الرئيسية آراء وأقلام ما يجب القيام به بعد صدور قانون الاتجار بالبشر

ما يجب القيام به بعد صدور قانون الاتجار بالبشر

received 2027652777476116.jpeg
كتبه كتب في 31 يناير، 2018 - 12:04 صباحًا

 

 

نود الإشارة في المقام الأول ان كتابة هذا المقال جاء في سياق حضورنا لندوة دولية من تنظيم اتحاد القاضيات المغرب بشراكة مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الانسان تحت عنوان حماية حقوق الانسان في سياق مناهضة الاتجار بالبشر؛ و الذي حضرها وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان السيد المصطفى الرميد و العديد من القضاة المغاربة و الأجانب من الأرجنتين و تونس و لبنان و مالي الى جانب المحامون و العديد من الشخصيات الحقوقية . و تم التنويه من طرف الجميع خاصة القضاة الأجانب بالقانون المغربي الذي يعتبر متقدما و موفقا للعديد من الاتفاقيات الدولية حيت أكد ممثلي بعض الدول أنها لازالت تفكر في وضع مسودة قانون تجرم و تعاقب على الاتجار بالبشر.
طل علينا المشرع المغربي بعد العديد من السنوات من الانتظار و بعد العديد من التوصيات الأممية بقانون متميز من حيت التجريم و العقاب و هو قانون 27.14 مكافحة الاتجار بالبشر في المغرب الصادر ب 25 أغسطس 2016 . و بهذا الإنجاز يكون المشرع الجنائي قد دخل الى قائمة التشريعات التي تجرم زمرة من الأفعال التي تخالف النظام العام و الكرامة الإنسانية و التي تعهد ضربا ساخرا لمنظومة حقوق الانسان. كـــما أنه بهذا الحدت كان المشرع قد تمم أحكام الباب السابع من الجزء الأول من الكتاب التالت من القانون الجنائي مما يزيد من توسع المنظومة الجنائية الموضوعية و الشكلية ؛الا انه موقف المشرع المغربي في قانون 27.14 كان موفقا كونه أدخل تثمينيات على فصول موجودة عوض المجيء بنصوص جديدة التي كانت ستزيد من تشتت القانون الجنائي المغربي.
و بالرجوع الى القانون المذكور أعلاه نجد أن المشرع المغربي خصص الفصل الأول لتعريف الاتجار بالبشر و تحديد بعض صوره محاولة من المشرع تقريب هذه الجريمة و محاولة تبسيط أركانها خاصة أنها من الجرائم الغير المتعود عليها منذ الأزل كمختلف الجرائم كالقتل و التسميم و السرقة و النصب و الاغتصاب… أما باقي الفصول فهي خصصت لمختلف العقوبات و صور ظروف التشديد التي ترفع من العقوبة ؛علاوة على أسباب الاعفاء من العقاب كإعفاء أحد الجناة الذي بلغ السلطات المختصة قبل ارتكاب الجريمة و في الأخير تتميم بعض نصوص قانون المسطرة الجنائية و التنصيص على بعض الإجراءات الخاصة كالتعرف الاني على هوية الضحية و جنسيتها و سنها علاوة على إمكانية ترخيص للضحية الأجنبي بالبقاء بتراب المملكة الى غاية انتهاء من إجراءات المحاكمة. كما لا يمكن اغفال التعديل الذي أدخل على قانون 23.86 النتعلق بتنظيم المصاريف القضائية حيت تم اعفاء ضحايا الاتجار بالبشر من مختلف الرسوم القضائية المرتبطة بالدعوى المدنية و هذا الاعفاء مستمر حتى في مراحل الاستئناف و التنفيذ المقررات القضائية.
الا ان النص الزجري و المقاربة القانونية وحدها لا تعد كافية في محاربة الظاهرة الاجرامية خاصة المنظمة منها كجريمة موضوع الدراسة؛ و عليه فانه يجب أولا تنزيل نصوص قانون 27.14 و تفعيل مقتضياته خاصة كما سبقت الإشارة انه من الجرائم الجديدة و التي وجدت أجهزة العدالة الجنائية المغربية صعوبة في استيعابها و تفعيلها و سنتولى ذكر بعض الصعوبات التي واجهتها :
1. تعقد أركان جريمة الاتجار بالبشر و صعوبة الإحاطة بصورها؛ و هذا ما أكدته مذكرة وزارة العدل و الحريات حيت اكدت ان النيابة العامة لم تتمكن من ضبط هذه الجريمة و غياب الأرقام التي تعطي صورة حول هذه الجريمة مما جعلها مضطرة الى اصدار مذكرة توضح فيها اركان هذه الجريمة و إعطاء بعض مظاهرها كتفشي هذه الجريمة عن طريق وساطة وكلات الوساطة في خدم المنازل و وكالات الأسفار؛ علاوة على هجرة المغربيات الى دول الخليج .
2. تكييف الوقائع المرتكبة بأوصاف أخرى مما جعل جرائم الاتجار بالبشر تتستر داخل جريمتي التسول و الفساد . و هذا ما يدل على صعوبة هضم جريمة الاتجار بالبشر مما سيجعل مرتكبيها في منأى عن المتابعة.
و عليه لتجاوز هذه الوضعية الراهنة نقترح ترسانة من التوصيات و هي كالاتي
1. ضرورة اشتغال المجلس اّلأعلى للسلطة القضائية بشراكة مع وزارة العدل على التكوين المستمر للقضاة على هذا الموضوع وحت المسؤولين القضائيين على ذلك ؛ و ذلك بتنظيم ندوات على مستوى الدوائر الاستئنافية و المحاكم الابتدائية و جعل الحضور اليها الزاميا تحت طائلة التأديب كما نود التأكيد على دور رئاسة النيابة العامة خاصة قطب النيابة العامة المتخصصة بإصدار مناشير و دوريات باعتبارها أضحت حاليا هي صاحبة الاختصاص. كما نستحضر دور هيئات المحامين في ذلك و الجمعيات المهنية للقضاة.
2. التنسيق بين مختلف أجهزة الضابطة القضائية من نيابة عامة و شرطة قضائية و ذلك بعقد اجتماعات دورية و تبسيط لهم أركان هذه الجريمة و حتهم على تخصيص أجهزة متخصصة على مستوى الشرطة القضائية لاستقبال ضحايا الاتجار بالبشر و تمكينهم من الاتصال بالممثلين الدبلوماسيين لبلدهم بالنسبة للضحايا الأجانب.
3. العمل على ادخال التعديلات على مشروعي القانون الجنائي و قانون المسطرة الجنائية لتجاوز نواقص القانون الحالي .
4. الإسراع بإخراج النص التنظيمي المتعلق باللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر و الوقاية منه؛ و في هذا الصدد فان النص التنظيمي لازال مطروح على الأمانة العامة للحكومة .
5. اعداد دليل عملي حول جريمة الاتجار بالبشر قصد تسهيل التعامل معها و تشجيع فعاليات المجتمع المدني على الاشتغال عليها.
6. العمل داخل وحدات البحت و التكوين على مستوى الجامعات على هذا الموضوع؛ و تشجيع الفقه القانوني على البحت فيه و الكتابة فيه. فكل موضوع أسهب الفقه فيه سهل ضبطه و فهمه.

نوفل الادريسي
باحت حقوقي بكلية الحقوق الرباط
عضو في العديد من منظمات المجتمع المدني

 

 

مشاركة