ممنوع دخول السود و الكلاب

نشر في: آخر تحديث:


تعيش الولايات المتحدة الأمريكية على وقع مظاهرات مناهضة للعنصرية، عقب جملة من السلوكات التي خصصت للسود فقط دون غيرهم، وهذا الوضع لم يكن وليد اللحظة، بل تملك الولايات غير المتحدة إثنيا، رصيدا قاتما في تاريخ العلاقة بين السود و البيض، ذلك أن نظرية العقد الاجتماعي تعد الإطار الفلسفي البارز الذي من خلاله يتم العبور من الحالة الطبيعية إلى الحالة السياسية، بمعنى التخلي عن الانتماء الثقافي الذي يشمل الخصوصية في العادات و التقاليد لصالح حالة السياسة التي تعني سيادة المؤسسات و سلطة القانون على الجميع بغض النظر عن الانتماء، وهنا يكون الدستور و المؤسسات السياسية أجمل حاضنة لفكر سياسي يستوعب الجميع، لكن الأمر يكون خطرا عندما تصير هذه المؤسسة في غير اتجاهها و تعمل على تكريس نفوذ طبقة و انتماء و فكر معين.
إن الاختلاط الإثني ضرورة بشرية في عالم التواصل، وهو أيضا من مخلفات الامبريالية المتوحشة التي لم تكتف بفتح الأسواق، و إنما كذلك بجلب اليد العاملة، التي أسست مستقبلا لوجود عرق بشري تم اجتثاته قسرا من موطنه الأصل، على غرار الزنوج الذين استقدموا من إفريقيا للعمل في مزارع القطن، وبعد توالي السنين سيظهر عدم الترحيب بالسود في المجتمع الأمريكي، وكأن قدرهم فقط هو العمل تحت الوصاية البيضاء الملطخة بسواد الكبر والعنجهية، ولكن بالمقابل ألم يبن السود حضارة أمريكا بسواعدهم بعد تصميم هندسه البيض؟
لم تنجح أمريكا في توحيد المجتمع الأمريكي نجاحها في الوحدة الفيديرالية، بل على العكس من ذلك، فعوض الامتنان لمن ساهموا في تشييد أمريكا تم حرمانهم من حق المساواة الطبيعي، حيث استوعبت كثير من مطاعم أمريكا لافتات مكتوب عليها: ممنوع دخول السود والكلاب…..، كما أن السود كانوا ملزمين في وسائل النقل العمومي بالتخلي على مقاعدهم إذا وجد شخص أبيض واقفا.
وأمام هذا التردي الحضاري الذي تسجله الأحداث في أمريكا، يلاحظ الجميع غياب جمعيات و مفكرين ….كانت أصواتهم تتعالى نصرة لحقوق الإنسان في البلاد العربية، ما يطرح أكثر من علامة استغراب قبل استفهام، ما يفيد بأن العالم لا يزال في الحالة الطبيعية و لم يعبر في سفينة العقد الاجتماعي بنجاح إلى الحالة السياسية.
طارق مرحوم

اقرأ أيضاً: