أبو إياد / مكتب مراكش
في مداخلة وُصفت بأنها أقرب إلى “صرخة جماعية”، حذّر محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، داخل قبة البرلمان، من تزايد حالة الإحباط وسط الشباب المغربي، نتيجة التهميش وضعف الخدمات العمومية وغياب فرص الشغل، مشيراً إلى أن “الحصاد قادم” إذا استمر هذا الوضع دون حلول ملموسة.
أوزين أكد أن آلاف الشباب باتوا يعبّرون عن غضبهم بصمت أو عبر الفضاء الرقمي، بعدما فقدوا الثقة في الشعارات الرسمية والسياسات العمومية. ووصف جيلاً كاملاً بـ”شباب النت”: شباب بلا عمل، بلا تكوين، وبلا أفق، لم يعد يثق في وعود الدولة، ويرى أن البرامج الحكومية مجرد عناوين للاستهلاك الإعلامي لا أثر لها على الأرض.
وأشار الأمين العام للحركة الشعبية إلى استمرار الفوارق الصارخة بين المغرب الرسمي الذي يُجمّل الصورة، ومغرب منسي يعيش التهميش، مستحضراً أمثلة من القرى النائية والأحياء الشعبية، ومذكّراً بتجارب سابقة كحراك الريف، حيث أدى التراكم الاجتماعي إلى انفجار احتجاجات خارج الأطر التقليدية
المعطيات الميدانية تكشف عمق الأزمة:
• معدل البطالة الوطني بلغ 13.3% سنة 2024، أي ما يعادل 1.63 مليون عاطل.
• بطالة الشباب (15-24 سنة) وصلت إلى 36.7%.
• بطالة الخريجين بلغت حوالي 19.6%.
• البطالة في صفوف النساء قاربت 19.4%.
• في المدن ارتفع المعدل إلى 16.9%، بينما استقر في القرى عند 6.8% مع منحى تصاعدي.
هذه الأرقام، حسب أوزين، ليست مجرد مؤشرات تقنية بل “علامة على خلل هيكلي يربط بين التعليم، التكوين، النوع الاجتماعي، والمجال الجغرافي”.
الوضع الصحي لم يسلم من الانتقاد، حيث أبرزت دراسات أكاديمية أن كفاءة المستشفيات العمومية لا تتجاوز 70%، مع خصاص مهول في الأطر والتجهيزات. كما أن المغرب احتل مراتب متأخرة دولياً في جودة الخدمات الصحية (المرتبة 94 من أصل 99 دولة وفق تقرير دولي). هذه المعطيات، إلى جانب ضعف التكوين الطبي وهجرة الكفاءات، عمّقت شعور الشباب بتخلي الدولة عن مسؤولياتها
أوزين شدّد على أن الشباب اليوم لم يعودوا يمرون عبر النقابات أو الأحزاب للتعبير عن غضبهم، بل يلجؤون مباشرة إلى الشارع أو العالم الرقمي. هذا التحول، حسب قوله، يفتح الباب أمام “حراك غير مهيكل” أكثر عفوية، وأحياناً أكثر راديكالية.
وحذّر أوزين من أن استمرار الهوة بين الخطاب الرسمي والواقع قد يقود إلى:
• ارتفاع الهجرة غير النظامية باعتبارها “ملاذاً للهروب”.
• توسع الاحتجاجات العفوية خارج المؤسسات.
• فقدان الثقة في مؤسسات الدولة وتآكل شرعيتها.
ولمواجهة هذه التحديات، أوصى بضرورة:
• الاستثمار الفعلي في الصحة الأولية والتكوين المهني المرتبط بسوق الشغل.
• تقليص الفوارق بين الحضر والقرى عبر عدالة مجالية حقيقية.
• إدماج الشباب في السياسات العمومية عبر آليات تشاركية جديدة.
• تعزيز الشفافية والمساءلة في تدبير الميزانيات العمومية.
خطاب أوزين لم يكن مجرد انتقاد سياسي، بل تنبيه صارخ إلى خطرٍ اجتماعي واقتصادي يلوح في الأفق، في ظل تفاقم البطالة وضعف الخدمات الأساسية وفقدان الثقة. وإذا لم تُترجم البرامج الحكومية إلى نتائج ملموسة، فإن الشباب، بحسب تعبيره، قد يختارون أشكالاً جديدة من المواجهة، قد تكون أكثر راديكالية من مجرد المطالبة بالحقوق.

