثر لإحياء المشروع في المستقبل، أم سيبقى معلقا في انتظار ظرفية أكثر ملاءمة.

مشاركة