كلمة السيد وزير العدل بمناسبة الاجتماع مع المديرين الفرعيين و المسؤولين الإداريين ليوم الأربعاء 27 ماي 2020

نشر في: آخر تحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين
حضرات السيدات و السادة الافاضل ؛
يسعدني أن ألتقي بكم مجددا في هذا الاجتماع الدوري الذي نعقده عبر تقنية المناظرة المرئية ( visioconférence ) لمتابعة تنفيذ و تنزيل الإجراءات و التدابير التي اتخذناها على مستوى وزارة العدل لمحاصرة تفشي وباء كورونا المستجد ( كوفيد 19 ) بقطاع العدل ، و تقييم هذه التدابير ، و مناقشة التدابير الجديدة التي يتعين اتخاذها خلال المرحلة المقبلة ، تزامنا مع رفع حالة الطوارئ الصحية ، و تمهيدا لعودة المحاكم لاستئناف عملها من جديد .
لكن وقبل ذلك ، دعوني أتوجه إليكم جميعا ، و من خلالكم إلى كل السيدات و السادة أطر و موظفي هيئة كتابة الضبط بكل محاكم المملكة بأجمل التهاني و أطيب التبريكات بمناسبة عيد الفطر السعيد ، سائلا المولى سبحانه و تعالى أن يُهِل علينا هذه المناسبة السعيدة بمزيد من اليمن و البركات ، و الخير و النماء و أن يرفع عنا هذا الوباء ، و يقينا شر البلاء ، و يتقبل منا و منكم صالح الأعمال.
حضرات السيدات و السادة الافاضل ؛
إن ما تعيشه بلادنا هذه الأيام من ظروف خاصة و استثنائية بسبب وباء كورونا المستجد ، جعل الحكومة تتعبأ تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده لاتخاذ عدد من الإجراءات و التدابير التي من شأنها محاصرة هذا الوباء و الحد من انتشاره و تفشيه ، و ضمان الأمن الصحي للمواطنين .
و وزارة العدل ، و من منطلق مسؤوليتها لضمان الامن الصحي داخل فضاءات المحاكم ، و حماية السادة القضاة و موظفي كتابة الضبط و مساعدي القضاء و المتقاضين و المرتفقين ، بادرت بدورها إلى اتخاذ عدد من الإجراءات التي عبرت عنها في البلاغات الصادرة عنها بهذا الخصوص منذ بدئ هذه الازمة ، سواء تعلق الأمر بتعليق انعقاد الجلسات بمختلف محاكم المملكة ، أو التدابير الخاصة بتنظيم العمل و تعزيز حماية العاملين بالإدارة المركزية و المصالح اللاممركزة و المحاكم ، او التدابير اللوجستيكية المتعلقة بالتنظيف و التعقيم و التطهير ، أو تعزيز التداول اللامادي للخدمات و الإجراءات عن بعد .
و في إطار التقييم الموضوعي لهذه القرارات ، يمكنني القول أن ما اتخذناه من إجراءات و تدابير كان لها الدور الإيجابي و الفعال في حماية السادة القضاة و موظفي هيئة كتابة الضبط و مساعدي القضاء و المتقاضين و المعتقلين و المرتفقين ، و حظيت بإشادة و تنويه كل المتدخلين في منظومة العدالة ، و أبانت عن الدور الطلائعي الذي تضطلع به وزارة العدل مع شركائها الآخرين في توفير شروط العمل الصحية داخل المحاكم ، و ضمان استمرارية أداء مرفق القضاء في تقديم خدماته للمواطنين بشكل طبيعي في ظل هذه الظروف الصعبة و الاستثنائية .
فعلى مستوى الإجراءات الوقائية ، أود التذكير أنه خلال الفترة الممتدة من 17 مارس 2020 إلى غاية يوم أمس 26 ماي 2020 تم القيام بما يلي :
 اقتناء ما مجموعه 275.000 كمامة واقية تم توزيعها على كل محاكم المملكة .
 إجراء أكثر من 4000 تدخل لتعقيم فضاءات و مرافق بنايات المحاكم و المديريات الفرعية و الإدارة المركزية .
 توفير 13.500 قنينة للسائل المعقم متوسطة الحجم .
 توفير 1775 قنينة من سعة 01 ليتر مخصصة لتعبئة الموزعات المثبتة على الجدران .
 اقتناء و توزيع كمية كبيرة من مواد التنظيف و التطهير .
 الاستعانة بحوالي 1500 عامل نظافة بجميع محاكم المملكة للسهر على عمليات التنظيف و التطهير .
هذا و ستكون الفرصة امامنا لتقديم معطيات أكثر دقة و تفصيلا عن كل هذه العمليات خلال الأسبوع المقبل أمام لجنة العدل و التشريع و حقوق الانسان بمجلس النواب في إطار جلسة خاصة تم استدعاؤنا إليها من طرف البرلمان .
أما على مستوى الخدمات الرقمية و التواصل عن بعد ، فإن القرار الذي تم اتخاذه بالتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية و رئاسة النيابة العامة بشأن محاكمة المعتقلين في السجون عن بعد ، حظي بإشادة كبيرة من طرف كل الفاعلين و لقي نجاحا باهرا ، و ساهم في حماية المعتقلين و السجناء و موظفي المؤسسات السجنية و القضاة و موظفي المحاكم من خطر نقل عدوى الفيروس من و إلى السجون ، سيما بعد تسجيل مجموعة من الإصابات ببعض المؤسسات السجنية ، و في هذا الإطار أشير إلى ان هذه العملية انطلقت رسميا بجميع محاكم المملكة يوم 27 أبريل 2020 ، بإشراف شخصي من وزير العدل و الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و رئيس النيابة العامة ، و هي ثمرة مجهود مشترك بين مختلف الفاعلين و المتدخلين في هذه العملية ، بما فيها المندوبية العامة لإدارة السجون واعادة الادماج ومختلف هيئات المحامين بالمغرب.
و قد قامت الوزارة بهذا الخصوص بإنشاء ما يناهز 190 حسابا إلكترونيا وزعتها بين المحاكم و المؤسسات السجنية، و تم التنسيق مع المسؤولين القضائيين والمديريات الجهوية لإدارة السجون، لتجهيز المحاكم وقاعات مهيأة على مستوى المؤسسات السجنية بحواسيب معدة لهذه العملية وتم تثبيت البرامج اللازمة.
و اليوم ، و بعد مرور أربعة (04) أسابيع على اعتماد هذه التقنية ، يحق لنا أن نفتخر بالنتائج الواعدة التي تم تحقيقها و التي تعكسها الأرقام و الإحصائيات المسجلة ، و هي كما يلي :
 مجموع عدد الجلسات عن بعد التي عقدتها محاكم المملكة : 1209 جلسة.
 مجموع القضايا التي تم إدراجها خلال هذه الجلسات: 18.535 قضية .
 مجموع الأحكام القضائية التي صدرت خلال هذه الجلسات: 7472 حكما قضائيا .
 عدد المعتقلين الذين تمت محاكمتهم بهذه التقنية :20.544 معتقلا .
 عدد المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم بعد محاكمتهم بهذه التقنية : حوالي 650 معتقلا إما بسبب تمتيعهم بالسراح المؤقت أو التصريح ببراءتهم أو تخفيض العقوبة الحبسية الصادرة في حقهم أو تأييدها .
كل ذلك في جو يضمن العلنية و الحضورية و التمتع بكل ضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية و المواثيق الدولية،و يضمن الامن المعلومياتي، و يحترم التوجيهات الصادرة عن مديرية أمن نظم المعلوميات التابعة لإدارة الدفاع الوطني.
و اسمحلولي حضرات السيدات و السادة الأفاضل أن أتوجه إليكم بكل عبارات التقدير و الإشادة و التنويه على المجهود الكبير الذي بذلتموه على مستوى المديريات الفرعية و كتابات الضبط لضمان حسن تنزيل هذا الإجراء الذي نعتبره إجراءا تاريخيا سيمكننا من اقتحام عالم الرقمنة و التواصل عن بعد في العمل القضائي من أوسع أبوابه ، و هي مناسبة أيضا لأنقل لكم من خلالها إشادة شركائنا في منظومة العدالة بهذا العمل المميز ، و ارتياحهم للنتائج المحققة و التي كان لكم الدور الكبير في تحقيقها بفضل انخراطكم و تعبئتكم لكل الإمكانيات و الوسائل و المجهودات لكسب هذا التحدي ، فلكم مني كل الشكر و الامتنان و التقدير و العرفان على هذا العمل المميز.
و في نفس السياق أيضا ، سياق التحديث و الرقمنة ، أود الإشارة إلى انه رغم توقف المحاكم عن أداء عملها خلال فترة الطوارئ الصحية ، فإن الخدمات الرقمية التي توفرها الوزارة للمتقاضين و المرتفقين مكنت هؤلاء من استمرار استفادتهم من هذه الخدمات دون توقف ، و دون حاجة للحضور إلى المحاكم و في هذا الإطار أقدم لكم الإحصائيات و المؤشرات التالية المتعلقة بالفترة من بداية حالة الطوارئ الصحية أي من 20 مارس 2020 إلى غاية يوم امس 26 ماي 2020 :
 عدد الطلبات المتعلقة بالحصول على السجل التجاري : 30.370 طلبا تمت معالجتها بالكامل .
 عدد الطلبات المتعلقة بالحصول على السجل العدلي : 7083 طلبا تمت معالجتها بالكامل .
 عدد طلبات المتعلقة بإيداع القوائم التركيبية الخاصة بالشركات التجارية : 820 طلبا تمت معالجتها بالكامل .
 عدد عمليات البحث في موقع mahakim.ma الذي يقدم خدمات بشأن مآل القضايا و الملفات القضائية : 1.029.233 عملية بحث .
 عدد زوار الموقع للإطلاع على الخدمات الرقمية التي توفرها الوزارة : 233.237 زائرا .
 عدد المحامين الذين أنشأوا حسابات في منصة المحامي للتبادل الإلكتروني مع المحاكم : 155 محاميا .
 عدد المقالات التي تم إيداعها عبر هذه المنصة الإلكترونية : 205 مقالا.
حضرات السيدات و السادة الأفاضل ؛
إذا كنا قد نجحنا في محاصرة تفشي الوباء بالمحاكم و المؤسسات السجنية و بين صفوف مختلف العاملين في منظومة العدالة بفضل الإجراءات و التدابير التي تم إقرارها ، و التي أشرفتم أنتم على حسن تنزيلها ، فإن التحدي الأكبر و الرهان الأصعب هو ما يتعلق بالفترة القادمة ، فترة ما بعد رفع حالة الطوارئ الصحية و عودة العمل إلى الإدارات و المرافق العمومية و استئناف المحاكم لعملها و أداء خدماتها للمتقاضين و المرتفقين ، و هي وضعية تفرض علينا التعايش مع الوباء بكثير من الحيطة و الحذر و الصرامة و الحزم لمنع تسربه إلى المحاكم و انتشاره بين صفوف العاملين بها .
و في هذا السياق أود إخباركم أن اجتماعا رباعيا عُقد خلال الأسبوع الماضي بمقر المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، ضم الرئيس المنتدب لهذا المجلس و رئيس النيابة العامة و وزير العدل و رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب ، خصص لتدارس و مناقشة مراحل عودة العمل إلى المحاكم و ترتيب الجلسات و التي يتعين استئنافها حسب الاولوية .
و قد كان هذا الاجتماع مناسبة عبًرتُ من خلالها على أهمية المقاربة التشاركية مع المديريات الفرعية و جهاز كتابة الضبط لتدبير هذه المرحلة و التشاور مع جميع المكونات و الفاعلين لضمان عودة طبيعية للعمل وفق تصورات و أفكار نابعة من المهنيين و الممارسين على أرض الميدان ، و بناء على ظروف و حاجيات و إكراهات و خصوصية كل محكمة على حدة و كل دائرة قضائية على حدة .
و لذلك فإن هذا الاجتماع الذي نعقده اليوم يأتي في سياق تكريس هذه المقاربة التشاركية التي التزمنا بها في تدبير شؤون القطاع ، حيث ننتظر منكم اليوم مدنا باقتراحاتكم و تصوراتكم بشأن المرحلة المقبلة و كيفية تدبير شؤون الإدارة القضائية في ظل حالة التعايش مع الوباء ، و بما يضمن حسن أداء المحاكم لعملها و يضمن أيضا السلامة الصحية لكل العاملين و المتقاضين و المرتفقين.
من جهة أخرى أود إخباركم أنه انسجاما مع المنشور الصادر عن السيد وزير الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة تحت عدد 04/2020 بتاريخ 22 ماي 2020 ، بشأن إجراءات و تدابير العمل بالمرافق العمومية بعد رفع حالة الطوارئ الصحية ، فإننا نعتزم إصدار دليل خاص يتعلق بالتدبير الإداري للمحاكم خلال فترة ما بعد رفع حالة الطوارئ ، دليل سننجزه في إطار المقاربة التشاركية مع ممثلي هيئة كتابة الضبط و بالتنسيق مع المسؤولين القضائيين و الإداريين بالمحاكم و المديرين الفرعيين ، و ننتظر منكم مدنا باقتراحاتكم بشأنه .
كما نعتزم توجيه دوريات و مناشير إليكم ، تتضمن توجيهات تتعلق بالإجراءات الواجب اتخاذها من حيث التعقيم و التطهير و التنظيف ، و توفير كل وسائل الوقاية لفائدة العاملين بالمحاكم ، و تنظيم ولوج المتقاضين و المرتفقين إليها ، و ضمان الحصول على الخدمات الإدارية و القضائية .
حضرات السيدات و السادة الافاضل :
إن وزارة العدل إذ تجدد إلتزامها بدعم المجهود الوطني لمواجهة تفشي هذا الوباء ، و الانخراط في الاستراتيجية الوطنية التي أقرتها الحكومة بهذا الخصوص ، فإنها تؤكد أنها تضع كل إمكانياتها المادية و البشرية و اللوجستيكية لتحقيق الأهداف المرسومة من طرف الحكومة ، بالتنسيق التام مع المسؤولين القضائيين و الإداريين بالمحاكم ، كما تثمن عاليا الانخراط الإيجابي للسادة القضاة و موظفي هيئة كتابة الضبط و كل مكونات منظومة العدالة في المجهودات المبذولة لمحاصرة هذا الوباء و الحد من تفشيه ، و التضحيات الجسام التي يقدمونها لضمان استمرارية العمل داخل المحاكم و فرض احترام القانون في ظل هذه الظروف الصعبة التي تجتازها بلادنا .
كما تؤكد الوزارة حرصها على تعزيز المقاربة التشاركية مع كل الفرقاء و الشركاء في منظومة العدالة لتنزيل أي إجراء أو تدبير يهم سير العمل بالمحاكم خلال الفترة المقبلة ، و تدعو الجميع إلى المزيد من التعبئة و الانخراط في هذه الملحمة الوطنية الكبرى التي لا يمكن إلا ان نخرج منها منتصرين ، متحدين ، أقوياء ، مستشرفين للمستقبل بآفاق واعدة .
مرة أخرى أشكركم جزيل الشكر على ما تقومون به من جليل الأعمال ، و على ما تبذلونه من مجهودات و تضحيات في سبيل الارتقاء بمرفق العدالة و خدمة المتقاضين ، و اشكركم على حضوركم لهذا الاجتماع و على حسن الإنصات و الاستماع ، و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته .

اقرأ أيضاً: