بقلم ذ : سعد ميكو
ماستر في قانون الأعمال
ماستر العلوم الجنائية والدراسات الأمنية
ماستر الإدارة الترابية للسلك العادي للرجال السلطة
بالمعهد الملكي للإدارة الترابية وزارة الداخلية.
…؛ إن الإرهاب لن ينل منا وسيظل المغرب وفيا لالتزاماته الدولية ، مواصلا بقيادتنا الرشيدة مسيرة إنجاز مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي ، بإيمان و ثبات وإصرار وسيجد خديمه الأول ، في مقدمة المتصدين لكل من يريد الرجوع به إلى الوراء وفي طليعة السائرين به إلى الأمام … .
مقتطف من الخطاب الملكي السامي ، الدارالبيضاء 29 /03/2003 .
…؛ إن الإرهابيين باسم الإسلام ليسوا مسلمين ، ولا تربطهم بالإسلام إلى الدوافع التي يركبون عليها لتبرير جرائمهم و حماقاتهم ، فهم قوم ضالون مصيرهم جهنم خالدين فيها أبدا…؛ .
…هل من المعقول أن يأمر الله الغفور الرحيم شخصا بتفجير نفسه أو بقتل الأبرياء… .
مقتطف من الخطاب الملكي السامي ، 20/08/2016.
تقديــم :
تعتبر الخطب الملكية موجه وبوصلة أساسية للسياسة العامة للبلاد نظرا للأهمية الكبرى للخطابات الملكية ، كأسلوب وألية محورية و ضبطية هدفها الأساس المحافظة على النظام العام ، وتحقيق أهداف التنمية السوسيو اقتصادية و الثقافية و الجيوسياسية والبيئية للبلاد ، وهي اختصاصات دستورية تجد سندها في مضامين ” الباب الثالث ” من دستور 29 يوليو 2011 .
الفصل 52 من من دستور المملكة , ” للملك أن يخاطب الأمة و البرلمان ، ويتلى خطابه أمام كلا المجلسين ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع نقاش داخلهما ” .
الفصل42 من نفس الوثيقة الدستورية ، ” الملك رئيس الدولة وممثلها الأسمى ورمز وحدة الأمة ، وضامن دوام الدولة واستمرارها والحكم الأسمى بين مؤسستها ، يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية ، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي وحقوق و حريات المواطنين و المواطنات و الجماعات وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة ، الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة … ” .
الفصل 59 من الوثيقة الدستورية ينص كذلك ، ” إدا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية ، أمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بظهير ، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المحكمة الدستورية وتوجيه خطاب إلى الأمة ، ويخول بذلك للملك صلاحية اتخاذ الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية ، ويقتضيها الرجوع في أقرب الآجال إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية .
لا يحل البرلمان أثناء ممارسة السلطات الاستثنائية .
تبقى الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور مضمونة .
ترفع حالة الاستثناء بمجرد انتفاء الأسباب التي دعت إليها وباتخاذ الإجراءات الشكلية المقررة لإعلانها ” .
ونضرا لتخصص هذه الدراسة حول المقاربة الملكية في عهد الملك محمد السادس نصره الله في مكافحة الإرهاب ، فإني سأحاول ما أمكن تسليط الضوء بنوع من الشمولية عن الخطة الملكية المندمجة و الشمولية و الاستباقية الوقائية ، الردعية الزجرية ، لمحاربة هذه الظاهرة الفتاكة التي تزعزع ثقة رعايا صاحب الجلالة في أجهزة إنفاذ القانون .
…؛ ها نحن اليوم نشرع في إرساء وتفعيل ما سهرنا على إعداده من استراتيجية مندمجة و شمولية متعددة الأبعاد ثلاثية الأركان ، لتأهيل الحقل الديني وتجديده تحصينا للمغرب من نوازع التطرف و الإرهاب ، حفاظا على هويته المتميزة بالوسطية و الاعتدال و التسامح… .
مقتطف من الخطاب الملكي
السامي ، 30/04/2004
المحور الأول: التطرف من الاستقطاب إلى الجهاد .
” لا نولد متطرفين ولكننا نصبح كذلك ”
إن العوامل السياقية و التجارب الشخصية و المظالم الجماعية قد تكون كلها عوامل تساهم في ظهور التطرف العنيف لكن لابد أن ثمة سياقا اجتماعيا يتيح شكلا من أشكال التنظيم و التوجيه لهذه العناصر ، وغالبا ما يتحقق هذا بتدخل زعيم أو فاعل سياسي ذي جاذبية ومن خلال شبكات أسرية واجتماعية غير رسمية ، وقد يصعب الانضمام إلى التنظيمات المتطرفة العنيفة ، بدون معرفة مسبقة بأحد أعضائها ، ولابد أن السبب في ذلك يعود إلى اتسام أنشطتها بسرية وعلى العكس من ذلك فشبكة الإنترنيت صارت تتخذ في السنوات الأخيرة وسيلة إضافية ويسيرة للانضمام إلى الجماعات المتطرفة عن طريق مايسمى ،” بالاستقطاب السيبيري ” .
إن المتتبع للجريمة الإرهابية في العالم وخصوصا في المغرب ، سيلاحظ أن هناك طريقتين للاستقطاب الجهادي:
1_ تقليدية كلاسيكية : ترتكز بالأساس على المراقبة و الملاحقة اليومية للشخص الذي تبدو عليه علامات التطرف إما في المساجد أو في التجمعات التي تدعو إلى الدعوة .
2_ عصرية حديثة : مرتبطة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ، سواء عن طريق المحادثة أو من خلال الدعوات الافتراضية عن طريق تقنية البث المباشر أو من خلال المواقع الخاصة للجماعات الإرهابية على الشبكة العنكبوتية .
وتشكل الطريقة الأولى الأسلوب الاكثر شيوعا ونجاعة وفعالية في الاستقطاب الجهادي ، حيث نجحت في استقطاب العديد من المتطرفين ، الذين قاموا بتشكيل قاعدة إرهابية شكلت القلب و الشريان الأساسي للجماعات المتطرفة.
في مقابل ذلك نجحت الطريقة الثانية التي تعتمد على الأنترنيت في تجنيد مجموعة من الأشخاص عن طريق مايسمى , ” بالإرهاب الفردي ‘ الذئاب المنفردة” .
أولا: مسطرة الإستقطاب .
من المبادئ المقررة في قاموس الجماعات المتطرفة أن تخضع عملية استقطاب التابع الجديد لأربع مراحل أساسية:
1_ التصفية : تتجلى في انتقاء التابع الجديد الذي تبدو عليه علامات التطرف و الذي يجب أن تتوفر فيه شروط من أهمها ، ” التوفر على بنية جسمانية قوية ‘ مستقبل للأفكار المتطرفة ‘ المواظبة على الصلاة ‘ السخط و التذمر من الأوضاع الإجتماعية” ، لتأتي بعد ذلك عملية تلقين هذا التابع الجديد للأفكار المرتبطة بمفهومي التوحيد و الإصلاح و الحاكمية ، فضلا عن تزويده بأقراص و أشرطة تحتوي على فتاوى دعاة الفكر التكفيري الجهادي .
2_ التربية : وهي مرحلة وضع الثقة في الشخص المستقطب ويتم خلالها دعوة التابع الجديد لحضور الدروس و الخطب التي يلقيها الدعاة و مشاييخ التنظيم و الولائم في بيوت دعاة الفكر التكفيري و الهدف الأساسي من هذه المرحلة هو الإطلاع على المرتكزات النضرية للفكر التكفيري ، كما يتم خلال هذه المرحلة تكوين التابع الجديد على بعض الاحتياطات الأمنية هذه الأخيرة يطلق عليها ” الأمنيات” ، بفتح الألف وذلك من قبيل عدم التحدث مع الغرباء عن الفكر الجهادي و كتم الأسرار ، وهجر العيش المجتمعي واتقاء الشبهات , فضلا عن ذلك يتم غرس مجموعة من الأفكار في عقل الإرهابي الجديد ، من قبيل العهد و الطاعة وعدم المجادلة .
3_ الإعداد : وتشمل كل من الإعداد المادي والنفسي ، والإعداد البدني الرياضي العسكري وشبه العسكري :
1– الإعداد المادي والنفسي: الذي يتحقق بتوفير العدة من رجال شباب قادرين على الجهاد نفسيا وبدنيا ، بالإضافة إلى توفير مقومات الجهاد من أسلحة وأموال وخطط التنفيذ .
2- الإعداد البدني الرياضي العسكري و الشبه العسكري : من خلال هذه المرحلة يتم تكوين التابع الجديد على اللياقة البدنية من أجل تمكين المتطرف من قوة التحمل و الصبر ، فقد يواجه عناصر أمنية شابة من خلال مطارادته واللحوق به أثناء عملية إلقاء القبض عليه ، أو أثناء هروبه في غابات أو ماشابه ذلك ، فالتربية البدنية جزء أساسي وعلامة مفصلية في جاهزيته للغزوة وإتيان الشهادة بطعم الجهاد .
أما فيما يخص الإعداد العسكري وشبه العسكري فهذه المرحلة تمتاز بخصوصية خاصة وتعتبر ركيزة أساسية لاتقل أهمية عن مرحلة الإعداد البدني ، بل هي تكملة لها فالشخص المستقطب سوف يتلقى تداريب عسكرية او شبه عسكرية ، تشبه تلك التي يتلقاها مختلف الأطر الأمنية ، من قبيل “استعمال السلاح بمختلف أنواعه ، المشي العسكري قواعد الانضباط و السلوك واحترام الرتب و الرؤساء … ” .
فعقيدات التنظيمات الإرهابية تعتمد على الإعداد النفسي و البدني قبل حمل السلاح .
4- الغزوة: الإقتحام ؛ يشترط في هذه المرحلة عدة شروط أهمها ، ” البلوغ و الحرية و الذكورة والسلامة من الضرر” , والملاحظة التي يمكن تسجيلها هنا أن الجماعات المتطرفة أصبحت تتجاوز هاته الشروط بعدما أصبحت تعتمد على النساء والأطفال للقيام بالعمليات الإرهابية لأن هذه الفئة من المجتمع يصعب رصدهم وتتبعهم من طرف الأجهزة الأمنية نضرا لعدم ٱثارتهم الشكوك حول انتماءاتهم المتطرفة.
ثانيا : أشكال الجريمة الإرهابية :
” مفاهيم خاصة ” ؛
1- أشبال الخلافة , تلاميذ الإرهاب : الأحداث في خدمة الجريمة الإرهابية ، لقد أصبحت التنظيمات الجهادية في محاولة منها لنشر الفتنة وإثارة الرعب داخل المنتظم الدولي على أشكال جديدة من الإستقطاب مفادها هو التركيز على الأطفال من الجنسين الذكور و الإناث ، فهؤلاء يسهل دمجهم وتكوينهم، كما أنهم لايثيرون الشكوك لدى الأجهزة الأمنية.
إن الفكر الشاذ للجماعات الإرهابية خرج عن المألوف فكيف لهم أن يقوموا بتجنيد أطفال وفتيات في عمر الزهور وتلقينهم مفاهيم القتل و التقتيل ، إنهم الفتيان الذين ينظر إليهم تنظيم داعش الإرهابي على أنهم مستقبل التنظيم ” الجهاديون الصغار ” ، ويمكن تقسيم هذه الفئة إلى خمسة أصناف :
1؛ أبناء الإرهابيين .
2؛ المأخودين قسرا من أسرهم .
3؛ الذين انضموا طواعية إلى التنظيم .
4؛ المتخلى عنهم و القابعين في دور الأيتام.
5؛ الأطفال الذين ولدوا داخل بيئات حاضنة .
فضلا عن ذلك فلا يمكن الحديث عن عوامل بناء إرهابيين صغار دون لفت الانتباه إلى شبكة الأنترنيت ، الذي تحول إلى أداة في يد المتطرفين الذين يستغلون إنزواء الأطفال وتفردهم بشبكة الأنترنيت و الهواتف الذكية لاختراق عوالمهم البريئة وضمهم للصفوف القتالية .
2- الذئاب المنفردة ‘ ” الإرهاب الفردي “ : التطرف في معجم المعاني الجامع هو الابتعاد إلى طرف الشيء أي إلى جانبه ويقال تطرف في أفكاره أي تجاوز حدود الاعتدال ، كما يعرف بأنه تجاوز الحد و البعد عن التوسط والإعتدال ، إفراطا أو تفريطا ، سلبا أو إيجابا ، زيادة أو نقصانا .
ويبدأ التطرف عادة بالتعصب الذي يعني رفض الحق رغم قيام الدليل سواء أكان دليلا شرعيا أو دليلا ماديا .
” المقاومة بدون زعيم ” .
منذ بضعة سنوات تقريبا ، كانت الجماعات الإرهابية تعتمد بالأساس على هيكلتها التنظيمية من أجل استقطاب وتجنيد المقاتلين و تمويل مخططاتها التخريبية ، أما الإرهابي في وقتنا الراهن فيوسم العمل الإرهابي بذاتيته المطلقة ، لأنه يكون حاضرا في جميع أطواره إنطلاقا من مرحلة الإعداد والتحضير وحتى مرحلة التنفيذ المادي مجسدا بذلك نوعا من الإرهاب الفردي, أو مايصطلح عليه بإرهاب الجيل الرابع 4G .
هذا الأخير الذي يتمثل في الخلايا و البنيات التنظيمية التي تعتمد التجنيد والإستقطاب الذاتي ، بمعنى استلهام مجموعة من الأشخاص لمبادئ وأفكار تنظيم إرهابي بدون العمل تحت إشرافه بكيفية عضوية أو تبعية مباشرة له .
” قيام شخص أو جماعة معينة بعمليات تخريبية ضد مصالح الدولة الحيوية ، دون أن يتبعوا مباشرة إلى أي تنظيم أو زعامة إرهابية محددة ، بحيث يكون الأمر مقتصرا فقط على مبادرات فردية يتعذر رصدها أو مراقبتها أو حتى التكهن بإمكانية وقوعها” .
3- الإرهاب البيولوجية أو الكيميائية : إطلاق عوامل بيولوجية او مواد سامة عن عمد بغرض إلحاق الأذى بالكائنات البشرية ، أو الحيوانية أو النباتية أو قتلها ، لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أو إقتصادية أو بيئية ، عبر ترهيب أجهزة الدولة والمواطنين ، ويعتبر هذا الصنف من الجرائم الإرهابية الأخطر على الإطلاق ، حيث يستهدوف السدود المائية خصوصا ، فلكم ان تتصوروا حجم الوفيات وخطورة الأمراض إذا تم تفريغ محلول سام على مستوى سد ” الوحدة ” بإقليم وزان والذي تبلغ طاقته الاستيعابية 3 مليارات و 800 مليون متر مكعب.
4- الإرهاب النووية والإشعاعية : شكلت المواد النووية وغيرها من المواد الإشعاعية مصدر فائدة للمجتمع في مجالات الطب و الزراعة و الصناعة والإمداد بالطاقة ، ولكن ثمة خطرا من استخدام هذه المواد لأغراض إرهابية ، أو في أعمال تهدف المساس الخطير بالنظام العام ، ويترتب على تفجير أي جهاز نووي أو جهاز تشتيت إشعاعي أو تركيب أي جهاز معرض للإشعاع عواقب وخيمة ، ومن شأن هذه الحوادث أن تلحق الضرر بصحة الإنسان و البيئة وأن تخلق حالة من الذعر وتؤثر سلبا في الاستقرار السوسيواقتصادي و الجيوسياسي و البيئي . ” أحداث هيروشيما وناكازاكي في اليابان ” .
5-الإرهاب الزراعي: هو شكل من أشكال الجريمة الزراعية ، ويمكن أن يتخذ شكل إعتداءات إرهابية على المحاصيل الزراعية و الماشية في محاولة لتقويض اقتصادية فئة سكانية معينة وسلسلة إمدادها الغذائي .
وهذه الجرائم واسعة النطاق ، قد يكون بعضها صغير الحجم و محلي ، في حين أن البعض الآخر منتشر على نطاق واسع وتقف ورائه مجموعات إجرامية منظمة .
ثالثا : كرونولوجيا الأحداث الإرهابية بالمغرب :
1- في يوم 24 غشت 1994 ، سمع المغاربة ولأول مرة عن تفجيرات إرهابية تهز المغرب ، كان فندق ” أطلس إسني ” بمراكش مسرحا لها ، حيث رسخت في الأذهان وقتها مصطلحات جديدة لم يألفها المواطن المغربي في حياته اليومية ، كالإرهاب و التفجير و التهديد و الخلايا و التخطيط.
حيث قام عدد من الملثمين الجزائيريين من جنسية فرنسية ومعهم مغاربة بالهجوم المسلح و تفجير فندق أطلس إسني ، مخلفا مقتل ما لا يقل عن ثلاثة سياح أجانب.
2- 16 ماي 2003 , حيث كان الحدث هذه المرة مع ثاني ضربة إرهابية يتلقاها المغرب في عقر عاصمته الإقتصادية ، إنها التفجيرات الإرهابية التي هزت مواقع حيوية من المدينة البيضاء، ” مطعم إسبانيا ‘ فندق فرح ‘ المقبرة اليهودية ” ، مخلفة بذلك 40 قتيل من بينهم 12 إرهابي و 100 جريح .
3- 11 مارس و 14 أبريل 2007 ، موجة الأحزمة الناسفة : مرة أخرى تهتز مدينة الدارالبيضاء ، على وقع تفجير إرهابي إنتحاري في أحد ” محلات الأنترنيت” بحي سيدي مومن، شهر بعد ذلك أي في 14 أبريل من نفس السنة ، فجر إنتحاريان نفسهما قرب ” المركز الثقافي الأمريكي” بشارع مولاي يوسف مخلفا مقتلهما وإصابة سيدة .
4- 28 أبريل 2011 ، تعود مراكش ومعها المغرب لتعيش أجواء الحزن مرة أخرى ، حيث اهتزت جنبات أشهر ساحة في العالم ، وبالضبط الطابق الأول من مقهى ” أرݣانة ” ، حيث حدث إنفجار عنيف بالمقهى المطل على الساحة الشهيرة ، مخلفا مقتل 17 مواطن مغربي وأجنبي وإصابة 21 شخص .
5- 1/03/2023 ، الجريمة الٱرهابية التي راح ضحيتها شرطي الرحمة .
المحور الثاني: الإطارين الدولي و الوطني لمكافحة الإرهاب :
لا أحد يجادل اليوم في أن الإرهاب أضحى أفة عالمية تستلزم إستجابة شاملة ، وانطلاقا من هذا أكد المغرب إنخراطه التام على الساحتين الدولية والإقليمية باعتباره شريكا أساسيا في مجال الأمن و الاستعلاماتومكافحة الإرهاب ، ما جعله في المقدمة بشأن التعاون الدولي و الإقليمي للتصدي للجريمة الإرهابية ، فضلا عن النظر إليه كشريك أساسي موثوق به ويحظى بالاحترام ، ومن هنا فإن سياسة المملكة المغربية في مجال الوقاية ومكافحة الإرهاب ، تنبثق من استراتيجية وطنية منسجمة وشاملة ومندمجة تأخذ في الاعتبار جميع العوامل المؤذية إلى التطرف وأعمال العنف ، وتستند ٱلى مقاربة أمنية و دينية وتنموية ، مامكن المغرب من أن يحظى باعتراف عالمي في هذا المجال .
أولا : الإنفاقيات التي صادق عليها المغرب في مجال مكافحة الإرهاب :
منذ سنة 1963 ، وضع المجتمع الدولي 19 صكا قانونيا لمنع الأعمال الإرهابية ، ووضعت تلك الصكوك تحت رعاية الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية وهي مفتوحة لمشاركة جميع الدول الأعضاء.
وفيما يلي ملخص للصكوك القانونية العالمية التسعة عشر ، و التعديلات المدخلة عليها :
❖ إتفافية سنة 1963 بشأن الجرائم وبعض الأفعال الأخرى المرتكبة على متن الطائرات .
❖ إتفافية سنة 1970 لقمع الاستيلاء غير المشروع على الطائرات.
❖ إتفافية سنة 1971 لقمع الأعمال الغير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني .
❖ بروتوكول سنة 1988 ، لقمع أعمال العنف غير المشروعة في المطارات التي تخدم الطيران المدني الدولي ، والمكمل لإتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني.
❖ إتقافية سنة 2010 ، لقمع الأعمال غير المشروعة المتعلقة بالطيران المدني الدولي .
❖ بروتوكول 2010 ، المكمل لاتفاقية قمع الاستيلاء غير المشروع على الطائرات.
❖ بروتوكول 2014 ، لتعديل الإتفاقية الخاصة بالجرائم وبعض الأفعال المرتكبة على متن الطائرات.
❖ إتقافية سنة 1980، بشأن الحماية المادية للمواد النووية .
❖ بروتوكول سنة 2005، المكمل لاتفاقية الحماية المادية للمواد النووية.
❖ إتقافية سنة 1988 ، لقمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحرية.
❖ بروتوكول 2005 ، لاتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحرية.
❖ إتفاقية سنة 1991، لتمييز المتفجرات البلاستيكية بغرض كشفها.
❖ الإتفاقية الدولية لسنة 1997 لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل.
❖ الإتفاقية الدولية لسنة 1999 لقمع تمويل الإرهاب .
❖ إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العبر وطنية سنة 2000.
❖ إتفافية بودابست بشأن الجرائم المعلوماتية سنة 2001.
❖ الإتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب سنة 2002 .
❖ الإتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب ، نيويورك 2003.
“إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب ”
اعتمدت الأمم المتحدة بتوافق الأراء استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب في شتنبر 2006 ، وهي استراتيجية عالمية لتعزيز الجهود الوطنية والإقليمية و الدولية لمكافحة الإرهاب.
وتستعرض الجمعية العامة الإستراتيجية كل سنتين ، مما يجعلها وثيقة رسمية وفاعلة تتوافق مع أولويات الدول الأعضاء.
” خطة العمل لمنع التطرف العنيف ” :
تدعو خطة العمل هذه التي طرحها الأمين العام للأمم المتحدة سنة 2016 ، إلى اتباع نهج شامل ، يشمل ليس فقط التدابير الأساسية لمكافحة الإرهاب القائمة على الأمن ولكن خطوات وقائية منهجية لمعالجة الظروف الأساسية التي تدفع الأفراد إلى التطرف و الإنضمام إلى التنظيمات الإرهابية ، وشجعت الجمعية العامة الدول الأعضاء في قرارتها A/RES/72/284 و A/RES/70/291 ، للإستعراض الخامس و السادس من فترة السنتين لاستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب , على النظر في تنفيد التوصيات ذات الصلة الواردة في خطة العمل وتطوير خطط العمل الوطنية و الإقليمية الخاصة بهم .
ثانيا : الترسانة الوطنية في مجال محاربة الإرهاب :
من أجل مواءمة التشريع الوطني مع أحكام الاتفاقيات الدولية وبطبيعة الحال فهذه الصكوك الدولية التي صادق عليها المغرب لها الأولوية في التطبيق بما يلائم خصوصية المملكة المغربية وقوانينها و هوايتها الوطنية الراسخة إستنادا إلى أحكام الدستور ، ومن جملة هذه النصوص الأتي بيانه :
❖ ظهير شريف 1.59.380 ، في الزجر عن الجرائم الماسة بصحة الأمة .
❖ القانون 03_03 ، المتعلق بمكافحة الإرهاب .
❖ القانون 36 _09 ، المتعلق بخطر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيميائية وتدميرها .
❖ القانون 43_05 ، المتعلق بمحاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
❖ القانون 142_12 ، المتعلق بالأمن والسلامة في المجالين النووي والإشعاعي .
❖ القانون 37_10 , بشأن حماية الضحايا و الشهود و الخبراء المبلغين في بعض الجرائم منها الإرهاب .
❖ القانون 13_10 ، المنظم لتقنية التسليم المراقب .
❖ القانون 35_11 ، بتغيير وتتميم القانون 22_01 المتعلق بالمسطرة الجنائية ” إحداث الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والفرق الجهوية ، وإجراءات إضافية وإحترازية في بعض الجرائم منها الإرهاب .
❖ القانون 36_10 ، بإحداث الأقسام المتخصصة في الإجرام المالي ، هذا القانون الذي خول الإختصاص للنظر في قضايا الإرهاب وتمويله إلى ابتدائية و استئنافية الرباط .
❖ القانون 27_14 ، المتعلق بمكافحة الإتجار بالبشر .
❖ القانون 86_14 ، والذي جأ بمقتضيات خاصة من أهمها زجر الالتحاق أو محاولة الالتحاق ببؤر التوتر .
❖ ظهير شريف 1.20.70 ، بتنفيذ القانون 10_20 ، المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع و الأمن والأسلحة و الذخيرة
❖ القانون 110_14 ، المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية ، الذي يهدف إلى تعويض ضحايا الوقائع الكارثية.
❖ القانون 86_21 ، المنظم للأسلحة النارية وأجزائها وعناصرها وتوابعها .
❖ القانون 02_03 ، المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية و بالهجرة غير شرعية .
❖ القانون 42_95 ، المتعلق بمراقبة مبيدات الأفات الزراعية وتنظيم الاتجار فيها .
❖ القانون 04_20 ، المتعلق بالبطاقة الوطنية للتعريف الإليكترونية .
ثالثا : تحليل لأهم المضامين القانونية المؤسساتية الإجرائية :
1 _ التجريم والعقاب :
تم تجريم العمل الإرهابي وإبراز صور الجريمة الإرهابية إذا ثبت ارتباطها بمشروع فردي او جماعي ، يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف . كما تم التنصيص على عقوبات زجرية صارمة تتناسب وخطورة الأفعال المرتكبة أخذا بعين الاعتبار ٱثارها الجسيمة على الفرد و المجتمع ، وكذا تجريم عدم التبليغ عن الجريمة الإرهابية ، حيث عاقب كل من كان على علم بمخطط او أفعال تهدف إلى ارتكاب أعمال إرهابية ولم يبلغ عنها فورا السلطات العامة .
وفي نفس الاتجاه ، وسعيا إلى تجفيف منابع الإرهاب والتصدي لترويج أفكار التطرف و نشر إديولوجيات العنف ، وسد الطريق على استقطاب الأفراد و التنظيمات الإرهابية وتلقينهم تداريب عسكرية تجعلهم بمثابة قنابل موقوتة عند عودتهم إلى بلدان انتمائهم أو استقبالهم ، بفعل ماتلقوه من أساليب وتخطيطات ممنهجة ، بادر المغرب إلى تحيين منظومته القانونية في إطار التوجه الاستباقي نحو تقوية الأليات القانونية لمواجهة ظاهرة الالتحاق او محاولة الالتحاق بمعسكرات التدريب ببؤر التوتر ، وكذا التصدي لظاهرة المقاتلين الأجانب ، وذلك من خلال إدراج مجموعة من الأفعال ذات الصلة بمعسكرات التدريب ، ويتعلق الأمر بالأتي بيانه :
– الالتحاق او محاولة الالتحاق بشكل فردي او جماعي في إطار منظم او غير منظم ، بكيانات او تنظيمات أو عصابات أو جماعات ، إرهابية أيا كان شكلها او هدفها أو مكان وجودها ، ولو كانت الافعال لا تستهدف الإضرار بالمملكة المغربية أو بمصالحها .
– تلقي تداريب او تكوينات كيفما كان شكلها او نوعها او مدتها داخل او خارج المملكة المغربية او محاولة ذلك ، بقصد ارتكاب أحد الافعال الإرهابية داخل المملكة أو خارجها ، سواء وقع الفعل المذكور أو لم يقع .
– تجنيد بأي وسيلة كانت أو تدريب أو تكوين شخص أو أكثر من أجل الالتحاق بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية داخل المملكة المغربية أو خارجها ، أو محاولة ارتكاب هذه الافعال.
– كما عمل المغرب على سن قانون متعلق بالهجرة غير المشروعة لحماية حدوده ، من ظاهرة المهاجرين السريين التي تشكل خطورة على المستويين الوطني و الدولي .
وفي إطار التصدي لتهديدات التطرف و الإرهاب العابر للحدود تم إصدار قانون لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ، والذي يعتبر شق أساسي في طريق بناء نظام مالي محصن ومتين ضد الإرهاب وغسل الأموال المتحصلة من إرتكاب الجرائم خاصة جرائم الإرهاب ، وتهريب المهاجرين ، والاتجار بالبشر ، والاتجار بالمخدرات و المؤثرات العقلية ، والاتجار غير المشروع في السلاح و المتفجرات .
ونضرا لكون السلوك المتطرف يبدأ من قبل أفراد لا يحملون سلاحا ولا يلقون قنابل او متفجرات ، ولكنهم يقدمون فكرا يسوغ السلوك الإرهابي ليبدو سلوكا شرعيا مستغلين أحدث وسائل التكنولوجيا لتمرير خطابات الكراهية و العنف و التطرف ، حرص المشرع المغربي على تجريم الافعال الداعمة للجرائم الإرهابية وأبرزها مايلي:
❖ الإشادة بأفعال تكون جريمة إرهابية بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية او بواسطة المكتوبات و المطبوعات المبيعة أو الموزعة او المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية والإليكترونية .
❖ الإشادة لفائدة شخص أوكيان او تنظيم أو عصابة أو جماعة إرهابية ،بإحدى الوسائل المومأ إليها أعلاه ، وكذا الإشادة بجرائم الإرهاب .
❖ تجريم الدعاية و الترويج لفائدة شخص أو كيان أو تنظيم أو عصابة أو جماعة إرهابية بإحدى الوسائل العلانية المذكورة.
❖ إقناع الغير أو دفعه أو تحريضه لارتكاب جريمة إرهابية مع تشديد العقوبة إذا تم استغلال المدارس أو المعاهد أو مراكز التربية والتكوين.
2 _ الأليات القانونية :
❖ اعتمد المغرب في تفعيل المقتضيات الزجرية المتعلقة بمكافحة التطرف و الإرهاب على مجموعة من المساطر القانونية الرامية إلى التدخل بكيفية استباقية أو بعدية ، لمناهضة أعمال التطرف والإرهاب ، وهكذا فقد تضمنت القوانين المنظمة للإطار الإجرائي مجموعة من الإجراءات و التدابير وهي كالتالي :
❖ تفتيش المنازل و معاينتها بمناسبة الأبحاث الجارية على ضوء جريمة إرهابية في جميع الأوقات.
❖ التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها .
❖ اعتماد تقنية التسليم المراقب .
❖ سحب جواز السفر وإغلاق الحدود الذي يتم اتخاده أثناء البحث التمهيدي المباشر في الجرائم المتعلقة بالإرهاب .
❖ رفع نظام السرية المعمول به في الأبناك بغرض إنجاح عمليات البحث و التحري.
❖ تبادل المعلومات المالية مع السلطات الأجنبية في سياق مكافحة تمويل الإرهاب .
❖ التصريح بالاشتباه .
❖ التحري عن مصادر الأموال التي تخص الزبناء وبالاخص أولئك الذين ينتمون إلى دول تمثل مخاطر مرتفعة في مجال تمويل الإرهاب .
❖ توسيع الاختصاص القضائي المغربي ليشمل متابعة ومحاكمة كل شخص مغربي ، سواء كان يوجد داخل التراب الوطني أو خارجه ، أو أجنبي يوجد فوق التراب الوطني من أجل ارتكابه جريمة خارج المملكة المغربية .
❖ الأوامر الدولية بإلقاء القبض .
❖ مسطرة تسليم المجرمين في مجال مكافحة الجريمة الإرهابية.
المحور الثالث : الأجهزة الأمنية المكلفة بمحاربة الإرهاب و التطرف ” المضادات الحيوية للجريمة الإرهابية” :
وعيا بخصوصية الأدوار الذي تقوم به المؤسسات الأمنية المختصة بمجال بمكافحة الإرهاب و التطرف العنيف ، في نهج خطط شمولية تندمج فيها المقاربات التدبيرية والأمنية ” الإستباقية و الردعية ” ، عملت المملكة المغربية الشريفة على إنشاء وتحديث وتخصيص العديد من الأجهزة الأمنية بغية تحقيق الفعالية و النجاعة ، دون إغفال أن هناك أجهزة موجودة قبل وجود الإرهاب .
لكل ذلك فالمملكة المغربية تعتمد على التنوع الأمني وعلى سياسة أمنية قل نظيرها في العالم من ركائزها التخصص في جميع الميادين بالاعتماد على أطر مؤهلة في جميع الميادين شغلها الشاغل أمن الوطن و المواطن والمؤسسات ، تحت القيادة الرصينة لقائدنا الأعلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله :
o المديرية العامة للشؤون الداخلية لوزارة الداخلية ، D.G.AI .
o المديرية العامة للدراسات و المستندات لوزارة الداخلية ، D.G.E.D .
o مديرية الإدارة الترابية لوزارة الداخلية ، D.A.T .
o مديرية الهجرة و مراقبة الحدود ، D.M.C.F .
o المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، D.G.S.T .
o المكتب المركزي للأبحاث القضائية ، B.C.I.J .
o المكتب الوطني لمكافحة الهجرة غير الشرعية ، للفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
o المكتب الوطني لمكافحة الإرهاب و الجريمة المنظمة ، للفرقة الوطنية للشرطة القضائية. B.N.P.J .
▪ المكتب المركزي الوطني ” أنتربول الرباط ” B.C.N .
o مديرية الاستعلامات العامة ، للمديرية العامة للأمن الوطني D.R.G .
o الفرقة الوطنية للجمارك ، B.N.D .
o المكتب الخامس للقوات المسلحة الملكية المغربية, 5 éme B , F.A.R .
o الفرقة الوطنية للدرك الملكي ، B.N.G.R .
❖ الإستعلامات العامة للدرك الملكي R.G.G.R .
o الإستعلامات الجمركية ، R.G.D .
o المديرية العامة لأمن نظم المعلومات و الاتصالات ، التابعة لإدارة الدفاع الوطني ، D.G.S.S.I .
تأسيسا على ماسبق ذكره من تشكيلات أمنية متنوعة أمنية و عسكرية وشبه عسكرية ، ونضرا لحساسية هذه الأجهزة كما هو معلوم فإني سأتناول بالتحليل فقط لعنصر أساسي وفعال في هذه المنظومة الأمنية الإستخباراتية الإستعلاماتية ، ألا وهو “عون السلطة” ، مع الحديث بدون إطناب عن مستجد أساسي ومهم في مشروع قانون المسطرة الجنائية وهي تقنية ” الاختراق” :
أولا: عون السلطة ؛
لايمكن تجاهل مؤسسة عون السلطة عند الحديث عن دور الأجهزة الأمنية المكلفة بمحاربة الظاهرة الإرهابية رغم أن هذا الجهاز لايخضع لأي تكوين أساسي وغاليبيتهم مستوهم التعليمي محدود ، لكن يجب أن لاننكر أن العديد من المنتمين لهذا الجهاز حاليا حاصلين على شواهد عليا ” إجازة ، ماستر ” ، وعلى دبلومات مهمة جدا في مجال التدبير الإداري والتنمية المعلوماتية ، كما أنهم يمتازون بخصال حميدة وبأخلاق إدارية وإجتماعية قل نضيرها في الإدارة المغربية وعلى حس استخباراتي رائع جدا .
عموما فإن أعوان السلطة الذين يفوق عددهم 20 ألف مقدم ، يشكلون جهاز استخباراتي واستعلاماتي عتيق جدا ، حيث يعتبر هذا الجهاز عين المملكة التي لاتنام إن صح التعبير ، ومصدر معلومات تزيد من فعالية ونجاعة أجهزة الأمن المغربية ، التي أصبحت نموذجا يحتذى به في المنتظم الدولي ، هذا الأخير ارتبط اسمه في المخيال الشعبي بالجهاز الذي يضبط , ” مايطبخ المغاربة ومايتلفونه من قمامة ” .
ووفق مذكرة صادرة عن وزارة الداخلية المغربية سنة 1959 ، كلف كل مقدم عن كل حي من الأحياء أو في دوار من الدواوير ، بإبلاغ رجال السلطة بمختلف مايجري بدائرة نفوذه الترابي من أحداث ، مستقيا معلوماته من شبكة عيون المدينة أو القرية أو الدوار ، ” بوابي العمارات ‘ حراس السيارات ‘ بائعي السجائر بالتقسيط ‘ نوادل المقاهي و المطاعم … . ” .
ونتيجة لذلك يعتبر عون السلطة ألية أساسية من أجل تجميع المعلومات والإطلاع على مايجري بين الساكنة ، ومن ثم الاعتماد على هذا الجهاز يجعل من الأجهزة الإستخباراتية بالمملكة المغربية شبكة متميزة عن الأجهزة الإستخباراتية بالعديد من الدول الحديثة ، نضرا لاعتمادها على ثنائية استخباراتية ، فإلى جانب المؤسسات التي تعتمد على وسائل تكنولوجية للحصول على المعلومات وأليات عصرية وحديثة لتتبعها ، تعتمد المديرية العامة للشؤون الداخلية ، على مكاتب لها في كل ولاية و عمالة وباشوية وملحقات إدارية و قيادات في مختلف أنحاء المملكة ، التي تقوم بتقطير واستخراج جميع المعلومات المهمة التي تلتقطها أذان وعيون أعوان السلطة بمختلف رتبهم ، وهو ما أضفى على الجهاز ناجعة أمنية ساهمت بشكل كبير في تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية و الذئاب المنفردة التي تهدد الوضع الأمني بالمغرب .
ثانيا: الاختراق ؛
عمد المشرع المغربي أخيرا في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية ، إلى إدراج تقنية من تقنيات البحث الجنائي الخاصة عن بعض الجرائم الخطيرة ليس من حيث وصفها فقط وإنما كذلك من حيث طبيعة الأشخاص الذين يقومون بها ، والذين يتشكلون في إطار جماعات إجرامية منظمة ، قد تكون لها علاقة بالإرهاب والسلاح والاتجار بالبشر والمخدرات على الصعيد الدولي … .
إن الهدف الأساسي لأي سياسة جنائية مهما بلغت من الكمال و الحداثة هو الإستباقية و الوقاية من الجريمة ، ولاشك أن المغرب غير بعيد عن هذه الخاصية الأساسية ألا وهي الحس الاستباقي للجريمة ، وتطوير أليات العدالة الجنائية وذلك بإيجاد صيغة توافقية بين حماية النظام العام وضمانات المحاكمة العادلة والتي تعتبر من أهم مكتسبات حقوق الإنسان في مجال العدالة الجنائية، بل إنها تعتبر من مرتكزات ورش إصلاح منظومة العدالة.
لقد نص المشرع المغربي من خلال مقتضيات مشروع ق.م.ج ، على تقنية الاختراق كألية من آليات البحث الجنائي الخاصة في المواد 713-1 713-4 ، 82-11 82-16 .
تتبع و مراقبة الأشخاص المشتبه فيهم من خلال التظاهر أمامهم بأن المخترق فاعل أصلي أو مشارك أو مساهم أو مستفيد من الأفعال الإجرامية موضوع البحث التي يقوم بارتكابها المشتبه فيهم # .
إدا يلاحظ من خلال تحديد مفهوم الاختراق هو الدخول إلى عالم الجريمة بطريقة قانونية وبعلم السلطات المختصة بغية التعرف على الأشخاص الضالعين في ارتكابها من فاعلين أصليين ومساهمين ومشاركين والفاعلين المعنويين لها ، والهدف الأساسي من ذلك هو الوقاية وتفعيل الشق الاستباقي للجريمة تفاديا المساس الخطير بالنظام العام ، فهي مهمة استعلاماتية خطيرة فالتظاهر بصفتك مجرم إرهابي متطرف ليس بالأمر السهل ، فمن أجل التأكد من ولائك للتنظيم الإرهابي فقد يطلب منه القتل و السرقة بيد مسلحة و إغتيال شخصية مدنية أو أمنية … ، فقط من أجل الاطمئنان والحصول على ثقة زعماء التنظيم الإرهابي .
إن عملية الاختراق ليست بالسهولة المألوفة ، إنها مسطرة معقدة وتقنية خطيرة جدا تشكل خطورة لحياة ضابط الشرطة القضائية منفذ الاختراق ، هذا الأخير قد يكون رب أسرة شاب في مقتبل العمر يجب حمايته من الضرر الذي قد يصيبه سواء في مساره المهني أو في حياته الشخصية، وتتمثل أوجه الحماية في :
1 _ الإعفاء من المسؤولية الجنائية لضباط وأعوان الشرطة القضائية ، وكذلك الأمر بالنسبة للأشخاص المعينين من قبل الضابط .
2_ عدم الكشف عن الهوية الحقيقية للمخترق في أية مرحلة من مراحل التحقيق .
3_ هوية مستعارة للمخترق.
4_ العقوبات السالبة للحرية من سنتين إلى غاية المؤبد ، يالإضافة للغرامة المالية من 2000 إلى 50000 درهم لأي شخص كشف عن الهوية الحقيقية للضابط أو العون منفد الإختراق .
المحور الرابع : جهود المملكة المغربية للوقاية من التطرف و الإرهاب : ” النهوض بالرأسمال لامادي ‘ العنصر البشري” :
إدا كانت المقاربة الزجرية و الردعية ضرورة حتمية من أجل تعزيز الترسانة القانونية للمملكة في هذا المجال ، فإن الوقاية خير من العلاج ، لذلك تعمل مختلف المؤسسات العامة و الخاصة التي تعنى بحماية حقوق الإنسان والنهوض بالتنمية البشرية وحقوق و حريات المواطنين وتوفير فرص العيش الكريم ، وتحسين الأوضاع السوسيواقتصادية والثقافية و البيئية و السياسية لرعايا صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله .
وبالعودة لدستور المملكة لسنة 2011 ، نجد أن هناك العديد من المؤسسات الدستورية التي وجدت من أجل رعايا صاحب الجلالة وهي عديدة نذكر منها :
✓ المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي الفصل 170 من الدستور .
✓ المجلس الاستشاري للأسرة و الطفولة الفصل 169 .
✓ المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الفصل 168 .
✓ هيئة المناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز الفصل 164 .
✓ مجلس الجالية المغربية بالخارج الفصل 163 .
✓ المجلس الاقتصادي والاجتماعي و البيئي الفصل 151 من الدستور .
✓ الجهات و الجماعات الترابية الأخرى الباب 9 من الدستور .
…؛ إن المشاريع التنموية والإصلاحات السياسية و المؤسسية التي نقوم بها لهدف واحد هو خدمة المواطن أينما كان ، لافرق بين الشمال والجنوب, ولابين الشرق و الغرب ولابين سكان المدن والقرى … ؛
….؛ إن اختياراتنا التنموية تبقى عموما صائبة إلى أن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير وفي القدرة على التنفيد والإبداع …. .
….؛ وإذا أصبح ملك المغرب غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة ، ولايثق في عدد من السياسيين ، فماذا بقي للشعب ؟
لكل هؤلاء أقول : اتقوا الله في وطنكم ، إما أن تقوموا بمهامكم كاملة وإما أن تنسحبوا .
فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون … ؛ .
مقتطف من خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، 29/07/2017 .
أولا : المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: INDH .
… ؛ فإن هدفنا الأسمى من وراء تحقيق هذا المشروع هو توسيع دائرة الإستقادة من الإمكانات المتوفرة وإتاحة قدر أكبر من الفرص والاختيارات أمام كل المغاربة ، رجالا ونساء ، وهو الأمر الذي لن يتأتى إلى بالعمل على استئصال أفة الفقر و البؤس ، التي تقف عقبة في وجه استثمار المواطن المغربي لمؤهلاته الذاتية وتحول دون إسهامه واندماجه الكامل في الحياة الإجتماعية والإقتصادية … ؛ .
انتهى المنطوق الملكي السامي 18/05/2005 .
…؛ إنها المعركة التنموية التي يتعين تعبئة كل الطاقات لبلوغ أهدافها الحيوية ، والعمل الجاد باستمرار وفي كل وقت وحين عبر سائر أرجاء المملكة ، بحيث تعم مشاريعها كل مدينة وقرية ودوار ، وبإسهام جميع المغاربة ولصالحهم في الداخل والخارج…؛ .
انتهى المنطوق الملكي السامي ، 20/08/2005 .
…؛ وإذ نثمن اختيار شعار ، ” الكرامة والعدالة للجميع ” . لهذه الذكرى فإن لانعتبره مجرد شعار يرفع في مناسبة ، بل مطلبا جوهريا للإنسانية جمعاء ، ولاسيما منها الفئات والجهات التي تعاني المهانة والقهر و الفقر …؛ .
مقتطف من الرسالة الملكية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة الذكرى 60 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
…؛ وبالنظر لكونها وسيلة لتعلم المشاركة المواطنة وممارستها ، وورشا محوريا لالتقاء السياسات والبرامج العمومية وتناسقها ، فإن المبادرة الوطنية قد شكلت في حد ذاتها قطيعة مع أنماط التفكير والطرق التقليدية لتدبير الشأن العام …؛ .
مقتطف من الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، بمناسبة ترؤوسه ,افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية 5 ‘ 13 أكتوبر 2006 .
…؛ وقد اعتمدنا في ذلك هندسة جديدة ، تروم النهوض بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة عبر التصدي المباشر بطريقة استباقية للمعيقات الأساسية التي تواجه التنمية البشرية للفرد طيلة مراحل نموه ، وكذا دعم الفئات في وضعية صعبة ، وإطلاق جيل جديد من المبادرات المحدثة لفرص الشغل، وتطوير الأنشطة المدرة للدخل…؛ .
مقتطف من الرسالة الملكية التي وجهها جلالته إلى المشاركين في الدورة 1 للمناضرة الوطنية للتنمية البشرية ، 19/09/2019.
وفيما يلي بعض نماذج البرامج والمشاريع التي تهدف النهوض بالتنمية البشرية للأسر والأفراد رعايا صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله:
✓ برنامج فرصة .
✓ برنامج إنطلاقة .
✓ برنامج تيسير .
✓ الدعم الاجتماعي المباشر .
✓ برنامج دعم السكن .
✓ نظام المقاول الذاتي .
✓ برامج محاربة الهدر المدرسي.
✓ المراكز الجهوية للاستثمار.
ثانيا: النموذج التنموي الجديد : Le nouveau modéle de développement .
…؛ سبيلنا في ذلك العمل الجماعي الهادف لتوطيد نموذج تنموي بشري ومستدام ، تضامني ومتناسق ، وذلك في نطاق حكامة منصفة وناجعة ، وتوفير العيش الكريم لأجيالنا الصاعدة ، وبناء مستقبل مشترك يسوده الأمن والاستقرار والتقدم والإزدهار… ؛ .
مقتطف من الخطاب الملكي السامي ، لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، بمناسبة انعقاد قمة أهداف الألفية للتنمية نيويورك . 26/09/2010 .
…؛ أليس المطلوب هو التنفيذ الجيد للمشاريع التنموية المبرمجة التي تم إطلاقها . ثم إيجاد حلول عملية وقابلة للتطبيق للمشاكل الحقيقية وللمطالب المعقولة و التطلعات المشروعة للمواطنين ، في التنمية والتعليم و الصحة والشغل وغيرها…؛
…؛ إن المغاربة اليوم يحتاجون للتنمية المتوازنة و المنصفة التي تضمن الكرامة للجميع وتوفر فرص الشغل ، وخاصة للشباب وتساهم في الاطمئنان والإستقرار ، والإندماج في الحياة المهنية والعائلية والاجتماعية التي يطمح إليها كل مواطن … ؛ .
مقتطف من الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، بمناسبة افتتاح الدورة 1 من السنة التشريعية ، 2018/2017.
…؛ لقد مرت عشرون سنة منذ أن حملني الله أمانة قيادتك وهي أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة .
وقد عاهدتك ، وعاهدت الله تعالى على أن أعمل صادقا على أدائها ، ويشهد الله أنني جعلت من خدمتك شغلي الشاغل ، حتى ينعم جميع المغاربة ، أينما كانوا وعلى قدم المساواة ، بالعيش الحر الكريم .
…؛ إن تجديد النموذج التنموي الوطني ليس غاية في حد ذاته ، وإنما هو مدخل للمرحلة الجديدة التي نريد بعون الله و توفيقه أن نقود المغرب لدخولها .
مرحلة جديدة قوامها ، المسؤولية والإقلاع الشامل … ؛ .
مقتطف من الخطاب الملكي السامي ، لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، 29/07/2019 .
…؛ إذا كان المغرب حقق تقدم ملموسا يشهد به العالم ، إلى أن النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم غير قادر ، على الاستجابة للمطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للمواطنين ، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية ، وعلى تحقيق العدالة الإجتماعية …؛ .
مقتطف من الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، بمناسبة افتتاح الدورة 1 من السنة التشريعية 2017/2018.
…؛ وإننا نحمده تعالى على ما أنعم به علينا من عونه وتوفيقه، حيث تمكنا من تحقيق العديد من المنجزات، و من مواجهة الصعوبات والتحديات.
والمغاربة معروفون، والحمد لله، بخصال الصدق والتفاؤل، وبالتسامح والانفتاح، والاعتزاز بتقاليدهم العريقة، وبالهوية الوطنية الموحدة.
والمغاربة معروفون على الخصوص بالجدية والتفاني في العمل.
واليوم، وقد وصل مسارنا التنموي إلى درجة من التقدم والنضج، فإننا في حاجة إلى هذه الجدية، للارتقاء به إلى مرحلة جديدة، وفتح آفاق أوسع من الإصلاحات والمشاريع الكبرى، التي يستحقها المغاربة…؛ .
مقتطف من الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره ، 29/07/2023 .
ثالثا : تأهيل الحقل الديني :
…؛ لتأهيل الحقل الديني وتجديده ، تحصينا للمغرب من نوازع التطرف و الإرهاب ، وحفاظا على على هويته المتميزة بالوسطية و الإعتدال و التسامح…؛ .
مقتطف من الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، 30/04/2004 .
…؛ وهو ما يشجع على انتشار فكر التطرف و التكفير والإرهاب . لأن دعاة الإرهاب يعتقدون بأنه هو السبيل إلى الإسلام الصحيح ، فعلى هؤلاء أن ينضروا إلى أي حد يتحملون المسؤولية في الجرائم والمأسي الإنسانية التي تقع باسم الإسلام…؛ .
مقتطف من الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، الذكرى 63 لثورة الملك والشعب 20/08/2016 .
…؛ فقد تمسك المغاربة على الدوام بقواعد المذهب المالكي المتسم بالمرونة في الأخذ بمقاصد الشريعة والإنفتاح على الواقع ، وعملوا على إغنائه باجتهاداتهم مؤكدين ملاءمة لروح الشخصية المغربية المتفاعلة مع الثقافات و الحضارات.
فهل الشعب المغربي القوي بوحدته المذهبية والدينية وبأصالته الحضارية بحاجة اليوم إلى استيراد مذاهب دينية أجنبية عن تقاليده؟ .
…؛ ولقيام الإسلام على الدعوة للسلم والأمن والوئام ، فقد أدراك المغاربة أن الجهاد في أسمى معانيه ، هو جهاد النفس الأمارة بالسوء وضد الفتنة ، كما أنه اجتهاد وتنافس في العمل الصالح .
…؛ فهل يقبل المغاربة المتشبتون بهذه المقومات الحضارية الدستورية الراسخة أن تأتي شرذمة من الخوارج عن الشرع و والقانون لتضليليهم باسم الدين ؟ …؛ .
مقتطف من الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، بمناسبة عيد العرش المجيد 30/07/2003 .
…؛ لايخفى عليكم أن مظاهر التعصب والتمييز ونزاعات التطرف والانغلاق ورفض الأخر ، أضحت متفشية في أوساط رافضة لكل ماله صلة يالأديان السماوية ، لاسيما رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ويساورنا قلق بالغ تصاعد خطاب الكراهية وارتفاع ضحايا هذه الأفة التي تغذي دوام العنف وعدم الاستقرار … ؛ .
مقتطف من الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، الموجه إلى القمة 15 لمنظمة التعاون الإسلامي ، 4 مايو 2024 ‘ ، بانجول – غامبيا .
1_ بعض المقتضيات الواردة في دستور المملكة :
الفصل 1 : … تستند الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة ، تتمثل في الدين الإسلامي السمح … .
الفصل 3 … الإسلام دين الدولة … .
الفصل 41 … الملك أمير المؤمنين ، وحامي حمى الملة والدين ، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية … يرأس الملك أمير المؤمنين المجلس العلمي الأعلى … .
الفصل 175 … لايمكن أن تتناول المراجعة الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي … .
2 _ التأهيل و الإصلاح المؤسساتي :
o إعادة هيكلة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
o تأسيس المجلس العلمي الأعلى.
o خلق لجنة الفتوى ” تقنين الفتوى ” .
o برامج التكوين لفائدة المرشدين والأئمة .
o تحديث دار الحديث الحسنية .
o تبني سياسة جديدة للتواصل ، ( إذاعة محمد السادس للقرأن الكريم – قناة السادسة – الموقع الاليكتروني لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الرابطة المحمدية للعلماء ) .
o تكوين وتوفير مؤطرين دينيين لفائدة الدول العربية والإفريقية والأوروبية … .
رابعا : المصالحة من داخل المؤسسات السجنية :
إن الوطن غفور رحيم ، لهذا أقر المغرب في سنة 2016 ، استراتيجية جديدة بشأن المعتقلين وموظفي المؤسسات السجنية ، تهدف إلى ضمان أمن وسلامة السجناء ، وتحسين ظروف الاعتقال وإعداد المعتقلين للإندماج الإقتصادي و الاجتماعي .
وفي سنة 2017 ، أطلقت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ” D.G.A.P.R ” ، بالشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء و المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، برنامج ” مصالحة ” الذي يعمل على محاربة التطرف بالاعتماد على التربية الدينية ، والمواكبة النفسية ، وتنظيم أوراش عمل تعنى بالقانون ونشر ثقافة حقوق الإنسان وتقديم تأطير سياسي واقتصادي واجتماعي .
وينبني برنامج ” مصالحة ” ، على أربعة أبعاد أساسية :
البعد الخاص بالتأهيل الديني ، ومايتصل به على مستوى فهم واستيعاب النص الديني بالشكل الصحيح و المكرس لقيم التسامح والإعتدال وحفظ النفس واحترام باقي الأديان التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية السمحاء .
البعد الحقوقي والقانوني : حيث يتم تأهيل السجناء على مستوى فهم واستيعاب وقبول الإطار القانوني المنظم لعلاقة الأفراد بالمجتمع و الدولة وبضوابط النص القانوني ، انطلاقا من جدلية الحقوق والواجبات التي كفلها بشكل أساسي دستور المملكة .
البعد الخاص بالتأهيل و المصاحبة النفسية : انطلاقا من أن الفئة المعنية من السجناء تعش تحولات على مستوى تمثل الذات خلال مراحل متوالية تبدأ بمرحلة ما قبل الاعتقال مرورا بالمحاكمة الجنائية وانتهاءا بتنفيذ العقوبة داخل المؤسسة السجنية .
البعد الخاص بالتأهيل السوسيو اقتصادي : من خلال تأهيل السجناء للعودة إلى المجتمع بمؤهلات ذاتية تمكنه من الاندماج والانخراط في الحياة الإجتماعية والإقتصادية.
إضافة إلى ذلك خصصت للسجناء حصصا لعرض تسجيلات سمعية بصرية لشهادات وأحوال بعض عائلات الضحايا ، بهدف تحسيس السجناء المدانين في قضايا الإرهاب و التطرف بحجم الضرر والأذى الذي كان نتيجة فعلهم على الأفراد والمجتمع علاوة على الضرر الذي يصيب الضحايا مباشرة . كما تم الاهتمام بظروف اعتقالهم وإحاطتهم بكافة الضمانات المؤطرة لكرامتهم وإنسانيتهم .
وتجدر الإشارة أن برنامج ” مصالحة ” ، لقي تجاوبا مهما من طرف السجناء المستفيدين وتطورا هاما على مستوى تمثل الذات وفهم واستيعاب النص الديني ومقاريه القيم الاجتماعية الصحيحة . كما أنه حظي باهتمام السجناء الأخرين الذين عبروا عن اختيار وطواعية الانخراط في برامج التأهيل و المصالحة .
وأختم هذه الدراسة المتواضعة بايات بيانات من الذكر الحكيم ؛
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾
[ سورة البقرة الأية 126 ] .