نشرت “لجنة الحريات الفردية والمساوة”، اليوم الثلاثاء، تقريرها المتضمن مقترحات إصلاحية تخص مواضيع حساسة في تونس، داعية خصوصا إلى المساواة في الإرث وإلغاء عقوبة الإعدام.
وشكل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي اللجنة في أغسطس 2017، وكلفها بإعداد تقرير يتضمن إصلاحات تشريعية متعلقة بالحريات الفردية والمساواة بما ينسجم مع نص دستور 2014.
وقدمت “لجنة الحريات الفردية والمساواة”، الجمعة، تقريرها للرئيس السبسي في انتظار إحالته على البرلمان.
تقسيم الميراث
وتضمن التقرير العديد من المقترحات الإصلاحية، التي تخص مواضيع شائكة من بينها قضية المساواة في الإرث، والتي آثارت جدلا واحتجاجات غير مسبوقة في العالم الإسلامي.
واقترح معدو التقرير مشروع قانون ينص على المساواة في الإرث بين الرجال والنساء، الذين تربطهم صلة قرابة أولى، أي الأشقاء والشقيقات والأبناء والبنات والأب والأم والزوج.
وترث المرأة وفقا للتشريع التونسي نصف نصيب أشقائها الذكور، كما جاء في القرآن.
لكن المشروع يترك للأفراد الذين يرفضون هذه المساواة حرية توزيع الإرث في شكل مختلف.
ويعلل التقرير المساواة في الإرث بتغير المجتمع وتطور دور المرأة، التي أصبحت تتقاسم مع الرجل المسؤوليات المالية داخل الأسرة.
المساواة والإعدام والمثلية
وأوضح التقرير أنه رغم الإصلاحات التي طرأت على التشريع التونسي بعد الاستقلال في 1956، وخصوصا بإحداث مجلة الأحوال الشخصية ومنع تعدد الزوجات، فإنه “لم يواكب في بعض الجوانب التحولات العميقة التي طرأت على البنية الاجتماعية”.
وأكد نص التقرير على الدور الفاعل للمرأة في المجتمع والحياة الاقتصادية، ملاحظا أن “ولوج المرأة سوق الشغل مكّن من زعزعة المشهد التقليدي الذي كان يقوم على مبدأ تقسيم جنسي للوظائف… ولم يعد الزوج/الأب هو المسؤول الوحيد عن تسيير المؤسسة العائلية”.
ومن بين القوانين المثيرة للجدل، التي اعتبرتها اللجنة مخلّة بالحقوق والحريات الفردية، فصل قانوني في المجلة الجزائية يجرّم المثلية.
واقترحت اللجنة إلغاء هذا الفصل القانوني أو معاقبة المثليين بغرامة مالية قدرها 500 دينار، مع التخلي عن ما أسمته بوسائل الإثبات “غير الإنسانية والمهينة” بما فيها الفحوص الشرجية.
ورأت اللجنة بأنه لا يوجد موجب لتجريم المثلية الجنسية في غياب المجاهرة أو العنف، بما يجعل هذه العلاقات مكونا من مكونات الحياة الخاصة.
كما تطرق التقرير إلى عقوبة الإعدام وقدم اقتراحين في هذا الصدد، إمّا إلغاء العقوبة تماما، وإما تطبيقها في الجرائم التي تتسبب بالموت، على أن يستثنى منها المحكومون القاصرون والنساء الحوامل كما نصت المعاهدات الدولية.
مآلات “التقرير الثورة”
واعتبرت رئيسة اللجنة، بشرى بلحاج حميدة، أن هذا التقرير “ثورة في مجال الحرّيات، مماثل للثورة التي أحدثتها مجلّة الأحوال الشخصية في خمسينيات القرن الماضي”.
وعبرت حميدة، في تصريح لاحدى المنابر ، عن أملها في أن يحدث التقرير “حوارا مجتمعيا هادئا بعيدا عن العنف”.
وفيما يتعلّق بوجود مقترحات لا تلغي العديد من الفصول القانونية محل الانتقادات من قبل نشطاء حقوقيين على غرار تجريم المثلية، قالت حميدة إن التقرير تضمّن مقترحات مختلفة يمكن من خلالها ضمان الحد الأدنى من الحرّيات في حال عدم حصول إجماع حولها.
وتطرح تساؤلات في الأوساط الإعلامية حول مآل هذا التقرير، وكيفية تحويله إلى قوانين ملزمة.
وقال عضو لجنة الحقوق الفردية والمساواة وأستاذ القانون الدستوري، سليم اللغماني، إن رئاسة الجمهورية ستنظر في المرحلة المقبلة في المقترحات التي تضمنها التقرير، قبل أن يتم استدعاء العديد من الوزارات المعنية لإبداء رأيها في عدد من الموضوعات التي تضمنها.
وأكد اللغماني، في تصريح لـاحدى المناير الاعلامية ، على أن تقرير اللجنة يضم جوانب إدارية وأخرى قانونية يمكن لرئاسة الجمهورية، بعد إجراء نقاشات حولها، تقديمها في شكل مبادرات تشريعية إلى نواب الشعب للنظر فيها.