يوم دراسي حول موضوع:
“إ شكالات المعالجة الالكترونية لمخالفات السير المتعلقة بالرادار الثابت وسبل تجاوزها”
18 فبراير 2019 بمقر رئاسة النيابة العامة
بسم الله الرحمان الرحيم؛
السيدات والسادة القضاة المحترمون؛
السيد ممثل وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء؛
السيد ممثل اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير؛
السيدات والسادة أطر كل من وزارة العدل وكتابة الدولة المكلفة بالنقل؛
أيها الحضور الكريم.
يطيب لي أن أرحب بكم في رحاب مقر رئاسة النيابة العامة الذي يحتضن أشغال هذا اليوم الدراسي الهام، كما أغتنم هذه المناسبة لأعبر لكم عن سعادتي لمشاركتكم افتتاح أشغال هذا اليوم الدراسي نيابة عن السيد الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة الذي كان حريصا على الحضور شخصيا للجلسة الافتتاحية إلا أن التزامه بمهمة خارج أرض الوطن حال دون ذلك.
حضرات السيدات والسادة؛
إن انعقاد هذا اليوم الدراسي يأتي تخليدا لليوم الوطني للسلامة الطرقية الذي يصادف 18 فبراير من كل سنة، فهذا اليوم يشكل وقفة تأمل للوقوف على المجهودات التي تم بذلها من طرف مختلف الفاعلين في منظومة السلامة الطرقية وتقييمها وتطوير وتفعيل آليات الوقاية من حوادث السير، وبهذه المناسبة ارتأت رئاسة النيابة العامة أن تخصص هذا اليوم الدراسي لموضوع من الأهمية بما كان ألا وهو موضوع “إشكالات المعالجة الالكترونية لمخالفات السير المتعلقة بالرادار الثابت وسبل تجاوزها” وذلك لما تشكله المعالجة القضائية الالكترونية لمحاضر السير من آلية قانونية تساهم في الرفع من مؤشرات السلامة الطرقية.
ولعل التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله الموجهة إلى حكومته إثر ترأس جلالته لاجتماع اللجنة الوزارية للسلامة الطرقية يوم 18 فبراير 2005 لاتخاذ جميع التدابير الكفيلة للتخفيض من عدد حوادث السير والحد من عواقبها التي شكلت نقطة إعلان يوم 18 فبراير من كل سنة يوما وطنيا للسلامة الطرقية، لدليل كبير على إهتمام السدة العالية بالله بهذا الموضوع.
حضرات السيدات والسادة؛
لا يخفى على حضراتكم أن حوادث السير ببلادنا تخلف يوميا مقتل 10 أشخاص وإصابة 250 آخرين بجروح، كما تؤدي سنويا إلى وفاة أكثر من 3500 شخص وإصابة 12 ألف آخرين بجروح بليغة، كما تكلف حوالي 2.5% من الناتج الداخلي الخام، أي حوالي 17 مليار سنتيم سنويا، مما يؤكد على ان حوادث السير تشكل معضلة حقيقية تؤثر على مختلف التطلعات التنموية لبلادنا في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية. وحسب تقرير البنك الدولي فإن قيمة الخسائر الاقتصادية لحوادث السير 65 و 100 مليون دولار.
وإذا كانت الأسباب المؤدية لحوادث السير متعددة، فإن تجاوز السرعة القصوى المسموح بها قانونا من طرف السائقين يبقى أحد الأسباب الرئيسة في وقوع حوادث السير، مما دفع بالمشرع في قانون 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق إلى إحداث نظام المعاينة الآلية لهذه المخالفة عبر رصدها بالرادارات الثابتة ومعالجتها إلكترونيا سواء على مستوى السلطة الحكومية المكلفة بالنقل أو على مستوى المحاكم.
وللإشارة فقد سجلت محاكم المملكة خلال سنة 2018 ما يناهز 1.445.113.00 مخالفة متعلقة بتجاوز السرعة المسموح بها قانونا متعلقة فقط بالرادار الثابت، منها 1.436.516 من المخالفات و8597 من الجنح، مما يبين بجلاء تصاعد مؤشرات هذه المخالفة رغم أنه يوجد فقط 140 رادار ثابت في جميع طرقات التراب الوطني، بغض النظر عن المخالفات الغير المدرجة في هذا الإحصاء التي يتم فيها أداء الغرامة التصالحية والجزافية داخل أجل 30 يوما من تاريخ تبليغ الإشعار بالمخالفة التي لاتصل إلى المحاكم ولايتم فيها تحريك الدعوى العمومية، ولكم أن تتخيلوا معي كم سيصل مؤشر هذه المخالفة بعد أن يتم تثبيت حوالي 500 رادار جديد خلال هذه السنة.
حضرات السيدات والسادة؛
تشكل المعالجة الالكترونية لمخالفات وجنح السير المتعلقة بالرادار الثابت مظهر من مظاهر العدالة الرقمية التي شهدتها المحاكم المغربية في إطار تنفيذ الأهداف الاستراتيجية الكبرى لميثاق إصلاح منظومة العدالة في شقها المتعلق بتحديث الإدارة القضائية، ولبنة أولى من لبنات المحكمة الرقمية.
وقد جاء وضع هذا النظام المعلوماتي الخاص بالمعالجة الالكترونية لقضايا السير تفعيلا للمقتضيات القانونية التي جاءت بها بمدونة السير على الطرق في هذا الإطار خاصة المادة 199 منه لتأمين توجيه المحاضر المتعلقة بتجاوز السرعة المرصودة عبر الرادار الثابت من السلطة الحكومية المكلفة بالنقل إلى المحاكم قصد معالجتها واتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها على مستوى النيابة العامة وقضاء الحكم.
وحتى تكون هذه المعالجة الالكترونية قيمة مضافة لأداء المرفق القضائي في البت في قضايا السير سواء على مستوى الفعالية أو النجاعة القضائية، حرصت رئاسة النيابة العامة في إطار إشرافها على تتبع وتنفيذ السياسة الجنائية في مجال قضايا السير والسلامة الطرقية على تقييم سير النظام المعلوماتي للمعالجة الالكترونية لمخالفات السير المتعلقة بالرادار الثابت بتنسيق مع مختلف الفاعلين المتدخلين في هذا النظام ورصد الإشكالات والصعوبات التي تعترض تفعيله على الوجه الأمثل، حيث تم حصر بعض هذه الإشكالات التي يرتبط البعض منها بما هو تقني، فيما يرتبط البعض الآخر منها بجوانب موضوعية ذات صبغة قانونية.
حضرات السيدات والسادة؛
مما لا شك فيه أن هذا اليوم الدراسي سيكون وقفة تأمل أخرى من طرفكم كقضاة وأطر إدارية قانونية وتقنية لتقييم مدى فعالية النظام المعلوماتي للمعالجة ومناقشة مختلف الإشكالات القانونية والتقنية التي تصادفكم في عملكم القضائي والاداري اليومي والحلول التي تقترحونها للخروج بأفكار وتصورات كفيلة بإعطاء فعالية أكثر لهذا النظام وتحقيق الحكامة القضائية في تدبير المحاضر الالكترونية لمخالفات السير و بالتالي المساهمة في الرفع من مؤشرات السلامة الطرقية ببلادنا.
وختاما لا يسعني إلا أن أجدد بكم الترحاب، مع متمنياتي لكم جميعا بالتوفيق في نجاح أشغال هذا اليوم الدراسي. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
نذكر من أهمها:
* -الإشكال الأول: على مستوى عدم تعميم النظام المعلوماتي على جميع المحاكم.
عند بداية تفعيل النظام المعلوماتي كانت محاضر المخالفات المتعلقة بتجاوز السرعة المحددة قانونا تحال في إطار الاختصاص على المحاكم التي يوجد بدائرة نفوذها الرادارات الثابتة مكانيا، مما يجعل النيابات العامة تعرف سيلا من المخالفات التابعة عناوين مرتكبيها للنفوذ الترابي لمحاكم ابتدائية أخرى، وقد أثر ذلك أثر سلبا على المعالجة القضائية لهذه المخالفات سواء على مستوى التبليغ او التنفيذ خاصة أن التطبيقية المعلوماتية تحدد مكان الأداء في صندوق المحكمة التابع لها مكان ارتكاب المخالفة وليس في غيره، مما يتعذر عليها تلبية طلبات المخالفين الذين يرغبون في أداء مخالفات ارتكبت في جهات أخرى، حيث يتراجعون عن إبراء ذممهم لكون تكلفة تنقلهم أحيانا لوجهة الأداء أكبر من مبلغ المخالفة خاصة أن أغلب المحاكم لم تكن تتوفر على هذا النظام المعلوماتي.
ولتجاوز هذا الإشكال تم تعميم النظام المعلوماتي على جميع المحاكم بعد أن تم الاتفاق على إحالة المحاضر على المحكمة التي يوجد بها محل إقامة المخالف بدلا من محكمة مكان ارتكاب المخالفة كما كان معمول به سابقا، كما أصبح بإمكان المخالفين في إطار وحدة الصندوق بالمحاكم أداء مبلغ الغرامات بجميع صناديق محاكم المملكة دون تحمل عناء التنقل إلى مقر المحكمة المختصة مصدرة السند التنفيذي او الأمر القضائي في الجنح أو الحكم القضائي، وهو ما ساهم في تجويد الخدمة القضائية في هذا الشأن ورفع العبء على المرتفقين.
* الإشكال الثاني: على مستوى إستخلاص الغرامات خارج النظام المعلوماتي.
في ظل عدم توفر بعض المحاكم على النظام المعلوماتي الخاص بالمعالجة بادرت بعض النيابات العامة بهذه المحاكم إلى استخلاص الغرامات المتعلقة بمخالفات السير التي يتقدم مرتكيبوها للأداء في إطار السند التنفيذي وتضمينها في السجلات العادية، غير أنه تبقى مسجلة في النظام المعلوماتي لمحكمة أخرى توصلت بالمحضر إلكترونيا مع احتمال إمكانية إصدار حكم بشأنها رغم أداء المخالف لمبلغ الغرامة في محكمة أخرى.
ولحل هذا الإشكال عملت رئاسة النيابة العامة على حصر هذه الحالات وحذفها من النظام المعلوماتي المركزي لتفادي إمكانية مطالبة المخالف بالأداء مرة أخرى.
*الإشكال الثالث: على مستوى غياب بعض الوظائف التطبيقية في النظام المعلوماتي.
كان النظام المعلوماتي لايتوفر على بعض الوظائف التطبيقية التي تسمح للنيابات العامة بتفعيل بعض الآليات القانونية في المعالجة القضائية للمحاضر خاصة آلية السند التنفيذي والإحالة للاختصاص في بعض الحالات، وهو ما أثر سلبا على معالجة عدد كبير من المحاضر في هذا الشأن، لهذا تم تحيين النظام المعلوماتي بإدخال خانة خاصة بالسند التنفيذي والإحالة للاختصاص، وبالتالي تحقيق فعالية قضائية ناجعة في معالجة المحاضر.
*الإشكال الرابع: إغفال تفعيل بعض الوظائف التطبيقية في النظام المعلوماتي.
لوحظ من خلال تتبع النظام المعلوماتي أن النيابات العامة تغفل تفعيل بعض الوظائف البرمجية المتوفرة في النظام المعلوماتي خاصة الإشعار بصدور مقرر قضائي المنظم بمقتضى المادتين 236 و237 من مدونة السير على الطرق مما كان يعتبر معه تأخرا في معالجة القضايا المعنية لهذا تم تنبيه النيابات العامة إلى هذا الأمر.
كانت تلكم أهم الإشكالات التي وقفت عليها رئاسة النيابة العامة في إطار مراقبتها لأعمال النيابة العامة بهذا الشأن